وزير الخارجية: مصر لن تقبل بنكبة ثانية للفلسطينيين

لا ينبغي إجبار الفلسطينيين على مغادرة وطنهم أبدًا. – إن حرب إسرائيل في قطاع غزة تظهر بوضوح أن رؤيتها لمستقبل هذه المنطقة تختلف كثيراً عن رؤيتنا ورؤية العالم العربي. – إسرائيل تزرع بذور الكراهية والعداء، وليس بذور السلام والتعايش. إن الجرائم الوحشية التي ارتكبت في قطاع غزة ستترك آثاراً طويلة الأمد لأجيال قادمة. إن هوس إسرائيل باستخدام القوة المفرطة هو أمر قصير النظر ويدفع المنطقة بعيداً عن أي أمل في السلام. إن عقيدتنا الدبلوماسية تتفق تماما مع النظام الدولي المبني على القواعد والذي يتعين علينا جميعا الالتزام به.
أجرى وزير الخارجية المصري الدكتور بدر عبد العاطي حواراً مع الكاتب الصحفي عزت إبراهيم رئيس تحرير صحيفة الأهرام ويكلي والأهرام أونلاين، وناقش موقف مصر من التطورات الأخيرة في المنطقة، خاصة في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والإبادة الوحشية التي ترتكبها إسرائيل ضد السكان المدنيين في محاولة لتحرير القطاع من سكانه.
أعلن وزير الخارجية أن مصر لن تقبل بـ”نكبة ثانية”. إسرائيل تزرع الكراهية بين الأجيال القادمة، وتبعد المنطقة عن أي أمل في السلام. كما تحدث وزير الخارجية عن الاستعدادات العربية للجمعية العامة للأمم المتحدة، وإعلان عدة دول غربية اعترافها بالدولة الفلسطينية.
إلى نص الحوار
** التصعيد الإسرائيلي الذي يبدو بلا حدود يُهدد الآن بإشعال المنطقة وتوسيع نطاق المواجهة، بعد أن هاجمت إسرائيل أهدافًا في عمق خمس دول عربية وإقليمية. كيف تُدير مصر سياستها الخارجية دون قيود فعّالة على السلوك الإسرائيلي، لا سيما في ظل إصرار رئيس الوزراء نتنياهو على الترويج لرواية مُشوّهة عن الوضع في قطاع غزة؟
تلتزم مصر بالمبادئ الأساسية التي شكلت ووجهت سياستها الخارجية تاريخيًا. تستند هذه المبادئ إلى مجموعة من القيم التي تشكل نهجًا سليمًا. نحن نلتزم التزامًا راسخًا بقواعد ومبادئ القانون الدولي، ونحترم تمامًا سيادة الدول وسلامة أراضيها، ونمتنع عن التدخل في شؤونها الداخلية. نسعى جاهدين لنكون قوة من أجل السلام والأمن والتنمية. هذه المبادئ التوجيهية راسخة بعمق في عقيدتنا الدبلوماسية وتتفق مع النظام القائم على القواعد الذي يجب علينا جميعًا الالتزام به. يكمن سبب عدم الاستقرار والاضطرابات في المنطقة تحديدًا في حقيقة أن بعض الأطراف تنحرف عن هذه المبادئ الأساسية وتعارض تمامًا النظام القائم على القواعد. إسرائيل تقوض القانون الدولي والنظام القائم على القواعد وتتحدى النظام الدولي بطريقة غير مسبوقة.
إلى أي مدى تُهدد تصرفات إسرائيل اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية؟ هل يدرك صناع القرار الأمريكيون الخطوط الحمراء التي لا يجب تجاوزها في هذا السياق، وخاصةً فيما يتعلق بمحاولات إجبار الفلسطينيين على الفرار عبر معبر رفح بحجة “مغادرة” غزة؟
نبقى ملتزمين باتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، ونفي بمسؤولياتنا في هذا الصدد. تُشكل هذه الاتفاقية أساسًا للسلام والاستقرار في المنطقة، ويجب عدم تقويضها. لقد كانت مصر بادرة عملية السلام في الشرق الأوسط، وكنا روادها، وكانت رؤيتنا دائمًا شاملة: ينبغي أن يعيش الفلسطينيون والإسرائيليون في سلام وحرية وكرامة.
