مساحة آمنة أونلاين.. حوار مفتوح حول حماية الأطفال من مخاطر العالم الرقمي

رامي رضوان: أشفق على من يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي كمصدر دخل أساسي له.
بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي ويونيسف مصر، نظم مهرجان ميدفيست مصر حلقة نقاشية بعنوان “المساحات الآمنة على الإنترنت” في القاعة الشرقية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. ناقشت الحلقة تحديات السلامة الرقمية للأسرة، وتناولت التنمر الإلكتروني، والتحرش الإلكتروني، والثقافة الرقمية، واستراتيجيات الحماية.
أدارت الجلسة خبيرة حماية الطفل، سلمى الفوال، وتحدثت عن تأثير الفن على حياتنا وكيف يعكس تجاربنا. كما تناولت تأثير العالم الرقمي على حياة الأطفال والشباب، مسلطةً الضوء على العديد من التحديات والقضايا المتعلقة بالتنمر الإلكتروني والتحرش. وأكدت أن الجلسة ركزت على كيفية خلق بيئة رقمية أكثر أمانًا.
شارك في الجلسة كلٌّ من الإعلامي رامي رضوان، والممثلة جيسيكا حسام، وفرح شاش، أخصائية علم النفس المجتمعي التي تُقدّم الدعم النفسي للأشخاص المتعرّضين للعنف. وشارك أيضًا حنين ومحمود، وهما شابان مُلهمان، وشاركا أفكارهما.
قال رامي رضوان إن هناك أمورًا كثيرة تُقلقه في عالم التواصل الاجتماعي، موضحًا: “أكثر ما يُقلقني في هذا العالم هو حالة عدم اليقين. في كل مرة أشعر فيها أنني وصلتُ إلى خط النهاية لأطمئن على ابنتي، أجد شيئًا جديدًا قد ظهر. أشعر وكأننا نعيش في دوامة، في سباق لا ينتهي. اليوم نتحدث عن الذكاء الاصطناعي؛ بالأمس كنا نتحدث عن وسائل التواصل الاجتماعي والفيديوهات القصيرة. أكثر ما يُخيفني هو الدوامة. في كل مرة، كأب، أكتشف شيئًا وأقول إني وجدته ووجدت الحل، أُدرك أنني لا أعرف شيئًا على الإطلاق”.
وأضاف: “إنه عالمٌ خفيٌّ لا نعرف عنه شيئًا. إنها دورةٌ لا نهاية لها. نحاول باستمرار اكتشاف الخطر وحماية منازلنا وعائلاتنا منه. بالإضافة إلى مسؤولياتي كصحفي، أحاول توعية الناس من خلال عملي. إنها رحلةٌ شاقةٌ للغاية”.
فيما يتعلق بالتدابير التي يمكن اتخاذها لجعل هذا العالم أكثر أمانًا، قال: “أولًا، لا ينبغي أن يكون أحدٌ مجهولًا في هذا العالم. الأسماء الغريبة والصور المجهولة لا مكان لها. كل من يكتب رسالةً أو يُعيد نشر صورة أو منشور يتحمل المسؤولية القانونية. إذا قال شيئًا خاطئًا، فسيُحاسب. هناك من يرتكبون انتهاكات، وأنا على يقين أن لا أحد يعرف هويتهم. لو كان الأمر بيدي، لسيطرتُ على وسائل التواصل الاجتماعي. لحذفتُ الفيديوهات القصيرة لأنها أثّرت على الأطفال والشباب. لقد أصبح استخدام وسائل التواصل الاجتماعي مُفرطًا، وهذا يُؤثر سلبًا على الصحة النفسية للناس. علاوةً على ذلك، لا ينبغي أن تكون هناك لجان إلكترونية.”
