حقوقيون: استخدام إسرائيل الجوع سلاحا بغزة جريمة حرب

منذ 3 شهور
حقوقيون: استخدام إسرائيل الجوع سلاحا بغزة جريمة حرب

مدير عيادة القدس لحقوق الإنسان في كلية الحقوق بجامعة القدس: فرض الحصار الذي يحرم المدنيين من احتياجاتهم الأساسية محظور تماما بموجب القانون الدولي.

– نسيبة: ما تفعله إسرائيل يشكل جريمة حرب بموجب نظام روما.

وتشكل سياسة التجويع جزءا لا يتجزأ من الهجمة الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.

– أستاذ قانون بجامعة نيويورك أبو ظبي: النظام الدولي يتدمر لصالح دولة ترتكب الإبادة الجماعية في غزة.

أكد خبيران قانونيان أن منع إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة منذ أكثر من شهرين، وبالتالي حرمان أكثر من مليوني فلسطيني من إمداداتهم الغذائية، يعد انتهاكا صارخا وجزءا لا يتجزأ من الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر من عام ونصف.

منذ الثاني من مارس/آذار، أغلقت إسرائيل المعابر الحدودية الرئيسية الثلاثة (كرم أبو سالم، وإيريز، وزيكيم) أمام استيراد الغذاء والدواء والوقود، مما أدى إلى تفاقم خطر المجاعة في قطاع غزة.

خلال الإبادة الجماعية الإسرائيلية التي استمرت 19 شهراً، أصبح الفلسطينيون في قطاع غزة معتمدين كلياً على المساعدات الأجنبية، ومع إغلاق المعابر الحدودية تدهورت أوضاعهم بشكل كبير. وهذا ما دفع خبراء القانون الدولي إلى التحذير من أن استخدام “الجوع كسلاح” في قطاع غزة يشكل جريمة حرب.

إن استخدام الجوع كسلاح يعد جريمة حرب.

وفي حديثه لوكالة الأناضول، قال الدكتور منير نسيبة، مدير عيادة القدس لحقوق الإنسان في كلية الحقوق بجامعة القدس، إن القانون الإنساني الدولي لا يسمح إلا بمهاجمة الأهداف العسكرية، ويحظر مهاجمة المدنيين أو تعريض حياتهم للخطر.

وأضاف: “إن القانون الإنساني الدولي يحظر بشكل واضح استخدام الجوع كسلاح”.

وأكد أن “فرض الحصار الذي يحرم المدنيين من الوصول إلى الغذاء والسلع الأساسية في خضم الحرب أمر محظور تماما بموجب القانون الدولي ويشكل جريمة حرب”.

وأكد أن إسرائيل تنتهج منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 سياسة “تجويع السكان” لإجبار السكان على ترك منازلهم ومغادرة قطاع غزة بالقوة، وهو ما يشكل انتهاكا متعدد الأبعاد.

– عنصر أساسي في الإبادة الجماعية

وأشار نسيبة إلى أن “ما تفعله إسرائيل يشكل جريمة حرب كما هو محدد في نظام روما واتفاقية جنيف الرابعة وغيرها من صكوك القانون الدولي، بغض النظر عن دوافع هذا العمل”.

ومن الجدير بالذكر أن اتفاقية جنيف الرابعة، إحدى اتفاقيات جنيف الأربع، اعتمدت في أغسطس/آب 1949، وهي تحدد الحماية الإنسانية للمدنيين في منطقة الحرب.

وأشار إلى أن سياسة التجويع الإسرائيلية تسببت في “أضرار جسدية ونفسية بالغة” للفلسطينيين.

وأكد أن سياسة الجوع لا تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي فحسب، بل هي جزء لا يتجزأ من الهجمة الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وأشار نسيبة إلى أن إسرائيل لا تنكر استخدام الجوع كسلاح، لكن “عدداً من مسؤوليها ذكروا ذلك أكثر من مرة”.

وأضاف: “المشكلة لا تقتصر على هذا السلوك في حد ذاته، بل تكمن في فشل المجتمع الدولي حتى الآن في الرد بشكل مناسب على هذا الانتهاك”.

الجوع كسلاح في قطاع غزة

من جهتها، أكدت الدكتورة جنان بستكي، الأستاذة الزائرة بجامعة أكسفورد وأستاذة القانون بجامعة نيويورك أبوظبي، أن أزمة الجوع في غزة “بدأت قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023”.

