“دبلوماسية الرفض”.. كيف تصدت مصر لمخطط ترامب لتهجير غزة؟

منذ 4 شهور
“دبلوماسية الرفض”.. كيف تصدت مصر لمخطط ترامب لتهجير غزة؟

وتستمر محاولات إسرائيل تشديد السيطرة على قطاع غزة وطرد الفلسطينيين من أراضيهم. تسعى تل أبيب إلى اتباع عدة مسارات لتحقيق هدفها بضم أراض جديدة وضمان أمن حدودها الجنوبية. وكان آخر هذه التصريحات هو التصريح الذي وجه ضد المملكة العربية السعودية، حيث تقدمت إسرائيل بمقترح لإقامة دولة فلسطينية داخل حدود المملكة.

وكانت مصر من أوائل الدول التي علقت على جهود الطرد الإسرائيلية ورفضتها. ووصفت وزارة الخارجية المصرية في بيان رسمي هذه التصريحات بأنها “خارجة عن السيطرة”. جاء ذلك رداً على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي زعم فيها إمكانية إقامة دولة فلسطينية داخل حدود المملكة العربية السعودية.

جاءت تصريحات نتنياهو خلال مقابلة مع القناة 14 الإسرائيلية التي تدعم سياسات الحكومة. وقال فيها إن السعودية يمكن أن تقيم دولة فلسطينية داخل حدودها، لأن البلاد تطالب بإقامة الدولة الفلسطينية في أي اتفاق تطبيع قيد البحث. وأشار إلى أن الرياض لديها مساحات واسعة من الأرض يمكن أن تقوم عليها دولة أخرى.

صورة-1_1

الرد من القاهرة

ووصفت مصر، التي كانت من أوائل الدول التي علقت على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، تصريحات نتنياهو بأنها “تصريحات غير منضبطة”، وحذرت من أنها تمثل اعتداء مباشرا على السيادة السعودية وانتهاكا صارخا لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

وحذرت القاهرة، في بيان للخارجية، من أن أمن المملكة العربية السعودية يمثل “خطا أحمر” لن تسمح مصر بانتهاكه، مؤكدة أن أمن واستقرار المملكة هو في صميم أمن واستقرار مصر والدول العربية، ولن نقبل المساس به.

وبالإضافة إلى رفض التصريحات، جددت مصر دعمها الكامل للمملكة العربية السعودية في ردها على ما وصفتها بالتصريحات “المتهورة”، ودعت المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف موحد ضدها.

صورة 2_2

ولم يكن الرفض المصري هو الأول من نوعه، إذ إن القاهرة لديها توجه يرفض بشكل قاطع أي مقترح من شأنه خلق وضع جديد للفلسطينيين في غزة خارج القطاع. وتجدد هذا الرفض بعدما أدلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأولى تصريحاته بعد تنصيبه بشأن مقترح توطين الفلسطينيين، عندما زعم أنه تحدث مع الملك الأردني عبد الله الثاني بشأن توطين الفلسطينيين في مصر والأردن.

وفي اقتراحه الأول، قال ترامب إنه سيتحدث مع الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن نقل الفلسطينيين إلى مصر والأردن، كما فعل بالفعل مع الملك عبد الله. لكن القاهرة نفت ذلك بشكل قاطع، وقالت إن ترامب لم يجر أي اتصال مع السيسي بهذا الشأن. وأكدت القاهرة بذلك رفضها القاطع لأي مقترح لطرد الفلسطينيين من أرضهم.

ولم يحدد اقتراح ترامب الأول مدة بقاء الفلسطينيين خارج منازلهم، حيث ترك الرئيس الأميركي السؤال مفتوحا، قائلا إنها قد تكون مؤقتة أو دائمة. ولكنه أكد أن الطرد كان لصالحهم من أجل إعادة بناء القطاع الذي دمرته الحرب.

صورة 3_3

ورغم الرفض والإدانة الواسعة للمقترح، أعاد ترامب تقديم مقترحه، وإن بشكل مختلف، منهيا بذلك حق الفلسطينيين في أرضهم. وخلال لقائه مع بنيامين نتنياهو، تحدث عن خطة واشنطن للسيطرة على قطاع غزة، بالطبع بعد خروج الفلسطينيين منه إلى جهة غير معلومة، والتي قال إنها قد تكون مصر أو الأردن أو دول أخرى.

وفي خطة ترامب، تريد واشنطن إقامة مشاريع تنموية واستثمارية ضخمة تدر مبالغ ضخمة من المال، تستفيد منها بلاده. وهي تريد أيضا بناء منتجعات سياحية ومراكز تسوق، ولكن الفلسطينيين لن يحصلوا على أي من هذا، لأنهم، وفقا للرؤية الأميركية، ليسوا أصحاب الأرض.

وفي حين رحبت إسرائيل، التي تعتبر تل أبيب صديقا مخلصا، باقتراح ترامب، فإن الأمر لم يكن كذلك في مصر. وحذرت البلاد من العواقب الكارثية لأي قرار من شأنه أن يؤدي إلى تجدد القتال ويهدد أسس السلام في المنطقة.

صورة 4_4

وجددت القاهرة رفضها للمقترح، واعتبرته تصفية واضحة للقضية الفلسطينية وإنهاء لآمال حل الدولتين وتحقيق الحقوق الفلسطينية وحرمانهم من حقهم التاريخي.

إن موقف مصر من طرد الفلسطينيين خارج قطاع غزة ليس وليد الأسابيع الأخيرة، بل كان واضحا منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، عندما ولدت خطة الطرد المدعومة أميركيا. لكن تفاصيله كانت غامضة واختفت سريعا بعد ظهور معارضة واسعة للقرار على المستوى الفلسطيني والعربي وخاصة من مصر، لما يشكله من تهديد لأمن المنطقة وإنهاء أي حل سياسي لإنقاذ القضية الفلسطينية.


شارك