اتفاق أمني متوقع بين إسرائيل وسوريا برعاية أمريكية وخريطة لتقسيم الجنوب

منذ 2 شهور
اتفاق أمني متوقع بين إسرائيل وسوريا برعاية أمريكية وخريطة لتقسيم الجنوب

نشر المعهد الأمريكي لدراسة الحرب خريطة مفصلة على موقعه الإلكتروني توضح مقترحاً لتقسيم المنطقة الجنوبية من سوريا كجزء من اتفاقيات أمنية مستقبلية على الحدود مع إسرائيل.

وبحسب الخريطة تم تقسيم المنطقة إلى ثلاث دوائر جغرافية وأمنية:

وفي المنطقة الأولى، سيتم توسيع المنطقة العازلة الحالية بين إسرائيل ومحافظة القنيطرة بمقدار كيلومترين داخل الأراضي السورية، مما يعزز الفصل بين القوات المسلحة لكلا الجانبين.

المنطقة الثانية: لم يُحدد حجمها بدقة بعد، وتقع مباشرة خلف المنطقة العازلة، وهي الأقرب إلى الحدود الإسرائيلية. ووفقًا للمقترح، لن يُسمح بتمركز القوات المسلحة السورية والأسلحة الثقيلة فيها، بينما يُسمح لأجهزة الأمن والشرطة السورية بدخولها والعمل فيها.

المنطقة ٣: تمتد من المنطقة ٢ إلى العاصمة دمشق، وستُعلن منطقة حظر جوي. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان سيُسمح باستخدام القوات العسكرية والأسلحة الثقيلة هناك، أو ما إذا كانت ستُطبق قيود إضافية.

ويأتي نشر هذه الخريطة في وقت تتزايد فيه المناقشات حول مستقبل الإجراءات الأمنية في سوريا، وخاصة على الجبهة الجنوبية، التي تعتبر من أكثر المناطق حساسية بالنسبة لإسرائيل.

أثارت الخريطة ردود فعل واسعة بعد تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع إلكترونية إسرائيلية وعربية عديدة. واعتبرها البعض مؤشرًا على توجهات دولية جديدة نحو إعادة التوازن الأمني في المنطقة.

معهد دراسة الحرب هو مؤسسة بحثية أمريكية مستقلة غير ربحية مكرسة لتعزيز الفهم العميق للشؤون العسكرية من خلال البحث الدقيق والتحليل الموثوق، فضلاً عن تطوير البرامج التعليمية المبتكرة.

يركز المعهد على تحسين قدرات الولايات المتحدة على إجراء العمليات العسكرية ومعالجة التهديدات المتطورة لخدمة أهدافها الاستراتيجية طويلة الأجل.

أفادت وسائل إعلام إسرائيلية أن إسرائيل قدّمت بالفعل مقترحًا مفصلاً للحكومة السورية الجديدة قبل بضعة أسابيع. تضمّن هذا المقترح، من بين أمور أخرى، اتفاقية أمنية تُعيد تعريف اتفاقيات نزع السلاح، وتنص على تمركز قوات في المنطقة الممتدة من جنوب غرب دمشق إلى الحدود مع مرتفعات الجولان المحتلة.

وبحسب التقارير، لم تُصدر دمشق ردًا رسميًا بعد. في غضون ذلك، التقى وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، بوزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، والمبعوث الأمريكي، توم باراك، في لندن الأربعاء الماضي، في إطار الجولة الثالثة من المحادثات برعاية الإدارة الأمريكية برئاسة الرئيس دونالد ترامب.

ويهدف الاقتراح الإسرائيلي إلى استبدال اتفاق فك الارتباط لعام 1974، الذي أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو فشله بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وبحسب المصادر فإن الخطة تعتمد على تقسيم المنطقة إلى ثلاث مناطق أمنية، وتحديد نوع القوات المسلحة وكمية الأسلحة التي يمكن استخدامها في كل منطقة.

ما هي النقاط الرئيسية المقترحة؟

تقسيم جنوب غرب دمشق إلى ثلاث مناطق وتحديد طبيعة وإعداد القوات المسلحة.

– توسيع المنطقة العازلة كيلومترين داخل الأراضي السورية، ومنع استخدام الجيش والأسلحة الثقيلة، ودخول قوات الشرطة فقط.

إعلان منطقة حظر جوي شاملة للطيران السوري في كامل المنطقة حتى الحدود مع إسرائيل.

الحفاظ على “ممر جوي” يسمح لإسرائيل بتنفيذ هجمات مستقبلية على أهداف إيرانية إذا لزم الأمر.

الانسحاب التدريجي لإسرائيل من الأراضي السورية المحتلة باستثناء جبل الشيخ.

ورغم ما وصف بالتقدم النسبي، ذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن هناك حاجة لمزيد من المشاورات للتوصل إلى اتفاق نهائي، خاصة في ضوء التوترات المستمرة مع الحكومة السورية الجديدة، والتي تصاعدت في أعقاب القصف الإسرائيلي لدمشق في يوليو/تموز الماضي.