بخصوص مشاركتها في مسلسل “فول هاوس” وتجسيدها لشخصية تعاني من أزمة بسبب وسائل التواصل الاجتماعي، قالت جيسيكا إن العمل يطرح مواضيع توعوية، ويعرض كيف مرت الفتاة بهذه التجربة وكيف تم إيجاد حل لها. كما أكدت على أهمية المصارحة مع الأهل، وإدراك أن لديهم وعيًا أكبر بكثير من أقرانهم. وأضافت: “التشابه مع الواقع يساعد الفتيات، فإذا رأت الفتاة حلاً في المسلسل، ستشعر بوجود حل لمشكلتها”.
تحدثت فرح شاش عن المخاوف المتعلقة بالأمن وحماية البيانات والضغوط الاجتماعية. وأضافت: “ينصبّ التركيز في مجال الأمن على التحرش الإلكتروني، الذي يزداد انتشارًا، بالإضافة إلى الملاحقة والتنمر. يشعر الكثيرون بالقلق إزاء التنمر نظرًا لتأثيره النفسي الشديد، ولضعف قدرة المتضررين منه على حماية أنفسهم”.
شارك رامي الجمهور تجاربه مع ابنته كايلا، وكيف يتعامل مع استخدامها لوسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات المختلفة. وأشار إلى أنه أحيانًا يُطلق العنان لطبيعته الأبوية المتسلطة، فيُعرّفها بأمور تجهلها، ويُحدّد لها وقتًا مُحدّدًا لاستخدام التطبيقات المختلفة، وبعدها يُمنع عنها تمامًا، “حتى تُدرك أن لكل شيء حدودًا، فأُوضّح لها أنني خائف، ليس لأنني مُتعوّد على هذا العالم، وأُحدّثها عمّا يحدث، وبصراحة، تربية هذا الجيل صعبة جدًا. والله، يا لحظّ والدينا.”
أكدت فرح على أهمية خلق مساحة من الصداقة بين الآباء والأبناء، ومنحهم الأمان للتحدث عن تجاربهم حتى لا يسيطر عليهم الخوف: “على العائلات التوعية بأهمية السلامة، لكن الأطفال والشباب قد يرتكبون أخطاءً ويحتاجون إلى مستوى إضافي من الحماية والتدخل. علينا أن نتقبل تعرضهم لبعض الأمور، وأن نصدق الطفل ونخلق مساحة بيننا وبينه، مؤكدين أن لكل شيء حلًا”.
أكد رامي رضوان تعاطفه مع من يعتبرون وسائل التواصل الاجتماعي مصدر دخل. وأوضح: “بالنسبة للمؤثرين، يُعدّ الوصول إلى الجمهور أمرًا بالغ الأهمية. وعندما يتراجع هذا الوصول – مصدر دخلهم الرئيسي – يبذلون قصارى جهدهم لإحيائه. على سبيل المثال، ينشرون شائعة طلاق دنيا ورامي. يُحزنني أن يتابع الناس صفحةً غامضةً تنشر شائعةً للحصول على المزيد من التفاعل وملايين المشاركات والمشاهدات. هذا محتوى غير ذي صلة”.
وأشار إلى أن بعض الناس أصبحوا أسرى سيطرة مواقع التواصل الاجتماعي. يقولون ما يريدون ويمتنعون عن قول ما لا يريدون، “لأنها أصبحت مصدر رزقهم. أشفق على كل من يدخل تلك الدائرة، لأنه لن يستطيع الخروج منها إلا إذا وجد بديلًا”.
انطلق مهرجان ميدفيست مصر عام ٢٠١٧ كحدث سنوي يجمع صناع الأفلام والأطباء وعلماء النفس والجمهور، ليقدموا تجربة فريدة تجمع بين الفن والصحة، من خلال عروض أفلام من مصر والعالم، وحلقات نقاش وورش عمل. يهدف المهرجان إلى تسليط الضوء على دور السينما في تصوير التحديات الإنسانية، وخلق مساحة للتفاهم المجتمعي.