مدبولي يلتقي عددا من رؤساء تحرير الصحف والمواقع الإلكترونية لمناقشة القضايا الراهنة والموضوعات على الصعيدين المحلي والعالمي

منذ 6 ساعات
مدبولي يلتقي عددا من رؤساء تحرير الصحف والمواقع الإلكترونية لمناقشة القضايا الراهنة والموضوعات على الصعيدين المحلي والعالمي

يُجيب رئيس الوزراء على السؤال المهم: متى سيشعر المواطنون بتحسن؟ ومتى سيستفيدون من المؤشرات التي تنشرها الحكومة؟ مدبولي: مصر هدف لمحاولات إعادة رسم خريطة المنطقة، ويجب أن يكون واضحا أن قوة مصر وعدم قدرتها على المساس بها تأتي من الداخل. وسنعمل على تأمين احتياجات الحكومة المصرية من الغاز وموارد الطاقة الأخرى بشكل كامل خلال السنوات الخمس المقبلة. لقد تم تخفيض مساهمات الشركاء الأجانب إلى النصف، ونحن نعتزم تقديم مدفوعات إضافية بحلول نهاية هذا العام. وتظل مخصصات الدعم تشكل الحصة الأكبر من مخصصات الميزانية. هدفنا هو تحقيق أدنى أرقام ومعدلات شهدتها الحكومة المصرية على الإطلاق في سجل ديونها. ويقود القطاع الخاص حاليا الاستثمارات في السوق المصرية، بنسبة لا تقل عن 65%.

عقد رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي اليوم اجتماعًا عامًا مع رؤساء تحرير الصحف والمواقع الإلكترونية المصرية بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة. وتمت مناقشة القضايا والموضوعات الراهنة على الساحة الإعلامية المحلية والإقليمية، والاستماع إلى آرائهم وأفكارهم. وشارك في الاجتماع المهندس خالد عبد العزيز، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام؛ والمهندس عبد الصادق الشوربجي، رئيس الهيئة الوطنية للصحافة؛ وأحمد المسلماني، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام؛ وضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات. في مستهل لقائه برؤساء تحرير الصحف المصرية، تناول رئيس الوزراء موضوعين مهمين: سياسي واقتصادي. قدّم عرضًا شاملًا للوضع الراهن وموقف مصر السياسي من مختلف القضايا الراهنة. كما تطرق إلى الوضع الاقتصادي في مصر ومؤشراته المختلفة، بما في ذلك النمو الاقتصادي، ومعدلات التضخم، وسعر الصرف، وغيرها.

فيما يتعلق بالوضع السياسي، ناقش مدبولي الوضع العالمي الراهن، وما يرتبط به من تحولات جيوسياسية، لا سيما في الشرق الأوسط، والأحداث المهمة التي شهدها العامان الماضيان. كما تناول النقاش الوضع السياسي في مصر، وموقف مصر الثابت من مختلف القضايا والملفات، لا سيما تلك المتعلقة بالقضية الفلسطينية واجتياح قطاع غزة. أكد رئيس الوزراء حرص الحكومة على مناقشة مختلف القضايا والموضوعات والتواصل مع جميع الجهات المعنية برفع الوعي وتشكيل الرأي العام في مصر. وأشار إلى أن لقاء اليوم يأتي ضمن سلسلة لقاءات مع عدد من المفكرين وقادة الرأي والسياسيين، وأن لقاءً مماثلاً عُقد قبل عام. ورحب برؤساء المجالس والهيئات الإعلامية، مؤكداً سعيه لتبادل الرؤى والأفكار خلال اللقاء. وأشار إلى أن آلية التواصل من خلال اللجان الاستشارية المتخصصة قد خلقت نوعاً من التقارب في الأفكار، لا سيما مع أعضاء القطاع الخاص، حيث كان لللقاءات معهم أثر إيجابي كبير، حيث أتاحت لنا أيضاً الوقوف على المشكلات التي يواجهونها واقتراح الحلول.

