ما علاقة عنصر الثيوبرومين الموجود في الشوكولاتة بتحسين المزاج؟

يلعب الثيوبرومين، وهو أحد المكونات المهمة في الكاكاو، دوراً حاسماً في التعامل مع الحالة المزاجية السيئة. لقد كان النقاش حول الشوكولاتة وآثارها الإيجابية على الصحة العقلية موجودًا منذ فترة طويلة. يحاول العلماء منذ سنوات طويلة إثبات أهمية الشوكولاتة التي كانت مصدرًا للشفاء في الحضارات القديمة.
تشير الأدلة الأثرية إلى أن استخدام الكاكاو يعود إلى 3500 عام على الأقل. اعتبرتها الحضارات القديمة، مثل تلك الموجودة في أمريكا الوسطى، بمثابة هدية إلهية ذات قوى شفاء عميقة. وفي هذه الثقافات، كان يتم تحضير الكاكاو كمشروب، وغالبًا ما كان يخلط مع الأعشاب والتوابل، ويُستخدم في الاحتفالات ولأغراض طبية، وفقًا لموقع Heritage Daily، وهو موقع متخصص في البحث العلمي.
وفي مقال كتبه ميتشل ليستر، الأستاذ المساعد في الطب السريري بقسم الطب النفسي في كلية الطب بجامعة كولورادو، ذكر استخدام الكاكاو لمساعدة المرضى النحيفين على زيادة الوزن، وتحفيز الجهاز العصبي للمرضى الخاملين أو المنهكين، وتحسين الهضم. وتُظهر هذه الاستخدامات التقليدية، وفقًا لمجلة Psychology Today، فهمًا مبكرًا لخصائص الكاكاو في تحسين الحالة المزاجية.
بدأ العلم الحديث يؤكد ما عرفه المعالجون الأصليون منذ قرون. ويبدو أن العديد من المركبات الموجودة في الشوكولاتة، مثل الثيوبرومين، تساهم في تأثيراتها المضادة للاكتئاب.
“تشير الأبحاث إلى أن الثيوبرومين يرتبط بمواقع محددة على الخلايا العصبية تسمى مستقبلات الأدينوزين، وبالتالي يزيد من اليقظة ويعدل مستقبلات GABA، والتي بدورها تؤثر على الحالة المزاجية”، كما أوضح ليستر. “تبدأ تأثيرات الثيوبرومين تدريجيًا ولا تسبب عادةً العصبية أو نقص الطاقة.”
أشارت تجربة علمية نشرت عام 2022 في مجلة التغذية والكيمياء الحيوية إلى أن الاستهلاك اليومي لـ 30 جرامًا من الشوكولاتة الداكنة بنسبة 85% يحسن الحالة المزاجية ويزيد من تنوع الميكروبات المعوية، مما يشير إلى أن الشوكولاتة الداكنة لها تأثيرات بريبايوتيكية قد تخفف من المشاعر السلبية عبر محور الأمعاء والدماغ.
توصلت دراسة مقطعية كبيرة أجريت على 13626 من البالغين الأميركيين إلى أن أولئك الذين تناولوا الشوكولاتة الداكنة كانوا أقل عرضة للإصابة بأعراض الاكتئاب بشكل كبير مقارنة بأولئك الذين لم يتناولوها. وعلى وجه الخصوص، كان الأشخاص الذين أفادوا بتناولهم الشوكولاتة الداكنة أقل عرضة للإصابة بأعراض الاكتئاب بنسبة 70% من أولئك الذين لم يتناولوها.
وأوضح ليستر أن هذه التأثيرات تقتصر على الشوكولاتة الداكنة التي تحتوي على نسبة عالية من الكاكاو. أظهرت تجربة مقارنة الشوكولاتة التي تحتوي على 85% من الكاكاو مع الشوكولاتة التي تحتوي على 70% من الكاكاو أن الشوكولاتة التي تحتوي على نسبة عالية من الكاكاو فقط هي التي قللت بشكل كبير من الآثار السلبية. ويشير هذا إلى أن الفوائد العلاجية تأتي من مكونات الكاكاو نفسها وليس فقط من تجربة المتعة.
هناك العديد من الآليات التي قد تساهم في التأثيرات المعززة للمزاج للشوكولاتة. أولاً، الشوكولاتة الداكنة غنية بالفلافونويدات ذات الخصائص المضادة للالتهابات. وبما أن الالتهاب مرتبط بالاكتئاب، فإن هذه المركبات قد تساعد في تخفيف أعراض الاكتئاب.
ثانياً، يعمل الثيوبرومين على تنظيم أنظمة الناقلات العصبية المشاركة في تنظيم الحالة المزاجية، كما أظهرت الدراسات المذكورة أعلاه. بالإضافة إلى ذلك، تحتوي الشوكولاتة على مادة فينيل إيثيل أمين (PEA)، التي تحفز إطلاق الإندورفين، مما يخلق شعوراً بالنشوة والسعادة.