أوضحت: “قبل بدء الإبادة الجماعية في غزة، كان أكثر من نصف السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وكان أكثر من 80% منهم يعتمدون على المساعدات الإنسانية. ومنذ نهاية أكتوبر/تشرين الأول، استُخدم الجوع كسلاح حرب. بدأ الجوع بشكل خفي قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ووردت تقارير عنه منذ عام 2012”.

وأضافت أن قرار مجلس الأمن رقم 2417، الذي اعتمد بالإجماع في عام 2018، يدين استخدام التجويع كأسلوب حرب ضد المدنيين، ويعتبر أيضًا منع المساعدات الإنسانية انتهاكًا إضافيًا للقانون الدولي.

– إسرائيل تنتهك بشكل واضح أوامر محكمة العدل الدولية.

وأشار بستكي إلى أنه في 26 يناير/كانون الثاني 2024، أصدرت محكمة العدل الدولية أوامر قضائية مؤقتة تدعو إسرائيل إلى اتخاذ “تدابير فعالة وفورية”. لضمان الوصول إلى الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية.

وأضافت: “بما أن إسرائيل فشلت في الامتثال لطلبها وتدهور الوضع نتيجة لهذا الإجراء، فقد أصدرت المحكمة أوامر إضافية في 28 مارس/آذار، وجدت فيها أن المجاعة حدثت بالفعل ودعت إسرائيل إلى التعاون الكامل مع الأمم المتحدة وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق”.

وتابعت: “في 24 مايو/أيار 2024، أصدرت المحكمة أمرًا ثالثًا يُلزم إسرائيل بضمان وصول المساعدات والخدمات الحيوية فورًا، مع التركيز بشكل خاص على إبقاء معبر رفح مفتوحًا. وهذا يعني أن إسرائيل تنتهك بشكل واضح أوامر الأمم المتحدة هذه”.

وأكدت أن اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها تنص صراحة على أن “إلحاق ضرر جسدي أو عقلي خطير بأعضاء مجموعة ما” و”فرض ظروف معيشية تهدف إلى تدمير تلك المجموعة كليًا أو جزئيًا” هي أعمال إبادة جماعية.

وأشار بستكي إلى أن مذكرة التوقيف التي أصدرها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت تتضمن ادعاء أنهما “استخدما التجويع كسلاح حرب ضد المدنيين” بموجب المادة الثامنة من نظام روما.

إن فشل المجتمع الدولي يعكس انهياراً أخلاقياً وقانونياً عميقاً.

ووصف الدكتور بستكي موقف المجتمع الدولي تجاه الإبادة الجماعية في قطاع غزة بأنه “فشل أخلاقي وقانوني عميق”.

في قضية البوسنة ضد صربيا عام ٢٠٠٧، أوضحت المحكمة أن على الدول استخدام جميع الوسائل المعقولة المتاحة لها لمنع الإبادة الجماعية. وهذا يعني ضرورة بذل جهود جادة لمنع ارتكاب هذه الجريمة، كما قالت.

وأضافت: “من وجهة نظري، ينبغي على جميع الدول ليس فقط وقف صادراتها من الأسلحة، بل أيضا قطع علاقاتها التجارية والدبلوماسية مع إسرائيل”.

وأكدت أن النظام الدولي لم يكن مثاليا أبدا، لكنه الآن يتعرض للتدمير لصالح دولة ترتكب الإبادة الجماعية بدعم من دول أخرى.

وختمت قائلة: “شعارات النظام الدولي اليوم ليست أكثر من كلام فارغ، ودول مثل جنوب أفريقيا فقط هي التي تعارض الاستعمار، بينما تستغل إسرائيل والولايات المتحدة وألمانيا النظام الدولي لتنفيذ مشروعها الاستعماري الاستيطاني”.

إسرائيل تحاصر غزة منذ 18 عامًا. من بين حوالي 2.4 مليون فلسطيني، أصبح حوالي 1.5 مليون شخص بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة منازلهم. غزة تعاني من المجاعة. وعلى إثر ذلك أغلقت تل أبيب المعابر أمام المساعدات الإنسانية.

بدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل إبادة جماعية في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. قُتل أو جُرح أكثر من 172 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، وفُقد أكثر من 11 ألف شخص.


شارك