بدأ رئيس الوزراء كلمته بمواضيع سياسية، متطرقًا إلى الوضع الراهن في قطاع غزة والاعتداءات الأخيرة على دولة قطر الشقيقة. وخاطب الحضور قائلاً: “لعلكم تابعتم نتائج القمة العربية الإسلامية التي عُقدت أمس في العاصمة القطرية الدوحة، والخطاب التاريخي للرئيس عبد الفتاح السيسي. لقد أثارت الرسائل القوية التي تضمنتها مشاعر الرأي العام المحلي والدولي. كان بعضها واضحًا للغاية، وخاصةً موجهًا إلى الشعب الإسرائيلي نفسه: إن الأحداث الجارية تهدد المكاسب التي تحققت في عملية السلام على مدى العقود الماضية. لذلك، علينا جميعًا كدول أن نكون حذرين تجاه قادتنا من أجل مستقبلنا، فنحن جميعًا نسعى إلى السلام والأمن. ومع ذلك، لا يمكن تجاهل الأحداث الجارية، لأنها ستجرنا إلى أبعاد أخرى”. وهذا ما أكد عليه الرئيس باستمرار منذ رسالته الأولى: لن تنتهي هذه القضية عند غزة، بل قد تؤدي إلى صراعات إقليمية كبرى. وهذا بالضبط ما حدث خلال العامين الماضيين، حيث اتخذ الوضع أبعادًا لم نكن لنتخيلها. يتزامن هذا الوضع مع تغيرات على المستوى العالمي، ولا يقتصر على المنطقة. لقد تجاوزت الصراعات العسكرية والسياسية أبعادها، إذ يشهد العالم حروبًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى (اقتصادية وتجارية).

قال مدبولي: “تشرّفني الرئيس بالمشاركة نيابةً عنه في قمتين عالميتين عُقدتا مؤخرًا في اليابان والصين. كانت بالفعل فرصةً طيبةً للاستماع إلى رؤساء وزعماء العديد من الدول الكبيرة والمتوسطة الحجم، التي تتوافق مع ظروفنا. ومن بين الدول الكبيرة أيضًا الصين وروسيا والهند وإيران وتركيا والعديد من الدول الأوروبية. وقد أكدوا جميعًا في خطاباتهم أن العالم يمر بمرحلة جديدة من التنمية. نشهد تغييرًا كاملاً في الخريطة والبنية السياسية، والعالم بأسره يمر بمرحلة تحول. لا يمكن لأي دولة مواجهة حجم التحديات بمفردها. التعاون والتحالفات فيما بينها أمرٌ ضروري، وهو ما أكدته الدول الكبرى وأكبر الاقتصادات، حيث أوضح رؤساؤها أن العالم يمر بمرحلة شديدة الغموض، وأنه لا توجد رؤية واضحة للمرحلة المقبلة”.

وأضاف رئيس الوزراء: “إن هذا الوضع يتطلب تضامنًا وتعاونًا مشتركًا مع جميع الدول لمواجهة هذه التحديات، فنحن نمر بمرحلة دقيقة للغاية”. وفي إشارة إلى العملية البرية في قطاع غزة، قال: “هذا يتطلب منا اليقظة في المرحلة المقبلة لحماية الأمن القومي لمصر والعالم العربي”. وقد أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي هذا الأمر أمس في خطابه بالقمة العربية الإسلامية بالعاصمة القطرية الدوحة، وفي جميع لقاءاته ومباحثاته مع جميع قادة العالم. فمصر ثابتة على موقفها، ويحظى موقفها، وموقفها الثابت والواضح، بدعم قادة العالم، لا سيما في هذه القضية.

وتابع رئيس الوزراء: “في ظل هذه الظروف، نعمل كدولة اليوم في خضم عالم ومنطقة تتسمان باضطرابات شديدة. ولا شك أن لهذه الظروف تأثيرًا على السياسة الداخلية. لذلك، فإننا مدعوون باستمرار – وهذه في المقام الأول مهمة الإعلام – إلى توعية المواطنين المصريين بالتحديات التي تواجههم وتواجه مصر. فالأمر لا يتعلق فقط بالحكومة أو النظام السياسي للبلاد، بل يتعلق بمصر نفسها. علينا أن نحلل الوضع من حولنا بشكل عام”.

قال رئيس الوزراء: “من الواضح أن مصر هدفٌ لمحاولات إعادة رسم خريطة المنطقة. لذلك، يجب أن نعي جميعًا أن قوة مصر وعجزها عن الإضرار بها ينبعان من الداخل”. وأكد على ضرورة الحفاظ دائمًا على التماسك الداخلي لجميع مؤسسات الدولة، وخاصةً بين أبناء الشعب المصري. وأضاف أنه يجب أن نعي حجم التحديات التي تواجه الدولة المصرية، وأن ندرك أن الاستقرار والتماسك الداخلي، رغم التحديات والسلبيات التي نعمل جميعًا على تحسينها، أمرٌ بالغ الأهمية للحفاظ على سلامة الدولة من كل محاولات تقويضها.

