لماذا قرر المركزي خفض سعر الفائدة 1% بوتيرة أقل عن الاجتماع السابق؟

قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري في اجتماعها اليوم الخميس، خفض أسعار الفائدة على الودائع والقروض بنسبة 1%، وإن كان بوتيرة أبطأ من الاجتماع السابق.
وبحسب تقرير لجنة السياسة النقدية اليوم، خفض البنك المركزي أسعار الفائدة لليلة واحدة والإقراض وسعر الفائدة الرئيسي بمقدار 100 نقطة أساس إلى 24.0% و25% و24.50% على التوالي.
ويعكس هذا القرار التطورات والتوقعات الاقتصادية الأخيرة منذ الاجتماع الأخير للجنة السياسة النقدية.
وفي وقت سابق، خفض البنك المركزي المصري في اجتماعه الأخير سعر الفائدة الرئيسي بنسبة 2.25% للمرة الأولى منذ أربع سنوات ونصف، ليصل سعر الفائدة على الإيداع إلى 25% وسعر الفائدة على الإقراض إلى 26%.
الأسباب العالمية
وعلى المستوى العالمي، أشار البنك المركزي إلى أن توقعات النمو تراجعت منذ اجتماع لجنة السياسة النقدية في أبريل/نيسان، ويرجع ذلك أساسا إلى التطورات المتتالية في سياسة التجارة العالمية واحتمال حدوث المزيد من الاضطرابات في سلسلة التوريد.
ونتيجة لهذا، اعتمدت العديد من البنوك المركزية في الأسواق المتقدمة والناشئة نهجا أكثر حذرا في إدارة سياستها النقدية في ضوء حالة عدم اليقين المستمرة بشأن آفاق النمو الاقتصادي والتضخم.
وفيما يتعلق بأسعار السلع العالمية، لا تزال أسعار النفط مدفوعة بعوامل جانب العرض وتوقعات انخفاض الطلب العالمي.
وكان انخفاض أسعار السلع الزراعية العالمية أقل حدة بسبب المخاطر المرتبطة بالمناخ.
ورغم تراجع الضغوط التضخمية، فإن المخاطر المرتبطة بالتضخم لا تزال قائمة، بما في ذلك تصاعد التوترات الجيوسياسية والاضطرابات المستمرة في سياسة التجارة العالمية، حسبما قال البنك المركزي في بيان.
الأسباب المحلية
وعلى الصعيد المحلي، قال البنك المركزي إن المؤشرات الأولية للربع الأول من عام 2025 تشير إلى استمرار التعافي في النشاط الاقتصادي. ومن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 5%، مقارنة بنحو 4.3% في الربع الرابع من عام 2024.
وتشير تقديرات فجوة الناتج إلى أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي يظل أقل من طاقته القصوى على الرغم من استمرار النمو في النشاط الاقتصادي، مما يشير إلى أن الضغوط التضخمية على جانب الطلب ستظل محصورة.
ويتماشى هذا مع الاتجاه النزولي المتوقع للتضخم في الأمد القريب، والذي لا يزال مدعوماً بالظروف النقدية الحالية.
ومن المتوقع أن يصل النشاط الاقتصادي إلى طاقته الكاملة بحلول نهاية السنة المالية 2025/2026.
وفيما يتعلق بسوق العمل، سجل معدل البطالة انخفاضا طفيفا ليصل إلى 6.3% في الربع الأول من عام 2025، مقارنة بـ 6.4% في الربع الرابع من عام 2024.
تباطؤ التضخم
انخفض التضخم السنوي بشكل حاد في الربع الأول من عام 2025. ويرجع ذلك إلى تخفيف الضغوط التضخمية، وفعالية السياسة النقدية المتشددة، والتأثير الأساسي المواتي، والتلاشي التدريجي لتأثير الصدمات الماضية.
وبحلول أبريل/نيسان 2025، من المتوقع أن يستقر معدل التضخم السنوي العام ومعدل التضخم الأساسي عند 13.9% و10.4% على التوالي. ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى اعتدال اتجاهات التضخم الشهرية الناتجة عن انخفاض أسعار المواد الغذائية، مما ساعد في التخفيف من تأثير ارتفاع التضخم غير الغذائي بسبب تحركات الأسعار المحددة إداريا.
ونظراً لأن الضغوط الناجمة عن هذه التحركات مؤقتة فقط، فقد واصل التضخم الضمني الانخفاض منذ بداية العام ويقترب تدريجياً من مستوى يتوافق مع هدف البنك المركزي للربع الرابع من عام 2026.
ويشير تباطؤ التضخم العام والأساسي وانخفاض التضخم الضمني إلى تحسن توقعات التضخم.
وبناءً على ذلك، من المتوقع أن يستمر معدل التضخم السنوي في الانخفاض طوال الفترة المتبقية من عام 2025 وحتى عام 2026. ومع ذلك، فإن تدابير ضبط الأوضاع المالية التي تم تنفيذها واعتمادها في عام 2025 والاستقرار النسبي للتضخم غير الغذائي من شأنها أن تبطئ وتيرة هذا الانخفاض.
ومن الجدير بالذكر أن المخاطر الصعودية التي تهدد توقعات التضخم قد تراجعت مقارنة باجتماع لجنة السياسة النقدية في أبريل/نيسان. ويرجع ذلك إلى تراجع التوترات التجارية، وتطورات سعر الصرف الحالية، وعودة مؤشر المخاطر إلى مستواه المعتاد، مما يسمح باستمرار دورة التيسير النقدي التي بدأت في الاجتماع السابق للجنة.
ومع ذلك، لا تزال هناك مخاطر إيجابية، بما في ذلك تأثير سياسات التجارة العالمية الحمائية، وتصاعد الصراعات الإقليمية، والتعزيز المالي الذي يتجاوز التوقعات.
وبناء على ذلك، واستناداً إلى الظروف النقدية الحالية، ترى لجنة السياسة النقدية أن خفض سعر الفائدة الرئيسي للبنك المركزي بمقدار 100 نقطة أساس يحقق التوازن بين التحوط ضد المخاطر القائمة وخلق مجال لاستمرار دورة التيسير النقدي، مع دعم الاتجاه النزولي للتضخم على مدى أفق التوقعات.
وستواصل اللجنة إعادة تقييم قراراتها من اجتماع إلى آخر، مؤكدة أن هذه القرارات تستند إلى التوقعات والمخاطر القائمة والبيانات الجديدة.
وستواصل اللجنة مراقبة التطورات الاقتصادية والمالية عن كثب، ولن تتردد في استخدام كل الأدوات المتاحة لتحقيق هدف التضخم بنسبة 7% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط في الربع الرابع من عام 2026.