تباين آراء الملاك والمستأجرين حول تعديل قانون الإيجار القديم

منذ 3 ساعات
تباين آراء الملاك والمستأجرين حول تعديل قانون الإيجار القديم

المستأجر: “نحن نوافق على زيادة الإيجار طالما أننا لا نخرج من شققنا”. صاحب المنزل: “نريد العدالة. لا إيجار مجاني بعد الآن.” وزير الإسكان: نتعامل مع الموضوع بتوازن يجمع بين العدالة القانونية والبعد الإنساني ولا ينص مشروع القانون على عمليات الإخلاء القسري، ويجب توفير سكن بديل. خبير في التنمية الحضرية يقترح إنشاء صندوق للمتضررين من تغيير القانون

عندما تم تعديل قانون الإيجار القديم، اختلفت الآراء بين المستأجرين والملاك. ويعتقد المستأجرون أن لديهم حقوقًا قانونية، ويصر الكثير منهم على حقوقهم القانونية ويعلنون أنهم لن يغادروا منازلهم. من ناحية أخرى، يرى أصحاب الأراضي أن استمرار عقود الإيجار القديمة لسنوات طويلة ومنع بيع أملاكهم يخالف الشريعة الإسلامية والدستور ومبادئ العدالة. وتؤكد الحكومة أنها تتعامل مع هذه القضية بنهج متوازن يجمع بين العدالة القانونية والبعد الإنساني.

أكد وزير الإسكان شريف الشربيني، أن مشروع القانون المعروض حالياً على مجلس النواب لا يهدف إلى إخلاء المستأجرين، بل يهدف إلى تقديم حل تشريعي حكيم لحالة قانونية طال انتظارها. وأكد أن الحكومة تتعامل مع هذه المشكلة التاريخية بنهج متوازن يجمع بين العدالة القانونية والمنظور الإنساني.

وأضاف الشربيني لـ«الشروق»: «نحن لا نعيد تنظيم عقد الإيجار فقط، بل نرسي مبدأ الثقة بين المواطن ودولته، ونرفع الحق في السكن إلى حق لا مساس به». وأوضح أن نجاح هذا القانون لا يقاس فقط بإقراره من السلطة التشريعية، بل أيضاً بآليات تطبيقه وقدرته على تحقيق التوازن العملي اللازم مع الاستمرار في الاستماع إلى الملاك والمستأجرين والحصول على اقتراحات موضوعية تساهم في نجاح التجربة.

وأوضح أن توفير الوحدات السكنية سيتم وفق جدول زمني دقيق يتوافق مع إمكانيات الدولة واحتياجات المواطنين. وأكد أن أي عمليات إخلاء لن تتم إلا بعد توفير مساكن بديلة تحترم كرامة المواطنين وتضمن أمنهم السكني.

أجرت الشروق جولة ميدانية على عدد من المناطق بمحافظتي القاهرة والجيزة للتعرف على آراء الملاك والمستأجرين بشأن تعديل قانون الإيجار القديم.

قال مصطفى محمود الخضري، أحد المستأجرين لوحدة سكنية بمنطقة السيدة زينب في القاهرة الخاضعة لقانون الإيجار القديم، إنه لن يعترض على تعديلات الإيجار طالما لم يخرج من شقته. وقال “معظمنا متقاعدون أو يعانون من أمراض مزمنة”.

وأضاف الخضري لـ«الشروق»: «ما يتضمنه مشروع القانون هو محاولة لزعزعة استقرار ملايين المواطنين، فمعظمهم من الطبقة المتوسطة، وقد بنوا معيشتهم على الاستقرار القانوني والاجتماعي، سواءً كانت الوحدات سكنية أو تجارية أو إدارية». وتابع: “عقود الإيجار القديمة أُبرمت بموافقة الطرفين، وبموجب قانون ينظم العلاقة ويحميها، فما ذنب المستأجر؟”

قال كنوز الحسيني، أحد المستأجرين في عمارة سكنية قديمة بمصر الجديدة، إن ملايين المستأجرين يلتزمون بالأحكام الدستورية والعقود القانونية الصحيحة. وأضافت: “لم يُجبر أي مالك على توقيع عقد إيجار لشقة في مبنى قديم بعقد قانوني ساري المفعول ومعترف به من الدولة، فالعقد حقٌّ للأطراف المتعاقدة”. وتابعت: “نحن نتفق على تعديل الإيجار، وليس تثبيته، ونرفض مغادرة المنزل الذي نشأنا فيه”.

