الطفلة ورد الناجية من مجزرة أودت بوالدتها و5 من أشقائها في غزة: كل إخوتي ماتوا.. نفسي نرجع مع بعض

منذ 3 شهور
الطفلة ورد الناجية من مجزرة أودت بوالدتها و5 من أشقائها في غزة: كل إخوتي ماتوا.. نفسي نرجع مع بعض

نجت الطفلة ورد الشيخ خليل ذات الخمس سنوات من مجزرة إسرائيلية عندما قصفت مدرسة فهمي الجرجاوي في مدينة غزة، ما أدى إلى استشهاد 31 فلسطينياً نازحاً.

الطفلة الفلسطينية ورد الشيخ خليل، البالغة من العمر خمس سنوات، إحدى الناجيات من مذبحة وحشية شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي، لم تتعلم بعد الحروف الأولى من الأبجدية. ومع ذلك، وبصوت مرتجف وكلمات بريئة، روت فصلاً من فصول “الإبادة الجماعية” التي ارتكبت ضد الأطفال في قطاع غزة على مدى العشرين شهراً الماضية.

وسط النيران الذي التهم معظم أفراد عائلتها، نجت الطفلة ورد من الحريق الذي خلفته الصواريخ الإسرائيلية صباح الاثنين والتي سقطت على رؤوس النازحين، معظمهم من الأطفال والنساء، في مدرسة فهمي الجرجاوي في مدينة غزة، والتي توفر لهم المأوى.

ورغم الخوف والإصابات التي بدت على جسدها الصغير، إلا أن عينيها الصغيرتين استمرتا في البحث وسط الدمار عن وجه مألوف أو أحد أفراد العائلة يستطيع أن يمسك بيدها وينقذها من هذه المحرقة، كما قالت لوكالة الأناضول بكلمات مكسورة.

ولكنها لم تجد أحدا. ولم تكن تعلم أن الحريق التهم أمها وخمسة من أشقائها، وكان أكبرهم يبلغ من العمر 16 عامًا. أصبحت جثثهم، التي كانت على قيد الحياة قبل دقائق فقط من المذبحة، جثثًا محترقة ومتفحمة ومقطعة إلى أجزاء.

ولا يزال والدها وشقيقها السادس في المستشفى بعد إصابتهما بجروح خطيرة في المذبحة. وأسفرت المجزرة عن استشهاد 31 فلسطينياً، بينهم 18 طفلاً و6 نساء، بحسب بيان لمكتب الإعلام الحكومي في غزة، الاثنين.

وتداول ناشطون فلسطينيون مقطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن انتشلت طواقم الإسعاف والدفاع المدني الطفل ورد. وفي الفيديو، قالت وارد لفرق الإنقاذ إنها تركت بعض أفراد عائلتها تحت الأنقاض، دون أن تعلم إن كانوا أحياء أم أمواتاً، قبل أن يحطم موتهم قلبها.

خلال الحرب الأهلية الدائرة في قطاع غزة منذ ما يقرب من عشرين شهراً، هاجمت إسرائيل عشرات الملاجئ، بما في ذلك المدارس والجامعات وأراضي المستشفيات والمناطق التي اعتبرها جيش الاحتلال الإسرائيلي “آمنة”. وبحسب التقارير الرسمية، قُتل أو جُرح آلاف الفلسطينيين، وخاصة الأطفال والنساء.

وبحسب بيان صادر عن ديوان الحكومة، فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي استهدف وهاجم بشكل ممنهج نحو 241 ملجأ ومركز تهجير قسري منذ بدء عدوانه على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

** الطفولة تحكي قصة الإبادة الجماعية

وبعد ساعات من هروبها، عادت ورد إلى ساحة المدرسة مع إياد شقيق والدها، حيث لم يبق منها سوى الدمار ورماد المباني المحترقة.

حاولت البحث عن أي شيء يخص إخوتها أو أمها فوجد حذاءين أحدهما يخص أمها والآخر لإحدى أخواتها. حملتها وبدأت بالبكاء.

انهمرت الدموع على وجهها البريء، وحاولت وارد الصغيرة وصف الحدث بدقة، فقالت: “إخوتي وأخواتي ماتوا”، في إشارة إلى وفاتها بصاروخ إسرائيلي.

وبكلمات مكسورة، تابعت: “لقد دُفنت في الرمال… تحتها”، ربما في إشارة إلى حطام المدرسة الذي سقط عليها ورحلتها خارج المدرسة.

وأضافت: “استيقظت ورأيت حريقًا كبيرًا”.

وتابعت وصفها للمشهد: “اشتعلت النيران”، وأشارت إلى أنها أصيبت بحروق في يدها.