أكد مدبولي أن الاستثمار الأجنبي في مصر شهد زيادةً ملحوظةً في الآونة الأخيرة، حيث يؤكد المستثمرون أنفسهم على استقرار مصر وثقتهم في استقرار الدولة. ورغم تحسن جميع المؤشرات، لا يسع المواطن إلا أن يشعر بأنه جزء من الحرب الدائرة ضد الوطن، لا سيما في ظل الشائعات الكثيرة التي تنتشر على مدار الساعة. والهدف هو التشكيك في كل ما تقوم به الدولة، وحرمان المواطنين من أملهم في مستقبل أفضل. هذه كلها محاولات لزعزعة الاستقرار الداخلي، وهذا تحديدًا ما نواجهه كدولة اليوم، متمثلًا في الحروب غير التقليدية التي نخوضها، وهذه الشائعات تُعتبر جزءًا منها.

قال مدبولي: “لقد حرصتُ على توضيح موقف مصر السياسي الواضح. مصر تصون أمنها القومي والعربي، ونسعى دائمًا للتنسيق الشامل مع الدول الإسلامية، ونرغب في خلق نوع من التكامل فيما بيننا في مواجهة جميع التحديات القائمة. ونعمل على ذلك في ضوء المبادئ والسياسات المصرية الراسخة”. وأكد: “من خلال متابعتنا اليومية للأحداث في المنطقة، نقتنع بحكمة وحكمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لا سيما في هذه القضايا، وأن نهج الدولة المصرية ساهم في الاستقرار الذي نعيشه اليوم. مصر قادرة على الصمود، وتحديد أولوياتها، وتشكيل مواقفها رغم كل التحديات التي نمر بها في المنطقة”.

تناول رئيس الوزراء الوضع الاقتصادي، لا سيما في ظلّ معالجة الحكومة لهذا الملف. وتحدث عن الوضع الاقتصادي الراهن للدولة المصرية، والذي يتّسم بتحسن ملحوظ مقارنةً بالسنوات السابقة، قائلاً: “لعلّ الأرقام المنشورة، والتي تحمل مؤشرات مهمة عن وضعنا الاقتصادي، تؤكد ذلك، لكن يبقى السؤال والتعليقات التي تُتابع على مواقع التواصل الاجتماعي: متى سيشعر المواطن المصري بهذا التحسن ويجني ثمار هذه المؤشرات التي تنشرها الحكومة باستمرار؟ لا سيما في ظلّ نموّ اقتصاديّ يتراوح بين 4.2% و4.3% مقارنةً بـ 2.4% العام الماضي، وكذلك في ظلّ انخفاض معدل البطالة، وتحسّن ميزان المدفوعات، وزيادة صادراتنا”. لا ندعي صحة هذه الأرقام والمؤشرات، ولكنها معتمدة من مؤسسات دولية معترف بها، مما يدل على وجود مؤشرات إيجابية لنمو الاقتصاد المصري، بالإضافة إلى ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي، وأيضا تحسن سعر الصرف، مشيرين إلى أن ذلك أدى إلى تحسن أرقام الصادرات المصرية، وهو ما أكده ممثلو القطاع الخاص في لقاءاته معهم، وخاصة في اللقاء الذي عقده مع رؤساء ومسؤولي المصدرين. في حين يمكن القول إن سعر الصرف قد يؤثر أحيانًا على ارتفاع الأسعار، فعندما تستقر الأوضاع، وخاصة مع انخفاض معدلات التضخم التي وصلت إلى 12% في الإحصاءات الأخيرة، أود أن أذكركم أنه عندما بدأت الحكومة الإصلاح الاقتصادي قبل عام، توقعنا أن ينخفض التضخم إلى أقل من 10% بحلول عام 2026. وقد شكك البعض في هذه الأرقام، لكننا اليوم نجني ثمار الإصلاحات التي نفذتها الحكومة، وقد تحمل المواطنون معنا الكثير خلال هذه الفترة.

خلال لقائه رؤساء تحرير الصحف المصرية، أضاف رئيس الوزراء أن العديد من القطاعات شهدت تحسنًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، مشيرًا إلى التطور الملحوظ في قطاع الإسكان، حيث تم القضاء على المناطق غير الآمنة التي كانت “عارًا على المواطنين”، وتم ترحيل 300 ألف أسرة، أي ما يعادل مليون ونصف المليون مواطن، إلى مناطق ذات خدمات عالية الجودة.