قال المحامي أمجد وجيه، وهو مستأجر شقة قديمة في حي الوراق بالجيزة، إنه لا الحكومة ولا البرلمان من حقهما الإفراج عن عقود المباني القديمة. وأوضح أن المحكمة الدستورية العليا أكدت على حق تمديد الإيجار للجيل الأول، لكنها لم تذكر اتفاقيات الإيجار الليبرالية. وأضاف: «يجب زيادة الإيجارات، ولا أحد يعترض على ذلك». وتابع: “إن حكم المحكمة الدستورية ملزم للسلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية، وأي مخالفة لهذا الحكم تعد باطلاً”.

وأضاف في تصريح لـ”الشروق” أن المحكمة الدستورية العليا أوصت بزيادة الإيجارات وليس تحرير عقود الإيجار، مؤكدا عدم جدوى كل المحاولات التي تستهدف المساس بالسلم الاجتماعي.

قالت مروة جمعة، إحدى سكان الدقي بالجيزة، وتستأجر شقة لكبار السن: “نرفض مقترح الحكومة بتعديل قانون إيجار كبار السن. نُصرّ على حقنا القانوني في عدم مغادرة منازلنا، ونوافق فقط على زيادة الإيجار بشكل معقول”. وأضافت لـ«الشروق»: «دفعنا رسوم إخلاء تعادل أكثر من نصف سعر الشقة، ولدينا حكم بالامتداد القانوني للوحدتين السكنية والتجارية». وأكدت: “هذه منازلنا وأرزاقنا ولن نضحي بها”.

في المقابل، أكد محمد الوهداني، صاحب عقار مؤجر بالقانون القديم في مركز إمبابة بمحافظة الجيزة، أنه يجب هدم المنازل القديمة المهددة بالانهيار وإعادتها إلى أصحابها. يجب على الدولة تعويض السكان بوحدات سكنية لحماية حياتهم.

وأوضح الوهداني لـ«الشروق» أن استمرار عقود الإيجار القديمة دون موافقة المؤجر إلى أجل غير مسمى، مما يحرم المؤجر من حق التصرف في عقاره، يخالف الشريعة الإسلامية والدستور ومبادئ العدالة. ودعا إلى وضع حد لهذا الوضع من خلال إلغاء تمديد عقود الإيجار القديمة بشكل قانوني وتحرير العلاقة تدريجيا مع الأخذ في الاعتبار ظروف غير القادرين على الدفع.

وطالب ربيع علي، صاحب عقار سكني قديم بمدينة العمال بمحافظة الجيزة، الحكومة بتحرير عقود البناء القديمة والعودة للقانون المدني. قال: “نريد العدالة والإنصاف لأصحاب الشقق القديمة. لا مزيد من الإيجار المجاني”. وأشار إلى أن أصحاب العقارات يطالبون، من بين أمور أخرى، بتطبيق الإيجارات القائمة على السوق وفترة انتقالية قصيرة لتمهيد الطريق لتحرير العقود.

وقال أحمد حسن، صاحب وحدة سكنية في حي السيدة زينب بمحافظة القاهرة، الخاضع لقانون الإيجار القديم: «ملاك الوحدات يعانون من انخفاض الإيجارات، وتوريث العقود لأبنائهم وأحفادهم». وأضاف: “على مدى 80 عاما، توفيت ثلاثة أجيال من الملاك الذين ظلموا في ممتلكاتهم، ولم يتدخل أحد قط لتحقيق العدالة لهم”.

وأضاف سعيد أبو حسين، صاحب عمارة قديمة في حي شبرا بالقاهرة، أن استمرار عقود البناء القديمة يديم الوضع السيئ، لدرجة أن المستأجرين أصبحوا يعتقدون أنه حق مكتسب. وتابع: «معظم المستأجرين لم يعودوا بحاجة إلى هذه الوحدات بعد أن تحسنت ظروفهم المعيشية».

من جانبه، أوضح خبير التنمية العمرانية حسين حسن أنه وفقاً للبيانات الرسمية من الجهات ذات العلاقة، يوجد نحو 3 ملايين و19 ألفاً و900 وحدة سكنية للأغراض التجارية والسكنية. وأوضح أن نحو 47% من هذه الوحدات عبارة عن محلات تجارية وعيادات ومكاتب إدارية وتجارية.

وفي تصريحات لـ«الشروق»، اقترح حسن أنه لحل أزمة تعديل قانون الإيجار القديم، ولضمان العدالة بين طرفي العلاقة، سواء المؤجر أو المستأجر، يجب على الحكومة إنشاء صندوق لمساعدة المتضررين من التعديل تحت إشراف وزارة التنمية المحلية. ومن شأن هذا الصندوق أن يساعد المستفيدين في تنفيذ القانون، إما من خلال توفير مبالغ مناسبة من المال لشراء وحدات سكنية بديلة أو من خلال تخصيص وحدات سكنية في مشاريع الإسكان الحكومية الجديدة.


شارك