استمرت في البكاء عندما تذكرت الحادثة. وقالت إن صاروخاً إسرائيلياً سقط عليها، وبدأت بتسمية أشقائها القتلى: “محمد، عبد، أمل، سلوان وماري”، بالإضافة إلى والدتها.

وأشارت إلى أنها أثناء محاولتها البقاء على قيد الحياة، اضطرت إلى السير بمحاذاة النيران المستعرة.

وعن أمنياتها، قالت وارد: “لقد مات جميع إخوتي. أتمنى أن نكون معًا مرة أخرى”.

** نجا والدها وشقيقها

وتقول وارد إنها لم ترَ والدها المصاب في سيارة الإسعاف إلا بعد نقلها إلى هناك، كما علمت أيضًا أن شقيقها كان على قيد الحياة.

وأضافت: “رأيت بابا عندما كنت في سيارة الإسعاف. كان وجهه مصابًا”.

وقال عمها إياد لوكالة الأناضول، إن والد ورد لجأ إلى هذه المدرسة بعد أن فقد منزله نتيجة الإبادة الإسرائيلية المستمرة.

وأضاف أنه لم يتمكن من الوصول إلى منطقة الهدف خلال الليل بسبب الوضع الأمني الخطير وكثافة القصف الإسرائيلي.

وأوضح أنه وصل إلى المدرسة التي تعرضت للهجوم عند شروق الشمس فوجد زوجة شقيقه وأطفاله الخمسة جثثًا متفحمة ومقطعة تحت الأنقاض.

وأشار إلى الحالة النفسية السيئة التي وصلت إليها وارد بعد أن فقدت معظم أفراد عائلتها ونجاتها من هذه المذبحة “الوحشية”.

**الطفولة في غزة

ومن الجدير بالذكر أن وارد قضت نحو عام ونصف من شبابها في حرب إبادة جماعية، وسط قصف إسرائيلي كثيف، ومشاهد الموت، والمجاعة.

مثل أكثر من مليون طفل في قطاع غزة، عانى ورد من النزوح والطرد أكثر من مرة، ونجا من جحيم الهجمات الإسرائيلية.

وعلى الرغم من صغر سنها، لم تشارك الطفلة في الأنشطة الترفيهية والتعليمية التي من شأنها تعزيز نموها العقلي والجسدي. وهذا أيضًا ما حُرم منه الأطفال في قطاع غزة بسبب الإبادة الجماعية الإسرائيلية.

خلال هذه الأشهر، نشأت الطفلة الصغيرة محاطة بضجيج الانفجارات، وفي خوف دائم، وفي الجوع الذي كان ينهش أجساد عشرات الآلاف من الأطفال في قطاع غزة ويتركهم يعانون من سوء التغذية.

ورغم وصول كميات “محدودة” من المساعدات الإنسانية مساء الأربعاء، أكدت حماس أن الكمية التي وصلت أقل من عُشر الحد الأدنى المطلوب لتلبية إجمالي احتياجات قطاع غزة.

وبحسب مكتب الإعلام الرسمي في قطاع غزة، من المتوقع أن يدخل إلى قطاع غزة خلال أكثر من 84 يوماً من الحصار والإغلاق الكامل ما لا يقل عن 46200 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية والوقود لتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان الفلسطينيين.

لكن في الأيام الأخيرة، أطلقت إسرائيل ادعاءً مضللاً بأنها تسمح باستيراد “إمدادات الإغاثة”. لكن في واقع الأمر، لم يدخل إلى البلاد سوى 100 شاحنة فقط، وهو ما يمثل أقل من واحد في المائة من الاحتياجات الأساسية، بحسب بيان صادر عن المكتب الإسرائيلي يوم السبت.

ومع تفاقم المجاعة، يحتاج قطاع غزة إلى 500 شاحنة يوميا من المساعدات الطبية والغذائية العاجلة، فضلا عن ما لا يقل عن 50 شاحنة من الوقود المنقذ للحياة، وفقا لمكتب الحكومة.

منذ الثاني من مارس/آذار، تنتهج إسرائيل سياسة تجويع ممنهجة لنحو 2.4 مليون فلسطيني في قطاع غزة من خلال إغلاق المعابر للسماح بإجلاء الإمدادات الإنسانية المخزنة على الحدود. ويؤدي هذا إلى دخول قطاع غزة في المجاعة ويتسبب في العديد من الوفيات.

بدعم أمريكي كامل، ترتكب إسرائيل جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. قُتل وجُرح نحو 177 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، وفُقد أكثر من 11 ألف شخص، ونزح مئات الآلاف.


شارك