إيرا غالي مُهاجرة مصرية تختار فلسطين مضمونا في أحدث أفلامها المُنتجة في أمريكا

تتحول الابتسامات والتفاؤل إلى خوف وقلق في أحد مطارات الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تجد البطلة نفسها في مأزق، في لحظاتها الأولى في بلد لا تعرفه جيدًا، لكنها تهرب من بلد تفوح منه رائحة الموت. هذا باختصار ما نشاهده في الفيلم الروائي القصير «ترحيل» للمخرج المصري إيرا غالي.
تدور أحداث فيلم “المُرحّلون” حول فتاة فلسطينية تدعى سلمى، والتي تقرر، خلافاً لرغبة والدها، مغادرة مدينة غزة لتغيير حياتها والهرب من القتل والدمار الذي يهدد حياتها في قطاع غزة المحاصر. تسافر إلى الولايات المتحدة للدراسة، ولكن تحدث لها أشياء في مطار أورلاندو لم تكن تتوقعها.
يتمتع الفيلم بصفات الفيلم الوثائقي من حيث تلخيص وتصوير لحظة يمر بها شخص ما أو أزمة يواجهها شخص ما. وهذا ما حدث مع سلمى بطلة القصة عندما تعرضت للتمييز والعنصرية. وتدور أحداث الفيلم في مدة 10 دقائق فقط، وقد فاز فيلم DEPORTED بجائزة أفضل فيلم للعدالة الاجتماعية في مهرجان نيويورك السينمائي الدولي.
بدأت إيرا مسيرتها المهنية كمخرجة أفلام في سن الخامسة عشرة. هذا ليس فيلمها الأول، بل هو مشروعها الأخير في جامعة فلوريدا، حيث تأمل أن تحصل من خلاله على درجة الماجستير في إنتاج الأفلام.
عندما كتبت إيرا الفيلم في الأصل، كان يتحدث عن فتاة هاجرت من بلد عربي، ولم تحدد أن جنسيتها ستكون فلسطينية. ثم تغيرت الأمور لاحقًا مع الأحداث الأخيرة في غزة بعد 7 أكتوبر 2023، وخلال ورشة تطوير السيناريو قررت اختيار امرأة فلسطينية من غزة لتكون البطلة.
“عندما بدأت الأحداث، فكرت، إذا لم أحكي قصة عن فلسطين، فمن سيفعل ذلك؟ ولم يكن أصدقائي في الجامعة أو معارفي في فلوريدا على دراية بتاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. في كل مرة تحدثت فيها كان علي أن أشرح خلفية الموضوع، لذلك شعرت أن الفيلم سيطرح المزيد من الأسئلة وسيحدث فرقاً،” تقول إيرا لـ«الشروق».
حصلت المخرجة إيرا غالي على فكرة الفيلم من تجاربها الشخصية كمهاجرة في الولايات المتحدة، وخاصة كامرأة عربية واجهت العديد من المواقف العنصرية منذ لحظة وصولها إلى المطار. وتوضح: “لقد استغرق الأمر مني بعض الوقت حتى أفهم أنني أتعرض لمعاملة مختلفة، لذلك أردت أن أكتب شيئًا يمثل المهاجرين وما يمرون به”. لا يخشى إيرا تناول القضايا السياسية غير المحافظة، بما في ذلك تلك التي تنشأ عن الانقسامات الثقافية.
وعن نهاية الفيلم التي قد تكون صادمة للمشاهد، قال إيرا لـ«الشروق»: «لا أعتقد أن النهاية مبالغ فيها، لكنها تتقاطع مع ما يحدث على الأرض في الولايات المتحدة ومع عنف الشرطة». لكن أي شخص يعيش في أميركا سيرى أن النهاية لا تعبر إلا عن الواقع، ففي الشرق لا تصل إلينا الحقيقة بشأن عنف الشرطة الأميركية، ولم يخرج منها إلا قضية جورج فلويد، وقد شهدت حادثة مماثلة في ميشيغان حيث هاجمت الشرطة شخصاً لمجرد أنها اشتبهت به”.
وأضافت: “هذا الفيلم ليس المرة الأولى التي أتناول فيها وحشية الشرطة الأمريكية. لقد قمت بصنع فيلم عن رجل حضرت جنازته بعد أن كان ضحية لوحشية الشرطة في ميشيغان. “أحب أن أتناول القضايا التي ليس من السهل معالجتها، وأردت أن أعكس ذلك حتى يتمكن المواطنون المصريون والعرب من رؤية الجانب الآخر لأمريكا الذي لا نراه في عالمنا”.
الفيلم مستوحى من مواقف حقيقية حدثت لإيرا ونقلتها لشخصية بطلة الفيلم سلمى، باستثناء النهاية مثل: على سبيل المثال، النوم على الأرض واستخدام العلم كبطانية، وعدم الوصول إلى الوسيلة النقلية بسبب التأخير في المطار، أو الفندق الذي لم يسمح لها بالدخول، وما إلى ذلك. وقالت: “ربما كانت النهاية بالنسبة لي كذلك لأنني لم أكن على دراية بمدى عنف الشرطة هنا، لذا فالأمر ليس مستبعدًا”.
هل يخطط إيرا لفيلم ثانٍ مع أبطال فلسطينيين؟ وأوضحت ذلك في مقابلتها وقالت إنها تأمل في ذلك: “آمل أن أصنع فيلمًا آخر عن فلسطين وأصوره على الأراضي الفلسطينية، لكنني لا أعرف ما إذا كان ذلك ممكنًا في ظل الظروف الصعبة”.