الإندبندنت: الاعتراف بدولة فلسطين لن يغير الواقع

منذ 2 ساعات
الإندبندنت: الاعتراف بدولة فلسطين لن يغير الواقع

وذكرت صحيفة الإندبندنت البريطانية في افتتاحيتها أن الحكومة البريطانية أعلنت اعترافها الرسمي بدولة فلسطين بالتنسيق مع كندا وأستراليا وسط تصاعد الحرب في غزة وعدم تحقيق أي تقدم نحو حل الدولتين.

وأشارت إلى أن هذا الإعلان جاء عشية اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعد أن هددت بريطانيا باتخاذ هذه الخطوة في يوليو/تموز الماضي، ودعت إلى وقف إطلاق النار الإسرائيلي والعودة إلى محادثات السلام.

وأضافت: “لكن إسرائيل لم ترفض هذه الشروط فحسب، بل صعدت عملياتها العسكرية، بما في ذلك اغتيال قادة حماس في قطر”.

ورغم أن الاعتراف تم تنسيقه مع دول أخرى، فإن المقال ينص على أن “الولايات المتحدة أظهرت اهتماما ضئيلا بهذا التحول”، مما يضعف تأثيرها الدولي ويجعله موقفا رمزيا أكثر، بحسب صحيفة “إندبندنت”.

تنص المادة على أن “الاعتراف لا يغير شيئًا على أرض الواقع. لا حدود واضحة، ولا عاصمة، ولا حكومة موحدة للفلسطينيين”.

أثار الاعتراف البريطاني ردود فعل متباينة داخل المملكة المتحدة وخارجها. اعتبرت إسرائيل القرار مكافأةً لحماس على هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ووصفته بأنه “تحيز غير مبرر”. وأعرب بعض أعضاء الجالية اليهودية البريطانية عن غضبهم، معتبرين أن القرار يُضعف موقف الرهائن ويكافئ الإرهاب.

مع ذلك، رحّبت السلطة الفلسطينية بهذه الخطوة، لكنها تساءلت عن سبب التأخير. ونقل المقال عن السلطة قولها، من بين أمور أخرى: “نرحب بهذا القرار، لكننا نتساءل لماذا تأخر كل هذا الوقت؟”

وأشارت الصحيفة إلى أن القرار يرضي الجناح اليساري في حزب العمال ويعطي رئيس الوزراء كير ستارمر دفعة معنوية قبل مؤتمر الحزب.

وهذا يظهر أيضاً تحولاً في الموقف البريطاني من الدعم غير المشروط للسياسة الأميركية تجاه إسرائيل إلى موقف أكثر انتقاداً، مماثلاً لموقف كندا وفرنسا.

ولكن صحيفة الإندبندنت أشارت إلى أنه على الرغم من لغتها القوية فيما يتعلق بالأحداث في غزة، فإن بريطانيا لم تتمكن من التأثير على السياسة الإسرائيلية.

وبحسب صحيفة الإندبندنت، ورغم أهميته الرمزية، فإن الاعتراف بدولة فلسطين لن يؤدي إلى تسريع إنشاء الدولة الفلسطينية ولن يغير الواقع السياسي الحالي.

ذكرت افتتاحية الصحيفة البريطانية: “لا توجد دولة فلسطينية يمكن الاعتراف بها، لا قانونيًا ولا عمليًا”. وأضافت: “الاعتراف لن يُجبر إسرائيل على تغيير مسارها، ولن يُسرّع من إقامة دولة فلسطينية، ولن يُنقذ أرواحًا في غزة”.

واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول: “إن حل الدولتين لا يزال بعيد المنال كما كان قبل 25 عاما”.

“التفاوض على الإنسانية”

صوورة_2

في هذه الأثناء، نشرت صحيفة الغارديان البريطانية مقالاً لمعظم مالك، المدير التنفيذي لمنظمة “أنقذوا الأطفال”، دعا فيه إلى إدخال المساعدات إلى غزة بغض النظر عما إذا تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار أو واصلت إسرائيل عملياتها العسكرية في قطاع غزة.

وقال مالك: “مع استمرار الحرب في غزة، تتزايد التحذيرات من استخدام المساعدات الإنسانية كأداة سياسية وليس كاستجابة عاجلة لمعاناة المدنيين”.

وتسلط المقالة الضوء على هذا التناقض، حيث تنص على أن “المساعدات يجب أن تُقدم وفقًا للحاجة، وليس الولاء السياسي أو المواقف الجيوسياسية”.

وأوضح أن المنظمة التي يقودها تنشط في غزة منذ سنوات، وحذر من أن الوضع في رفح أصبح كارثيا.

وأشار إلى أن أكثر من مليون شخص يعيشون هناك في ظروف غير إنسانية دون مياه نظيفة أو رعاية طبية أو غذاء كاف.

ومع ذلك، تخضع إمدادات المساعدات التي تصل عبر المعابر الحدودية لضوابط صارمة من قبل إسرائيل، وهو ما يعني أنها لا تصل إلى المحتاجين.

وتقول المقالة: “لا يمكننا أن نتجاهل حقيقة أن الأطفال يموتون من الجوع والمرض بينما يتم استخدام المساعدات كأداة للمساومة”.

وانتقد الكاتب المعايير المزدوجة في التعامل الدولي مع الأزمات، مشيرا إلى أن ما يعتبر غير مقبول في السودان أو سوريا يتم تبريره في قطاع غزة بحجة الأمن الإسرائيلي.

وأضاف: “إذا كان الحصار الكامل لقطاع غزة ضرورة أمنية فلماذا يتم إدانته عندما يتم في أماكن أخرى؟”.

وبحسب المقال فإن الأمم المتحدة لم تعد قادرة على توفير الحماية الحقيقية للمدنيين، على الرغم من وضوح القانون الدولي بشأن هذه القضية.

وأشار الكاتب إلى أن “المنظمات الإنسانية مجبرة على العمل في ظل ظروف سياسية، مما يقوض مصداقيتها ويعرض حياة موظفيها للخطر”.

وتنتقد المقالة أيضا موقف بعض الدول الغربية التي اكتفت بالتعبير عن التعاطف بينما استمرت في تقديم الدعم العسكري واللوجستي لإسرائيل.

وقال مالك “لا يمكننا أن ندعي الحياد بينما نسلح طرفا ونطالب الطرف الآخر بضبط النفس”.

ويصبح من الواضح أيضًا أن القيود المفروضة على استيراد إمدادات الإغاثة لا تقتصر على الغذاء والدواء، بل تشمل أيضًا الوقود، وهو أمر ضروري لتشغيل المستشفيات ومحطات المياه.

وأشار مالك إلى أن “استيراد الوقود محظور بذريعة إمكانية استخدامه لأغراض عسكرية. لكن النتيجة هي وفاة أطفال في الحاضنات بسبب انقطاع التيار الكهربائي”.

وتشير المقالة إلى الاستخدام السياسي للمساعدات وحقيقة مفادها أن “الإنسانية أصبحت أداة تفاوضية وليس مبدأ عالميا غير قابل للتفاوض”.

في ختام المقال، يطرح الكاتب سؤالاً أخلاقياً مهماً: “هل أصبحت المساعدات الإنسانية أداة للمفاوضات السياسية؟ هل فقد العالم قدرته على التمييز بين المساعدات الإنسانية والتوجه السياسي؟”

ورد الكاتب قائلا: “إذا لم نغير طريقة تعاملنا مع غزة فإننا لن نساعد الأطفال بل سنساهم في استمرار معاناتهم”.


شارك