السفاح نجم الشباك في الدراما.. لماذا يلهث الصُناع وراء قصص القتل والجرائم؟

تحدثنا خلال العرض مع خبراء في المجال الفني عن اهتمام صناع الفيلم الكبير بأفلام الجريمة والدوافع وراءها. وبدأنا مع الكاتب والصحفي جمال عبد القادر، الذي يرى أن أحد الأسباب القوية للتوزيع الهائل لهذه الأعمال في الوقت الحالي هو “استغلال عاطفة الجمهور”.وتابع: “المشكلة لها شقين: عندما تظهر جريمة مثل القتل الجماعي أو مجزرة الجيزة، فإن الفضول ينشأ لدى الناس يدفعهم لمتابعة تفاصيل الجريمة على منصات التواصل الاجتماعي وفي البرامج المختلفة، وهذا الفضول يغوي ويغري المسرحيين باستغلال هذا الوضع، وأن الموضوع سطحي وموضع اهتمام الناس، للاستفادة من رغبة الجمهور بالتفاصيل”.
وأضاف: «أما الجزء الثاني فهو يتعلق بشيء كثيرا ما نكرره في مصر وهو النجاح المعدي. عندما ينجح عمل ما، سواء في السينما أو التليفزيون، ينجرف الجميع إليه حتى يصبح موضة ويتم تشبعه، ثم يظهر عمل آخر مختلف وينجرفون إليه مرة أخرى. وهذه الظاهرة تتكرر منذ زمن طويل، سواء في السينما عندما ينجح عمل عن الاضطرابات. تتحول السينما إلى اضطراب، أو يصبح عمل عن المخدرات مجرد مخدرات ونحو ذلك، وينتقل من السينما إلى التلفزيون. إذا نجح عمل سعيدي، فسيتم إنتاج المزيد من المسلسلات. السعيدية حتى يحدث التشبع.وأوضح عبد القادر أنه إذا تمت كتابة هذا النوع بشكل صحيح، فسيكون دراميًا للغاية. لأن الموضوع متشابك ومعقد على أكثر من مستوى نفسي وقانوني وغيره، وهذا مغري للكاتب والمخرج فنيا وللممثل لأنه يمنحهم مجالا للإبداع، وهناك حاليا حالة تشبع كوميدي واحدة. لهذا الاتجاه، أغلبها في مجال أعمال «الجريمة والغموض والنفسية».ويرى عبد القادر أن أفضل ما ظهر في هذا السياق هو مسلسل «بين السطور» الذي يصفه بـ«المتوسط».من جانبها، قالت الناقدة أمل مجدي: «أرى أن الاتجاه يتماشى مع هوس العالم بدراما الجريمة الحقيقية والأفلام الوثائقية. تصل هذه الأعمال إلى نسبة مشاهدة عالية على منصات مختلفة، وبالتالي من المتوقع أن يقدم صانعو الأفلام ومبدعو المسلسلات لدينا موضوعات مماثلة في إنتاجاتهم. وكذلك كل مجتمع له مشاكله وقصصه التي تستحق أن نتناولها ونعالجها حتى تتاح لنا الفرصة للتأمل فيها وتحليلها. الحقيقة هي أن الجرائم تحدث طوال الوقت وستصبح بالتأكيد مادة جذابة للعرض في قوالب للمطورين. قصة تمزج بين الواقع والخيال.وأشارت أمل إلى أن الأفكار الجذابة وحدها لا تصنع أعمالاً درامية عظيمة. المهم هو طريقة تقديمها وتناولها، ومن المؤكد أن قصص القتلة المتسلسلين العرب تحتوي على عناصر الجاذبية والتشويق والإثارة، لكنها تستمد معناها الحقيقي من صياغة بنية سردية محكمة يمكنها تقديم نظرة ثاقبة تخترق إلى أعماق النفس البشرية وهي مثيرة…أسئلة شجاعة.وتابعت: “بشكل عام، هذه القصص تتطلب مستوى عاليا من الوعي من جانب صانع العمل، حيث أن الاقتباسات الفنية تمنح القاتل أحيانا صفات جذابة تجعله معجبا به لدى الجمهور، مقابل تهميش الضحايا”. وتعرضت مسلسلات مثل «دهمر» لانتقادات بسبب تلميع صورة القاتل وإثارة التعاطف «معه».وأضافت: “يبدو أننا نتعامل مع إنتاجات معزولة، يسعى بعضها إلى تناول مواضيع جريئة والتعامل معها، بينما يهدف البعض الآخر إلى الاستفادة من الاتجاه لتحقيق مكاسب سريعة. ومع ذلك، فإن المعيار الحقيقي لقياس قيمتها الفنية يظل جودتها وقدرتها على الصمود أمام اختبار الزمن.وذكرت أمل مثال «جزار الجيزة» باعتباره أحد الأعمال التي اتجهت إلى التأثر بالأسلوب الأجنبي في تصوير الموضوع، بالإضافة إلى نهايته السخيفة والضعيفة التي تميل إلى التقليل بشكل كبير من الموضوع والضحايا.لمدة: “يبدو لكم أمام إنتاجات متفرقة، اخترت سبورتس للتماس مع قضايا جريندة والجبل الخاصة بها، بينما يستهدف البعض الآخر لقد نجحوا في النجاح بسرعة، ومع ذلك، خففوا من الضغوط الحقيقية المؤقتة الفنية هو جودتها وقدرتها على الصمود الأمامي اختبار الزمن”.وذكرت أمل، نموذج “سفاح الجيزة” كأحد الأعمال التي تأثرت بالأسلوب الأجنبي في طرح القضية، بالإضافة إلى تحديد الهزلية والضعيفة التي مالت إلى استخفاف شديد بالقضية والضحايا.