جوانا.. برنامج أفلام يستكشف الصوت الداخلي للإنسان وصراعه مع ذاته في مهرجان ميدفست
تستكشف برامج أفلام مهرجان ميدفيست مصر جوانب النفس البشرية الخفية، من خلال اختيار أفلام تُخاطب الجمهور ذهنيًا وتطرح تساؤلات حول الحياة والعلاقات وأنفسنا. لكل برنامج عنوان فريد، ويُقدم مجموعة من الأعمال التي استكشف مبدعوها الطب النفسي. أما المحطة الرابعة، بعنوان “جوانا”، فتُقدم رحلة في النفس البشرية من خلال ستة أفلام من بلدان مختلفة، كل منها بلغة مختلفة، لكنها تستكشف الصوت الداخلي الذي نواجهه.
وتضمن برنامج جوانا أفلاماً مثل “كوما” من فرنسا، و”ريتشارد” من النمسا، و”ماذا يحدث في حياة نادين” من مصر، و”بيرسونا” من كوريا، و”معايير السلامة في التعامل مع العارضات” من مصر، و”الانتظار” من سويسرا، و”يجب أن تستمع” من كندا.
قدّم كل مخرج، انطلاقًا من تجربته السينمائية، رحلة فريدة في أعماق شخصياته. كل شخصية تعاني من قلق، أو فكرة تسيطر عليها، أو شعور يطاردها في أعماقها. تنوعت أساليب العرض بين أفلام الرسوم المتحركة والوثائقية والروائية. تناولت هذه الأفلام الاكتئاب، والصدمات النفسية، والصراع مع مشاكل الماضي، ورؤية العالم من خلال مساحة ضيقة في عقل مريض غيبوبة، وصعوبة التظاهر بعكس المشاعر الحقيقية. عقب العرض، عُقدت حلقة نقاشية مع المخرجة مريم أحمدي، والممثل صدقي صخر، والطبيب النفسي مصطفى الطنطاوي، والمبرمج أحمد نبيل.
علّق الدكتور مصطفى الطنطاوي على الأفلام قائلاً: “أعجبني أن الأفلام تطرح أسئلةً أكثر مما تُقدّم إجابات. كما أنها تُعالج مواضيع درامية صعبة: الوحدة، والخوف، والتوتر، والحزن. ولعلّ كل هذا، بطريقة أو بأخرى، يعكس ثمن الحداثة التي نعيشها. ليس لدينا حلٌّ لعالمنا اليوم سوى إنسانيتنا، التي يُمكننا العودة إليها والاستمتاع بها، كما حدث في فيلمي “ماذا يحدث في حياة نادين” أو “يجب أن تستمتع بها”.
قالت مريم أحمدي: “أعتقد أن المخرج إذا لم يتفاعل مع الشخصيات التي يتحدث عنها، فلن يقدمها بصدق يتردد صداه لدى الجمهور. على المخرج أن يتفاعل مع رحلة الشخصيات ومشاعرها الداخلية. كان الفيلم الذي أعجبني أكثر هو أول فيلم فرنسي، “كوما”، لأن رحلته بسيطة ومعقدة في آن واحد”. في كلمتها، أكدت على أهمية الطب النفسي في استكشاف أصواتنا الداخلية وتعقيداتها، وكذلك في عملها، قائلةً: “شخصيًا، لا أعرف كيف أعمل على مشروع بدون معالج نفسي، مهما كان بسيطًا”.
وأبدى صادق صخر إعجابه بشكل خاص بأفلام الرسوم المتحركة “كوما” و”بيرسونا” و”انتظار”، لأن هذا الأسلوب برأيه يمنح المبدع قدراً كبيراً من الحرية الإبداعية والخيال لتقديم معالجة غير مقيدة للقصة.
تناول النقاش أيضًا أهمية الطب النفسي في حياة صانعي الأفلام، وخاصةً في المشاهد الصعبة التي قد تُلامس صدمات الحياة الواقعية للممثلين. وأكدت أحمدي على حضور الدكتور نبيل القط في معظم مشاهد مسلسلها “60 دقيقة”. كما انتقدت صخر بعض المخرجين الذين يضغطون على ممثليهم لتقديم مشهد مثالي، متجاهلين حالتهم النفسية والعمليات العقلية التي قد تتطور نتيجة تصوير المشهد.
يذكر أن مهرجان ميدفيست افتتح يوم الأربعاء 17 سبتمبر بحضور عدد من صناع السينما منهم أمير رمسيس ويسرا اللوزي وأمينة خليل التي تم تكريمها في حفل الافتتاح، بالإضافة إلى أخصائيي الطب النفسي الدكتورة منى الرخاوي والدكتور نبيل القط.
انطلق مهرجان ميدفيست مصر عام ٢٠١٧ كحدث سنوي يجمع صناع الأفلام والأطباء وعلماء النفس والجمهور، ليقدموا تجربة فريدة تجمع بين الفن والصحة، من خلال عروض أفلام من مصر والعالم، وحلقات نقاش وورش عمل. يهدف المهرجان إلى تسليط الضوء على دور السينما في تصوير التحديات الإنسانية، وخلق مساحة للتفاهم المجتمعي.