رحلة الفقد والتعافي معضلة الإنسان الصعبة جلسة نقاشية في ميدفست للأفلام

أقيم العرض الختامي لمهرجان ميدفيست مصر للأفلام القصيرة في قاعة إيوارت التذكارية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. وعُرضت مجموعة مختارة من الأفلام بعنوان “المحطة السادسة: اللافتات”. قُسّم برنامج الأفلام إلى ست محطات، لكل منها موضوع درامي محدد يربط بين الأفلام المعروضة.
تضمّن البرنامج الختامي أربعة أفلام: “فتاة الثانوية” من فرنسا، و”تيتا” من مصر، و”40″ من مصر، و”الأخير” من لبنان. جميع هذه الأفلام الروائية القصيرة مرتبطة بمشاعر الفقد التي تُحيط بشخصياتها، سواءً كان فقدان زوجة، أو حبيبة، أو أم، أو جدة.
وقد قدمت الأفلام معالجات درامية مختلفة لهذا الشعور حسب مواصفات المخرج وأسلوبه.
عقب العرض، عُقدت حلقة نقاشية مع الممثل تامر نبيل، والمخرج أمير رمسيس، والدكتور كريم راغب، أخصائي الطب النفسي والعلاج النفسي. أدار الحلقة صانع المحتوى مايكل ملك. وشارك في الندوة، إلى جانب الجمهور، عدد من صناع الأفلام، منهم أحمد سمير، مخرج فيلم “تيتا”. بدأ أمير رمسيس حديثه بمناقشة إخراج الفيلم، واصفًا إياه بالذكي. واعتبره ناجحًا للغاية، بدءًا من تناوله لموضوع الفقد في الفيلم الفرنسي الأول، وصولًا إلى حذف صورة الفقد في نهاية الفيلم اللبناني. وقد فاجأه الأسلوب الساخر، مع أنه يعرف المخرج معرفة شخصية، ولم يكن متوقعًا منه تناول هذا الموضوع بطريقة كوميدية.
وأكد تامر نبيل على نفس النقطة، مضيفاً أن فيلم “تيتا” كان عزيزاً على قلبه بشكل خاص، ورغم صعوبة العلاج إلا أنه أعجب بشكل خاص بالأداء التمثيلي للطفلة.
من الناحية النفسية، علّق كريم راغب قائلاً: “تتمتع الأفلام الأربعة بعبقرية خاصة، فهي لا تلجأ إلى الطب النفسي، بل تنقل ببساطة فكرة أن الحياة قادرة على تحفيز الإنسان على تجاوز الخسارة. لا يمكننا إنكار أهمية التأثر وتجربة المراحل الطبيعية للخسارة، ولا دور المعالج النفسي وأهميته خلال هذه المراحل في فهم طبيعة كل فرد والعودة تدريجيًا إلى حالة الاستقرار”.
وأضاف: “التعافي يعني تقبّل شعور الخسارة ومواصلة حياتي. أنا لا أنسى. من الصعب على الإنسان أن ينسى، لكن شدة المشاعر تخفّ مع مرور الوقت”.
اختلف رمسيس مع هذه النقطة، معلقًا: “الوقت لا يلعب دورًا في عملية الشفاء. القدرة البشرية على التصالح هي العامل الحاسم. لا أعتقد بوجود شيء اسمه النسيان. قد تكون فقدت شخصًا قبل ربع قرن، لكن في نومك، قد تطاردك تلك الذكرى الحزينة. لا أريد أن أخوض في تفاصيل شخصية، لكن آخر مرة عملت فيها مع يوسف شاهين كانت عام ٢٠٠٤ كمساعد مخرج. توفي عام ٢٠٠٨، وإلى يومنا هذا، أراه يُخرج في أحلامي وأنا مساعده. لذا لا أعتقد أن مرور الوقت كافٍ”.
في الوقت نفسه، يؤمن أمير رمسيس بقدرة الفن على مساعدة الناس على التعافي. ويؤكد أنه مرّ بمواقف في حياته وفّرت له السينما ملجأً مرارًا وتكرارًا. “هناك العديد من التجارب الشخصية التي لولا السينما لكانت حالتي مع الاكتئاب مختلفة تمامًا. رؤية شخص على الشاشة يشبهك ويعاني من نفس الألم تُساعدك. السينما طريقٌ جيدٌ للتعافي.” ويوافقه الممثل تامر نبيل الرأي، موضحًا: “التمثيل يُساعد كثيرًا على التعافي، ويمكن أن يكون علاجًا للممثل.”
انطلق مهرجان ميدفيست مصر عام ٢٠١٧ كحدث سنوي يجمع صناع الأفلام والأطباء وعلماء النفس والجمهور، ليقدموا تجربة فريدة تجمع بين الفن والصحة، من خلال عروض أفلام من مصر والعالم، وحلقات نقاش وورش عمل. يهدف المهرجان إلى تسليط الضوء على دور السينما في تصوير التحديات الإنسانية، وخلق مساحة للتفاهم المجتمعي.