جدار إسرائيلي يعزل غور الأردن.. تاريخ سياسة جدران العزل الإسرائيلية من بارليف إلى سياج غزة

يبدأ فصل جديد في تاريخ جدران إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد أن صادق مجلس الوزراء على بناء جدار جديد لفصل منطقة غور الأردن عن الأراضي المحتلة. هذه السياسة ليست جديدة، حيث قامت القوة المحتلة ببناء خمسة جدران خلال تاريخها القصير، وشردت مئات العائلات، ودمرت سبل عيش آلاف المزارعين.
واستخدمت سلطات الاحتلال أساليب مختلفة من التعذيب والإذلال ضد العرب الذين كانوا يمرون عبر هذه الأسوار. كان الاحتلال يعتمد على الفصل والعزل، الأمر الذي لم يتمكن رغم الجدران المحصنة من منع عمليات المقاومة، وأوقع خسائر فادحة في صفوف جيش الاحتلال.
وتتحدث صحيفة الشروق عن تاريخ استخدام القوة المحتلة للجدران العازلة لفرض الحصار واحتلال المزيد من الأراضي بحجة ضمان سلامة مستوطنيها. وقد دحضت عمليات المقاومة الفلسطينية هذا الادعاء بعد أن فشلت الجدران في حماية المستوطنين. وقد نشرت معلومات عن هذه الجدران على موقع صحيفة التايمز الإسرائيلية، وعلى قناة بي بي سي، وعلى منظمة بتسيلم الإسرائيلية، وفي كتاب “طائر النصر الحاسم”.
بارليف ويوم سقوط الأسطورة
احتلت إسرائيل شبه جزيرة سيناء في حرب عام 1967؛ البدء في بناء خط دفاعي يعزل سيناء عن وطنها المصري، ويظهر ذلك في خط بارليف الذي اعتبرته إسرائيل لا يقهر. وكان يسبقه حاجز ترابي بارتفاع 21 متراً وبميل 45 درجة يمنع التسلق فوقه، وخلفه كان هناك 22 حصناً مجهزاً بالحصون ومنصات الدبابات والمدافع وخطوط الألغام وخنادق البنادق ومضخات النابالم؛ من أجل حرق المهاجمين، تسلق آلاف المصريين الحاجز الترابي خلال ثلث ساعة بعد ظهر يوم 6 أكتوبر 1973. وتمكن رجال الهندسة من تدميرهم بمضخات المياه، كما نجحت القوات الخاصة المصرية في تعطيل مضخات النابالم.
الجدار العازل يخنق الفلسطينيين في الضفة الغربية.
خلال انتفاضة الأقصى، قرر الاحتلال بناء جدار الفصل العنصري حول الضفة الغربية، وبدأ بنائه عام 2002. ويمتد هذا الجدار الخرساني المعزز بالأسلاك الشائكة على محيط يبلغ نحو 700 كيلومتر، ويغطي 13% من مساحة الضفة الغربية. لفصل فلسطينيي الضفة الغربية عن فلسطينيي القدس ومحاصرة بعض بلدات الضفة الغربية بشكل كامل؛ ولعزلها عن جيرانها وعزل المزارعين عن حقولهم على الجانب الآخر من الجدار، يتكون الجدار من جدار ارتفاعه 9 أمتار وسمكه 3 أمتار مقسم إلى عدة أسوار، كل منها بعرض حوالي 80 متراً، محاطة بأسلاك شائكة وطرق تشبه الخنادق وأجهزة تفتيش.
وبحسب إحدى الدراسات فإن الجدار يكلف الاقتصاد الفلسطيني نحو ربع مليار دولار سنويا. علاوة على ذلك، أصبح من الصعب الوصول إلى الخدمات الطبية من المستشفيات والعيادات، كما أصبح الوصول إلى المياه صعباً لأن مصادر المياه معزولة عن المدن الفلسطينية. ويفرض الجدار أيضا على عشرات الآلاف من العمال الفلسطينيين المرور عبر نقاط التفتيش يوميا في ظل ظروف مهينة مثل الاكتظاظ والمعاملة من قبل قوات الاحتلال. وبسبب العزلة التي يفرضها على الشعب الفلسطيني، أصبح الجدار يُعرف باسم “جدار الفصل العنصري”.
الجدار الحديدي… ابتلعه طوفان الأقصى
منذ تسعينيات القرن الماضي، بنت القوة المحتلة عدة جدران عزل حول قطاع غزة، إلا أنها ظلت تتعرض لاختراق مستمر من قبل أنفاق المقاومة، حتى ظهرت فكرة “الجدار الحديدي” الذي يعني اسمه الحقيقة وليس الاستعارة. وهو جدار طوله 65 كيلومترًا وارتفاعه 6 أمتار، مصنوع من 100 ألف طن من الحديد ومليوني متر مكعب من الخرسانة، ويمتد تحت الأرض. ولمنع الأنفاق وتسرب مياه البحر، تم تجهيزها برشاشات يتم التحكم فيها عن بعد، وأبراج مراقبة، وأجهزة استشعار للأنفاق، وكثبان رملية خلفها. ولتوفير حماية إضافية، تسير الدوريات على طول الهيكل، وتراقبه طائرات بدون طيار من الأعلى.
وفي صباح السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، انهار الجدار بشكل مدوٍّ، حيث قفز المقاومون فوقه بالمظلات، بينما كانت الجرافات الفلسطينية تضربه واحدة تلو الأخرى. تم تدمير 29 حاجزاً كانت تستخدمها شاحنات الدفع الرباعي المحاطة بالدراجات النارية لنقل مقاومي فلسطين الذين ينفذون عملية طوفان الأقصى والتي لم يمنعها الجدار.