وأضاف مدبولي أن مصر حققت تقدمًا ملحوظًا في مشاريع الإسكان الاجتماعي، وتطوير العشوائيات، والبنية التحتية، بالإضافة إلى مشاريع الصرف الصحي في المناطق الريفية والحضرية، والتي سجلت أرقامًا عالية جدًا. كما أشار إلى النجاحات التي تحققت في شبكة الطرق والنقل العام، والتي شهدت طفرة حقيقية.

كما سلط رئيس الوزراء الضوء على الإنجازات التي تحققت في عدد من القطاعات الرئيسية، مثل الحماية الاجتماعية والتعليم والصحة، قائلاً: “فيما يتعلق ببرامج الحماية الاجتماعية، فقد استفادت 7 ملايين أسرة مصرية وما زالت تستفيد من برنامجي تكافل وكرامة، بالإضافة إلى برامج الحماية الاجتماعية الأخرى”.

وأضاف أن مصر، في قطاع الرعاية الصحية، كانت من أعلى معدلات الإصابة بفيروس التهاب الكبد الوبائي “سي” في العالم، لكنها الآن من أقلها. ولذلك، أعلنت منظمة الصحة العالمية مصر من أوائل الدول الخالية من التهاب الكبد الوبائي “سي”، أو ذات أدنى معدلات الإصابة.

وتطرق مدبولي إلى مبادرة إلغاء قوائم الانتظار، مشيراً إلى أن القطاع الصحي المصري أجرى منذ تطبيقها عامي 2018 و2019 عمليات زراعة كلى وكبد وجراحات قلب مفتوح وعمليات جراحية أخرى متنوعة لأكثر من 2.8 مليون مواطن مصري.

قال رئيس الوزراء: “الحمد لله، تجاوزنا أزمة فيروس كورونا. كما نجحنا في تنفيذ مبادرات صحية متنوعة، مثل مبادرة 100 مليون صحة، وفحص الأمراض غير المعدية. وما زالت الحكومة المصرية تعمل على هذه المبادرات”.

كما تناول مدبولي منظومة التأمين الصحي الشامل، قائلاً إنه ناقش أمس سبل تسريع تطبيق المرحلة الثانية من المنظومة مع الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان، وعدد من المسؤولين. وأضاف أنه يجري حاليًا دراسة ضم محافظة الإسكندرية إلى المرحلة الثانية. وقال إنه خلال العامين المقبلين، ستغطي مظلة التأمين الصحي الشامل أكثر من ربع سكان مصر.

قال رئيس الوزراء: “أحثكم على مراجعة أنظمة التأمين الصحي الشامل عالميًا من حيث المدة اللازمة لتطبيقها وتكلفتها المالية”. وأشار إلى أن بعض الدول لم تطبق أنظمة تأمين صحي شامل رغم مواردها المالية الكبيرة. وأضاف: “كل هذه أمثلة على الجهود المبذولة لتحسين جودة حياة المواطن المصري”.

كما تحدث مدبولي عن المبادرة الرئاسية “حياة كريمة” لتطوير القرى الريفية في مصر، والتي تهدف إلى إحداث تغيير جذري في الريف المصري. وأشار إلى اكتمال المرحلة الأولى وبدء المرحلة الثانية، مضيفًا أن الحكومة المصرية أنفقت مليارات الدولارات على تنفيذ هذا المشروع.

وتطرق رئيس الوزراء أيضاً إلى برامج الدعم الحكومية، مشيراً إلى أن مخصصات الدعم لا تزال تمثل الجزء الأكبر من الميزانية.

أكد مدبولي أن الحكومة تبذل جهودًا كبيرة لتحسين جودة حياة المواطن المصري، رغم وجود تحديات كبيرة تتطلب جهدًا ووقتًا كبيرين لتحقيق التحسينات المرجوة. وأشار إلى أن الصين، دولة شاسعة المساحة، والتي استغرقت أكثر من 50 عامًا للوصول إلى مستواها الحالي، لا تزال تُصر على تصنيف نفسها كدولة ناشئة أو نامية. وقد أعلنت في الفترة القليلة الماضية أنها تغلبت على ما يُسمى بالفقر المدقع، رغم النجاحات الكبيرة والتألق الذي نراه فيها. وأشار إلى أن بناء الدولة يتطلب مزيدًا من الوقت والجهد، مشددًا على أهمية مواصلة هذه الجهود وعدم التقيد بمرحلة محددة.