تتضمن الخطة أيضًا التزامًا إسرائيليًا بعدم التدخل في الشؤون الداخلية السورية والاعتراف بحكومة الرئيس أحمد الشرع. كما تدعو إلى سحب الأسلحة الثقيلة من الحدود وإعادة تصميم المنطقة العازلة بين الجانبين.

1

وبحسب صحيفة “إندبندنت عربية”، فإن الجانبين اتفقا على أكثر من 95% من بنود الاتفاق، ويعتزمان التوقيع رسميا على الوثيقة في 25 سبتمبر/أيلول الجاري خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ومع ذلك، هناك خيار آخر قيد الدراسة أيضاً، والذي ينص على عقد حفل التوقيع في 29 سبتمبر/أيلول في البيت الأبيض، بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والرئيس السوري أحمد الشرع، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بحسب الصحيفة.

ويقال إن العائق الرئيسي يبقى في إحجام الشرع عن اللقاء العلني مع نتنياهو، بسبب الحرب الدائرة في غزة، في حين تواصل الولايات المتحدة ممارسة ضغوط قوية عليه لاتخاذ هذه الخطوة.

ومن المتوقع أن يعلن ترامب شخصيا عن الاتفاق في حفل رسمي في واشنطن، وهو ما قد يمثل انتصارا دبلوماسيا كبيرا بحلول نهاية هذا الشهر.

قرار أمريكي حاسم

وقال البروفيسور إيال زيسر، الخبير في الشؤون السورية ونائب رئيس جامعة تل أبيب، لبي بي سي إن الاقتراح الأمني المطروح بين إسرائيل وسوريا ليس مجرد مبادرة سياسية، بل هو خطوة تعكس “توجهاً أميركياً واضحاً” نحو إعادة تشكيل العلاقات مع النظام السوري الجديد.

صرّح زيسر بأنّ المخاطر التي تواجهها إسرائيل – في حال رفض سوريا أو عدم التزامها بالمقترح – ليست كبيرة. وأضاف: “المشكلة لا تكمن في الجانب السوري، بل في سلوك إسرائيل. فبعد سنوات من الحرب، ليست سوريا في وضع يسمح لها بخوض مواجهات عسكرية كبرى. بل على العكس، فهي تسعى إلى تسوية تخدم مصالحها، إذ تفتقر إلى جيش قوي”.

وفيما يتعلق بمستوى التوتر بين الجانبين، أكد زيسر أنه لا يمكن الحديث عن توتر واسع النطاق، بل عن استمرار العمليات الإسرائيلية المتفرقة.

لكنه أشار إلى أن هذه التطورات لا تؤثر على فرص التوصل إلى اتفاق، حيث أن الحكومة السورية نفسها أكدت أنها بحاجة إلى اتفاق أمني مع إسرائيل.

وفيما يتعلق بإمكانية تقديم تنازلات سورية بشأن جبل الشيخ أو الأراضي السورية، رأى زيسر أن أي اتفاق يجب أن يتناول كل القضايا المتعلقة بجنوب سوريا، بما في ذلك الوضع في القنيطرة والسويداء، فضلاً عن الاتهامات المتكررة بأن إسرائيل تدعم المسلحين في تلك المناطق.

وأضاف: “يجب أن يكون الاتفاق شاملا ويعالج كل هذه القضايا، وهذا هو جوهره”.

وفيما يتعلق بتأثير الاتفاق على الاستقرار الإقليمي، أكد زيسر أن إبرامه سيمثل خطوة أساسية نحو تهدئة الوضع على طول الحدود وحتى داخل سوريا نفسها.

إلا أنه أكد أن السبب الرئيسي وراء هذا الإجراء هو الإرادة الأمريكية: “لقد اتخذت الولايات المتحدة قراراً واضحاً بالتعاون مع النظام السوري الجديد، ولا يمكن لإسرائيل أن تقف في وجه هذا القرار، بل ستضطر للتكيف معه”.

وحول إمكانية فشل المحادثات أو تأجيلها، قال زيسر إن الاجتماعات مستمرة، وقد يتأخر التوصل إلى اتفاق لمدة أسبوع أو أسبوعين، ولكن بدعم أميركي، أصبح ذلك أمراً لا مفر منه في نهاية المطاف.

ولم يستبعد إمكانية عقد لقاء بين نتنياهو والشرع إذا قررت الولايات المتحدة الذهاب في هذا الاتجاه، مشيراً إلى أن الأمر في النهاية يعتمد على ترامب.

وأكد زيسر أن الاتفاق الأمني المقترح يهدف بالدرجة الأولى إلى احتواء الفوضى في سورية وتحويلها إلى مصدر استقرار يخدم مصالح جميع الأطراف.


شارك