ومع ذلك، تُبيّن حرب إسرائيل على غزة بوضوح أن رؤيتها لمستقبل هذه المنطقة تختلف اختلافًا جذريًا عن رؤيتنا ورؤى العالم العربي. إسرائيل تزرع الكراهية والعداء، لا السلام والتعايش. إن الجرائم المروعة التي ارتكبتها إسرائيل في غزة ستترك آثارًا دائمة وستؤثر على أجيال. إن هوس إسرائيل بالاستخدام المفرط للقوة قصير النظر، ويدفع المنطقة بعيدًا عن أي أمل للسلام.
فيما يتعلق بالتهجير، أوضحنا موقفنا. نرفض رفضًا قاطعًا أي شكل من أشكال تهجير الشعب الفلسطيني. إن فكرة التهجير بحد ذاتها مرفوضة أخلاقيًا ومعنويًا، ناهيك عن كونها غير قانونية تمامًا. لا ينبغي إجبار الفلسطينيين على مغادرة وطنهم أبدًا. لن نقبل بنكبة ثانية. ولماذا يُجبرون على الرحيل؟ لقد وضعنا خطة شاملة، أقرتها جميع الدول العربية خلال القمة العربية، تتضمن خططًا مفصلة لإعادة الإعمار السريع. صُممت هذه الخطة لضمان إتمام إعادة الإعمار والتعافي مع بقاء الفلسطينيين في وطنهم. وقد حظيت الخطة بدعم دولي. لا يوجد سبب لإجبار الفلسطينيين على مغادرة وطنهم، ولا وجود لمُصطلح “التهجير الطوعي” في حالة غزة. تُمثل هذه القضية خطًا أحمر واضحًا لمصر، تجاوزه سيكون له عواقب وخيمة على أمن واستقرار المنطقة. أي إجراء من هذا النوع سيُشكل تهديدًا مباشرًا للسلم والأمن في المنطقة.
ماذا نتوقع من الجمعيات العامة للأمم المتحدة المقبلة؟ هل ستتحرك المجموعة العربية معًا للاستفادة من الزخم الذي أحدثه اعتراف عدة دول أوروبية مؤثرة بدولة فلسطين؟
نرحب ترحيبًا حارًا بالإعلانات المتوقعة من عدة دول بالاعتراف بفلسطين خلال الجمعية العامة. هذه خطوة تاريخية مهمة تعكس الدعم العالمي المتزايد للقضية الفلسطينية. هذا القلق لن يتلاشى مع مرور الزمن أو تعاقب الأجيال.
القضية الفلسطينية أكثر أهمية من أي وقت مضى، ولن يتباطأ الزخم العالمي، بل سيزداد. تُمثل هذه الاعترافات خطوةً حاسمةً نحو تعزيز الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وخاصةً حقه في تقرير المصير وإقامة دولة مستقلة ذات سيادة على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. سنواصل جهودنا الدبلوماسية النشطة لتوسيع نطاق الاعتراف بفلسطين، وستتبعها دولٌ أخرى.
** كيف تُقيّمون آفاق المفاوضات بعد الهجمات الإسرائيلية على الدوحة والهجمات على قيادات حماس هناك؟ هل من مخرج واقعي من هذه الأزمة؟
يجب أن نواصل العمل الدؤوب لإنهاء الحرب. ونؤكد على الحاجة الملحة لتكثيف الجهود للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، وتخفيف المعاناة الإنسانية العميقة للشعب الفلسطيني. ولا تقع هذه المسؤولية على عاتق مصر وحدها، بل تقع أيضًا على عاتق المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي، التزامًا مشتركًا بمنع المزيد من تدهور السلام والأمن الإقليميين، واحتواء الصراع المتصاعد. ويجب ألا يظل المجتمع الدولي راضيًا أو غير مبالٍ. فمن الضروري كسر دائرة العنف الحالية، والتصدي لانتهاكات إسرائيل المستمرة للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي.
