مهرجان القاهرة لمسرح العرائس.. شهادات على إبداع أحمد حلاوة وأحمد رأفت بهجت

استضافت كلية الفنون بالقسم الثاني بأكاديمية الفنون الجميلة الحلقة النقاشية الثالثة حول فن العرائس، ضمن فعاليات مهرجان القاهرة الأول للعرائس. أدار الحلقة فنان العرائس والمخرج هشام علي.
في بداية الجلسة تحدث هشام علي عن التساؤلات التي طرحها الناقد محمد الروبي في المائدة المستديرة الثانية الأسبوع الماضي حول طبيعة ناقد فن العرائس وآليات النقد في مسرح الطفل.
في هذا السياق، تحدث الشاعر والكاتب محمد بهجت عن قارئ الصحيفة اليومية، وكيف يختلف عن الباحث أو المتخصص. وأشار إلى أن المسرح صراعٌ ومواجهةٌ للفنان الذي يبدعه، سواءً كان طفلاً أم بالغاً، وسواءً مارسه هاوياً أم محترفاً.
وأضاف أن التلفزيون المصري يتعامل مع فنون الأطفال والدمى باعتبارها من الدرجة الثانية، وأن مؤلفي أعمال الأطفال يحصلون على نصف أجور جميع المؤلفين الآخرين فقط.
أكد بهجت أن دور الناقد هو مساعدة الجمهور على الحفاظ على المحتوى القيّم وتجنب المحتوى التافه. وأشار إلى أن على نقاد المسرح فهم تفاصيل فنون الأطفال جيدًا قبل نقدها.
صرح المخرج محمد نور بأن مهرجان العرائس حلمٌ يتحقق لكل من يعمل في هذا المجال، وشكر أكاديمية الفنون على دعمها واستضافتها للمهرجان. منذ عام ١٩٥٩، لم يُعر أحدٌ اهتمامًا لفن العرائس نقدًا وتوثيقًا، خاصةً مع ظهور العروض الدرامية.
قال إن من أوائل من انخرطوا في هذا الفن الناقد مختار السويفي، الذي كتب عن فن العرائس، والشاعر صلاح جاهين، الذي كان له دورٌ أساسي في تأسيس فرقة مسرح العرائس في ذلك العام. وأضاف: “لكننا اليوم نفتقر إلى كتاب عن فن العرائس والمواضيع ذات الصلة”.
أكد على وجود فرق بين الأداء البشري. فبينما لا تستطيع الدمية إلقاء مونولوج طويل، إلا أنها قادرة على أداء حركات لا يستطيع الشخص العادي القيام بها.
من جانبها قالت الناقدة الدكتورة سامية حبيب إنها فخورة بفكرة هذا المهرجان، ووجهت الشكر للدكتورة غادة جبارة رئيسة الأكاديمية والدكتور حسام محسن رئيس المهرجان والدكتور محمود فؤاد صدقي مدير المهرجان والدكتورة مي محب نائبته على تنظيم هذا المهرجان لفن العرائس في مصر، حيث تعد مصر أحد منشأ هذا الفن وليس دول جنوب شرق آسيا فقط.
وأضافت أن الدمية جزء لا يتجزأ من شخصيتها منذ الصغر، وأن فن الدمى لا يحتاج إلى ناقد متخصص، فقواعد النقد واحدة. إلا أن لكل فن خصائصه المميزة، سواءً في الدمية نفسها، أو محركها، أو صوتها، الذي يُشكل شخصية الفنان.
وأكدت أن النقد عملية تجمع بين العلم الذي يجب فهمه ودراسته، وتقدير ما نحب. في مسرح العرائس، يكون الطفل، من خلال تجاربه مع العروض، مصدر أفكار الناقد.
ركز الجزء الثاني من الندوة على قصص من مسرح الطفل. تحدث الفنان هشام علي عن الفنان الراحل أحمد حلاوة ودوره في فن العرائس. وأوضح أنه، بالإضافة إلى عمله كممثل، عمل نحاتًا للعرائس في بيت العباسية، وقدم العديد من المسرحيات الناجحة، منها “حارة عم نجيب” و”ليه تلومني؟”
في هذا السياق، روت الفنانة فاطمة محمد علي أول لقاء لها بالدكتور أحمد حلاوة قبل عشرين عامًا، حين التقت به مع شقيق زوجها، الملحن حاتم عزت. وتحدثت عن مسرحية “حارة عم نجيب”، قائلةً: “عندما رآني حلاوة على خشبة المسرح في مسرحية “الرجل في القلعة”، حيث كنت أمثل وأغني، قال لي: سأكتب لكِ مسرحية عرائس. وبالفعل، بعد أربعة أشهر، حملت المسرحية عنوان “لماذا تلومني؟”.
وأضافت: “قام الفنان أحمد حلاوة بتأليف وإخراج ونحت دمية تشبهني وترتدي ملابس جميلة. صممتها زوجته السابقة جمالات عبده، وقمتُ بدوري زبيدة وابنته. ونظرًا لنجاح المسلسل، أطلق عليّ الجمهور اسم تحية كاريوكا ونعيمة عاكف”.
تابعت والدموع تملأ عينيها: “تعلمتُ الكثير عن فن الدمى من حلاوة. كان له تأثيرٌ كبيرٌ عليّ وآمن بموهبتي. ومن أهم نصائحه لي أن الفنان يستطيع أن يكون مثل كلاي ويفعل أي شيء في المسرح”.
قالت الشاعرة هبة حلاوة، ابنة المرحوم الدكتور أحمد حلاوة، إنه أحب بيرم التونسي وعلمها صناعة العرائس. وأكدت أن هذا العمل أفادها في تعليم الأطفال، وأن استخدام العرائس في المدرسة جعلها قدوة للمعلمين.
في سياقٍ مماثل، روى المخرج محمد نور قصته للناقد السينمائي – وليس الناقد المسرحي – أحمد رأفت بهجت، رئيس تحرير مجلة الفنون سابقًا. يُعد بهجت، إلى جانب صلاح السقا وناجي شاكر، رائدًا في مجال مسرح الأطفال والعرائس.
وأضاف: “منذ صغره، كان يتابع برنامج نادي السينما مع عائلته كل سبت، وكان معجبًا جدًا بنقد وتحليلات الراحل أحمد رأفت. وبعد فترة، شاء القدر أن يعمل الناقد أحمد رأفت على مشروع لعرض فيلم “أنا وعرائس المطار”، الذي كتبه وأخرجه بنفسه. وكان شكري عبد الله مديره التنفيذي، ولكن نظرًا لسفر شكري، اقترح عليّ العمل في المسلسل بدلًا منه”.
واختتم حديثه قائلاً إنه درس على يد أحمد رأفت وتعلم منه الكثير. “أراد أن يُظهر له قدرته على إدارة المسرح، فخطرت له فكرة كتابة سيناريو العرض، وهو أمر جديد آنذاك. بعد ذلك، بدأ يثق به كمخرج.”
وحضر الحفل جمع كبير من أعضاء اللجنة العليا للمهرجان: الدكتور أسامة محمد علي، مدير مسرح العرائس، الإعلامي محمد بدر، ومن لجنة الورشة: المهندسة هبة بسيوني، الفنان محمد عسكر، المدرب صدام العدالة، الشاعر سامح هريدي، رضوى رشاد عثمان.