خلال مأدبة غداء مع السيسي.. ملك إسبانيا: ندعم جهود مصر لحل أزمة غزة ونؤيد خطتها لإعادة الإعمار

ألقى الملك فيليب السادس ملك إسبانيا كلمة مؤثرة خلال الغداء الرسمي الذي أقامه الرئيس عبد الفتاح السيسي في القاهرة. وأعرب عن امتنانه العميق لحفاوة الاستقبال التي حظي بها هو وزوجته الملكة ليتيزيا، وأشاد بالروابط التاريخية الوثيقة بين إسبانيا ومصر. وأكد أن عام 2025 سيكون عامًا حاسمًا للتعاون بين البلدين، بعد الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.
بدأ الملك كلمته بالإشارة إلى الدبلوماسي والمؤرخ الإسباني إدواردو تودا، الذي عاش في القرن التاسع عشر، والذي وصف مصر بأنها “مهد الإنسانية جمعاء” ومصدرٌ للعلم والفن. وأكد أن هذا التراث الثقافي بوتقةٌ تجمع مصر وإسبانيا، حضارتين متجذرتين في حوض البحر الأبيض المتوسط. وقال: “تتميز صداقتنا الطويلة بتناغمٍ تلقائي، يتجلى في تفاصيل الحياة اليومية، وتقديرٍ متبادلٍ بين شعبينا”.
سلّط الملك الضوء على محطات مهمة في العلاقات الثنائية هذا العام، مشيدًا بزيارة الرئيس السيسي إلى مدريد في وقت سابق من هذا العام (وخاصةً في فبراير الماضي) وما نتج عنها من توقيع “التحالف الاستراتيجي”، فضلًا عن توطيد العلاقات. وأشار إلى أن هذه الخطوة التاريخية، إلى جانب زيارته الحالية للقاهرة، ستجعل من عام 2025 عامًا استثنائيًا في تاريخ العلاقات المصرية الإسبانية. وأكد أن هذه العلاقة ترتكز على حوار سياسي مستمر وتعاون اقتصادي متنامٍ في مجالات النقل والطاقة والمياه، بالإضافة إلى دور السياحة كقطاع رئيسي لكلا البلدين. وأشار إلى أن افتتاح المتحف المصري الكبير “هدية عظيمة من مصر للعالم”.
فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية، تناول الملك فيليب السادس الوضع في فلسطين، منددًا بـ”المعاناة الوحشية وغير المقبولة لمئات الآلاف من سكان غزة”. وجدد دعم إسبانيا لدور الوساطة الذي تقوم به مصر في التوصل إلى وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن، واستئناف المساعدات الإنسانية. وأعرب عن دعمه للخطة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة، مؤكدًا أن “غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية يجب أن تكون جزءًا من دولة فلسطينية قابلة للحياة، تعيش بسلام وأمن إلى جانب إسرائيل”.
فيما يتعلق بالتنمية، أكد العاهل الإسباني أن مصر شريك أساسي في التعاون الإنمائي. وأشار إلى أن الوكالة الإسبانية للتعاون الإنمائي الدولي ضاعفت تمويلها لمصر بين عامي 2022 و2024. وسيستمر هذا التوجه بدعم من التحالف من أجل التنمية المستدامة، الذي من المتوقع توقيعه قريبًا. كما أعرب عن فخره بالمساهمة الكبيرة للحركة الناطقة بالإسبانية في الجامعات المصرية، وأشاد بعمل معهد ثربانتس في القاهرة والإسكندرية، وهما من أكبر فروع المعهد في العالم.
وفيما يتعلق بالعلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي، أكد على أهمية اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة، التي تدعمها إسبانيا بقوة، وتتضمن حزمة مالية طموحة. وأعرب عن أمله في “تعزيز هذه الشراكة خلال القمة بين الاتحاد الأوروبي ومصر في 22 أكتوبر”.
كما تطرق الملك إلى العلاقات الثقافية والعلمية، مشيرًا إلى شغف إسبانيا بالحضارة الفرعونية، الذي عززته البعثات الأثرية المشتركة على مدى ستة عقود، فضلًا عن اهتمامها بالأدب والسينما والموسيقى المصرية المعاصرة. وأضاف: “نأمل أن يتأهل المنتخب المصري لكأس العالم لكرة القدم ويواجه المنتخب الإسباني هناك”.
أكد العاهل الإسباني أن “مصر تبقى مرجعًا هامًا لإسبانيا في القارة الأفريقية”، وأشاد بالدور القيادي للبلاد، وأشار إلى “استراتيجية إسبانيا-أفريقيا 2025-2028″، التي تعكس تطلعات بلاده إلى حضور أقوى في أفريقيا. كما نوّه بعضوية مصر التأسيسية في الشراكة الأورومتوسطية، وشدد على أهمية المنتدى الإقليمي العاشر للاتحاد من أجل المتوسط، الذي ستستضيفه إسبانيا في نوفمبر المقبل احتفالًا بالذكرى الثلاثين لانطلاق عملية برشلونة.
وتابع: “ندرك ثقل مصر وريادتها في أفريقيا، القارة التي تواجه تحديات ومآسي هائلة نادراً ما يعترف بها العالم، لكنها أيضاً تتمتع بإمكانات هائلة بفضل شبابها الديناميكي والمبدع، وهذا لا يمكن إغفاله”.
اختتم الملك كلمته باقتباس من الكاتب المصري أحمد زكي، الذي زار إسبانيا في القرن التاسع عشر وأشاد بأخلاق الشعب الإسباني وكرمه: “لقد وجدتُ في الإسبان أخلاق العرب وكرامتهم وكرمهم، وأُعلن صراحةً أن طباعهم ألطف وأنبل من طباع جميع الشعوب التي قابلتها في رحلتي الطويلة”. وأضاف الملك فيليبي السادس: “علاقتنا هي بمثابة انعكاس لإسباني عظيم في مصر ومصري عظيم في إسبانيا. فلنواصل تعميق هذه الرابطة التاريخية بين بلدينا وشعبينا حتى تُجدد بفصل جديد من الصداقة المتينة والراسخة بين مصر وإسبانيا”.
استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي والسيدة قرينته انتصار، الملك فيليبي السادس ملك إسبانيا والسيدة قرينته الملكة ليتيزيا، بقصر الاتحادية صباح اليوم.
وصل الزوجان الملكيان إلى القاهرة يوم الثلاثاء، حيث سيقومان بأول زيارة رسمية لهما إلى مصر في الفترة من 16 إلى 19 سبتمبر. وبدعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، سيرافقهما وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس.
وتعد هذه الزيارة الرسمية “تاريخية” حيث أنها المرة الأولى التي يزور فيها الملك فيليبي السادس والملكة ليتيزيا مصر منذ تتويج الملك في عام 2014.
وقالت مصادر في القصر الملكي لصحيفة “إل دياريو” الإسبانية: “إن الزيارة ستكون ذات بعد سياسي واقتصادي وثقافي، وستتضمن حضورا بارزا من مجتمع الأعمال والشركات”.
اقرأ أيضاً وفي إشارة إلى أزمة غزة، قال العاهل الإسباني خلال زيارته الرسمية الأولى للقاهرة: “نحن نشارك مصر رغبتها في التعايش السلمي في الشرق الأوسط”.