رغم تعقيد الوضع، يُبشّر نجاح وساطة مصر بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية بدورٍ أشمل لمصر في توحيد الرؤى الإقليمية لتخفيف التوترات وتطوير نموذج أمني إقليمي جديد يُكبح جماح المتهورين. هل تُناقش أطرٌ مفاهيمية في هذا الصدد؟
نعم، اعتمدت جامعة الدول العربية مؤخرًا قرارًا هامًا يطرح رؤية مشتركة للأمن والتعاون في المنطقة. كان القرار مبادرة مشتركة بقيادة مصر والمملكة العربية السعودية، ويستند إلى مجموعة من المبادئ الأساسية التي تعكس الإطار المفاهيمي العربي للأمن والتعاون في المنطقة. يحظى القرار بإجماع عربي جماعي، وقد صيغ على أساس مجموعة من المبادئ، منها احترام القانون الدولي، وسيادة الدول ووحدة أراضيها، ونبذ استخدام القوة العسكرية خارج إطار الشرعية الدولية. بهذه المبادرة، نرفض رفضًا قاطعًا فرض ترتيبات أمنية أحادية الجانب، ونؤكد على الحق الأصيل للدول العربية في صياغة المبادئ التي تحكم المنطقة، على أساس التسوية السلمية للنزاعات وإنهاء الاحتلال سبيلًا لسلام عادل ودائم. يعكس هذا القرار رؤيتنا المشتركة، ويمكن أن يُشكل أساسًا لإطار أمني إقليمي يخدم مصالحنا المشتركة.
** بعد تدشين السد الإثيوبي وتقديم مصر مذكرة للأمم المتحدة، ما هي الخطوات الممكنة في ظل فشل أديس أبابا المستمر في تنسيق تشغيل وإدارة السد؟
يُشكل بناء وتشغيل السد الإثيوبي بشكل أحادي انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي والأعراف الدولية السارية التي تحكم الاستخدام المشترك للمجاري المائية العابرة للحدود. ولا يُضفي اكتمال بناء السد شرعية على المشروع. ويظل السد وتشغيله إجراءين أحاديين ينتهكان القانون الدولي والأعراف الدولية السارية. ولا تترتب على اكتمال بناء السد أي آثار قانونية من شأنها أن تُغير الإطار القانوني الدولي لحوض النيل الشرقي. إنه مجرد انتهاك آخر من جانب إثيوبيا للقانون الدولي.
إن أمن مصر المائي قضية وجودية. نؤكد التزامنا الراسخ بتطبيق القانون الدولي فيما يتعلق بنهر النيل، ولن نتسامح مع محاولات إثيوبيا الأحادية الجانب لفرض سيطرتها على إدارة مواردنا المائية المشتركة. وتواصل مصر تأكيد حقها غير القابل للتصرف في اتخاذ جميع التدابير المنصوص عليها في القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة لحماية المصالح الأساسية لشعبها.
يزداد الوضع في السودان تعقيدًا، وتتزايد المخاوف من التقسيم. ماذا تفعل مصر لاحتواء هذه التهديدات وحماية أمنها القومي عند بوابتها الجنوبية؟
تلتزم مصر بموقف واضح وثابت تجاه الوضع في السودان، مؤكدةً على ضرورة احترام سيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه، والحفاظ على مؤسساته الوطنية. وترفض مصر رفضًا قاطعًا أي مساعي لتقسيم البلاد والمساس بسيادتها وسلامة أراضيها. وتماشيًا مع هذه المبادئ، تدعم مصر وتشارك بفعالية في جميع المبادرات الرامية إلى وقف فوري لإطلاق النار وتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة للشعب السوداني.