في ظل التحديات والمتغيرات والظروف والمؤثرات الجيوسياسية العديدة، وتأثير الحرب الدائرة في قطاع غزة على الاقتصاد المصري، أشار رئيس الوزراء إلى الرؤية الاقتصادية للدولة المصرية للفترة المقبلة، مؤكدًا على ضرورة استعدادنا كحكومة لهذا الوضع، حتى وإن لم نتدخل. وأشار إلى الجهود المبذولة خلال مرحلة الإصلاح الاقتصادي منذ عام ٢٠١٦، والتي مكّنت الدولة المصرية من ضبط السياسة النقدية خلال الفترة الماضية، وتحقيق معدلات ومؤشرات مالية إيجابية عديدة من خلال الاستثمارات، وتحقيق فائض أولي في الموازنة. كما تم إدارة الاستثمارات العامة، وتعزيز دور القطاع الخاص في الحياة الاقتصادية.

أشار رئيس الوزراء إلى أن حصة القطاع الخاص من إجمالي الاستثمارات تجاوزت 60% العام الماضي، مؤكدًا أن القطاع الخاص يقود الآن مختلف عمليات التنمية والاستثمار، وأننا كدولة نعمل كمنسق ومحفز لهذا القطاع. وأضاف أن الدولة ستواصل تواجدها في قطاعات عديدة تتجاوز قدرات وإمكانات القطاع الخاص. ونظرًا لحجم الدولة المصرية ومتطلباتها لخلق المزيد من فرص العمل وتشجيع المزيد من الاستثمارات، سيظل دور الدولة مهمًا في العديد من قطاعات الاقتصاد المصري، مما يتطلب استمرار دعم الدولة للقطاع الخاص مع منحه الفرصة والدور الأكبر في هذا الصدد.

وأضاف مدبولي: “دفع هذا الحكومة إلى وضع رؤية واضحة وشاملة للاقتصاد المصري على مدى السنوات الخمس المقبلة”. وأضاف: “لذلك، أُطلقت مؤخرًا الاستراتيجية الوطنية للتنمية الاقتصادية لتسهيل الحوار مع الشعب”. وأشار إلى أن وزارة التخطيط نشرت ملخصًا وتقريرًا كاملًا لهذه الاستراتيجية على المنصة المعنية للبدء في تنفيذها خلال المدة المعلنة، والتي تتراوح بين شهرين ونصف وثلاثة أشهر، ولبدء حوار مع الشعب بمشاركة نخبة من الخبراء والمعنيين بالاقتصاد. ويهدف ذلك إلى مساعدة الحكومة على إنجاز هذه الاستراتيجية، بما يسهم في بلورة خطة اقتصادية واضحة وشاملة للدولة المصرية، تشمل مختلف جوانب الاقتصاد المصري، بما في ذلك الصناعة والسياحة والزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وقطاعات خدمية متنوعة ستشكل ملامح الاقتصاد المصري في الفترة المقبلة. وأشار إلى أن هذه القطاعات المختلفة هي قطاعات مستدامة لا تعتمد على قروض قصيرة الأجل، بل هي قطاعات إنتاجية تضمن استقرار الاقتصاد المصري وتشجعه على تحقيق عوائد أعلى.

كما أكد رئيس الوزراء أن ديناميكية وجاذبية المزيد من الاستثمارات التي نشهدها ما كانت لتتحقق لولا التزام الحكومة المصرية بتنفيذ العديد من مشاريع البنية التحتية. فالاستثمارات مستحيلة بدون الطاقة وشبكات الطرق والموانئ والمياه والخدمات لتحسين العمليات القائمة أو قطاع مصرفي مستقر. كل هذا سيمكن القطاع الخاص من إقامة الصناعات ودفع عجلة الاستثمار وتسريعه بشكل كبير في الفترة المقبلة. وسيتم تطوير كل ذلك من خلال حوار عام بقيادة خبير مستقل، مستقل عن الحكومة. وهذا سيسمح للخبير بصياغة جميع التوصيات وجمع جميع الآراء من مختلف الفئات. وهذا سيساعد الحكومة على تطوير رؤية اقتصادية شاملة هذا العام، بناءً على جميع جهود رؤية مصر 2030 والاستراتيجيات التي تم تطويرها بمشاركة مختلف قطاعات برنامج الحكومة. وهذا سيشكل كلاً شاملاً يقود الدولة المصرية إلى المرحلة التالية.