رغم تعقيد الوضع، يُبشّر نجاح وساطة مصر بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية بدورٍ أشمل لمصر في توحيد الرؤى الإقليمية لتخفيف التوترات وتطوير نموذج أمني إقليمي جديد يُكبح جماح المتهورين. هل تُناقش أطرٌ مفاهيمية في هذا الصدد؟
نعم، اعتمدت جامعة الدول العربية مؤخرًا قرارًا هامًا يطرح رؤية مشتركة للأمن والتعاون في المنطقة. كان القرار مبادرة مشتركة بقيادة مصر والمملكة العربية السعودية، ويستند إلى مجموعة من المبادئ الأساسية التي تعكس الإطار المفاهيمي العربي للأمن والتعاون في المنطقة. يحظى القرار بإجماع عربي جماعي، وقد صيغ على أساس مجموعة من المبادئ، منها احترام القانون الدولي، وسيادة الدول ووحدة أراضيها، ونبذ استخدام القوة العسكرية خارج إطار الشرعية الدولية. بهذه المبادرة، نرفض رفضًا قاطعًا فرض ترتيبات أمنية أحادية الجانب، ونؤكد على الحق الأصيل للدول العربية في صياغة المبادئ التي تحكم المنطقة، على أساس التسوية السلمية للنزاعات وإنهاء الاحتلال سبيلًا لسلام عادل ودائم. يعكس هذا القرار رؤيتنا المشتركة، ويمكن أن يُشكل أساسًا لإطار أمني إقليمي يخدم مصالحنا المشتركة.
** بعد تدشين السد الإثيوبي وتقديم مصر مذكرة للأمم المتحدة، ما هي الخطوات الممكنة في ظل فشل أديس أبابا المستمر في تنسيق تشغيل وإدارة السد؟
يُشكل بناء وتشغيل السد الإثيوبي بشكل أحادي انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي والأعراف الدولية السارية التي تحكم الاستخدام المشترك للمجاري المائية العابرة للحدود. ولا يُضفي اكتمال بناء السد شرعية على المشروع. ويظل السد وتشغيله إجراءين أحاديين ينتهكان القانون الدولي والأعراف الدولية السارية. ولا تترتب على اكتمال بناء السد أي آثار قانونية من شأنها أن تُغير الإطار القانوني الدولي لحوض النيل الشرقي. إنه مجرد انتهاك آخر من جانب إثيوبيا للقانون الدولي.
إن أمن مصر المائي قضية وجودية. نؤكد التزامنا الراسخ بتطبيق القانون الدولي فيما يتعلق بنهر النيل، ولن نتسامح مع محاولات إثيوبيا الأحادية الجانب لفرض سيطرتها على إدارة مواردنا المائية المشتركة. وتواصل مصر تأكيد حقها غير القابل للتصرف في اتخاذ جميع التدابير المنصوص عليها في القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة لحماية المصالح الأساسية لشعبها.
يزداد الوضع في السودان تعقيدًا، وتتزايد المخاوف من التقسيم. ماذا تفعل مصر لاحتواء هذه التهديدات وحماية أمنها القومي عند بوابتها الجنوبية؟
تلتزم مصر بموقف واضح وثابت تجاه الوضع في السودان، مؤكدةً على ضرورة احترام سيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه، والحفاظ على مؤسساته الوطنية. وترفض مصر رفضًا قاطعًا أي مساعي لتقسيم البلاد والمساس بسيادتها وسلامة أراضيها. وتماشيًا مع هذه المبادئ، تدعم مصر وتشارك بفعالية في جميع المبادرات الرامية إلى وقف فوري لإطلاق النار وتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة للشعب السوداني.