وأضاف مدبولي: “كل هذا ثمرة عمل وجهود وطنية مصرية، وليس ثمرة جهود المؤسسات الدولية، رغم تكرار طرح هذه القضية. نأمل أن تخرج مصر من عباءة صندوق النقد الدولي. ونؤكد أن مصر تسير على الطريق الصحيح مع انتهاء الأزمة الاقتصادية، ولا تحتاج إلى برنامج جديد في هذا الصدد. ونجري محادثات على مدى خمس سنوات لضمان استجابة الاقتصاد المصري ونموه المتسارع”.

وأوضح أننا نواجه حاليًا عجزًا تجاريًا، ونسعى جاهدين لمعالجته من خلال تحسين الصادرات المصرية، التي تنمو حاليًا بنسبة تتراوح بين 20% و22%، بينما تزداد وارداتنا بنسبة تتراوح بين 3% و4%. ونؤكد أن 80% من الواردات المصرية هي مواد خام ولوازم صناعية، وليست سلعًا فاخرة، بل هي أجزاء من عملية التصنيع.

قال رئيس الوزراء: “تعمل المجموعة الوزارية للتنمية الصناعية والجهات المعنية حاليًا على إنشاء ما يُسمى بسلاسل التوريد، حيث يتم الحصول على المواد الخام جزئيًا من مصادر محلية. كلما تمكنا كدولة من القيام بذلك، قلّ اعتمادنا على هذه الواردات. ومع ذلك، للحفاظ على استقرار أسعار المنتجات والسلع، فإن أهم ما يهم المواطنين هو أن يظلّوا على حالهم أو ينخفضوا تدريجيًا. هذا الأمر يخضع لتحكم العرض والطلب. فعندما يكون هناك فائض في العرض وتبادل مستمر لجميع السلع، تستقر الأسعار وتنخفض بمرور الوقت.”

وأضاف: “الأزمة الاقتصادية التي مررنا بها كانت نتيجة نقص المواد الخام اللازمة للإنتاج. كانت المصانع تعمل بنسبة 20 إلى 30% فقط من طاقتها الإنتاجية، مما أدى إلى انفجار الأسعار وموجات من التضخم. واليوم، لا يوجد مصنع لا يعمل بكامل طاقته الإنتاجية، حتى لو أراد ذلك، بما في ذلك مصانع الأسمدة”.

من الضروري أن تمتلك الحكومة المصرية بدائل متعددة لتلبية احتياجاتها من الغاز. وعندما نتحدث عن الحكومة، فإننا نعني جميع قطاعاتها: الصناعة والطاقة، وغيرها. في مصر، نعتمد على الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء، إذ يُمثل 60% من طاقتنا. لذلك، فإن جزءًا من خطة مصر للمرحلة المقبلة هو التوسع في اعتماد الطاقة المتجددة وتسريعه بشكل كبير خلال الفترة المقبلة.

أشار رئيس الوزراء إلى أن 20 إلى 25% من الطاقة المولدة في مصر هي طاقة جديدة ومتجددة، بدءًا من الطاقة الكهرومائية من سد أسوان وسد القناطر في جميع أنحاء البلاد، بالإضافة إلى الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، حيث يبلغ المتوسط الحالي حوالي 22%. وأوضح أننا نستهدف 42% بحلول عام 2030، مستشهدًا بتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي للعمل على تقديم هذا الموعد، ليس كنوع من الترف أو تماشيًا مع تغير المناخ والطاقة النظيفة، ولكن سعيًا للحصول على المزيد من الطاقة من هذه المصادر الجديدة والمتجددة لتقليل استخدام الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء وتخصيصه للصناعة أو التصدير. وهذه هي رؤية الدولة لتسريع تبني العديد من مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، وتوفير الغاز والاستفادة منه في العديد من القطاعات، وجذب المزيد من الشركات العالمية، وبناء مصانع جديدة، وتوسيع المصانع القائمة.

في هذا السياق، أشار رئيس الوزراء إلى دعوات المستثمرين للتركيز على استدامة الطاقة والغاز الطبيعي، بما يُمكّنهم من زيادة استثماراتهم في مختلف القطاعات. وأكد أن ذلك يتماشى مع رؤية الحكومة المصرية لتسريع تنفيذ مشاريع الطاقة الجديدة والمتجددة، مع زيادة واستعادة إنتاجية حقول الغاز والنفط المصرية.

فيما يتعلق بسداد الإتاوات للشركاء الأجانب في قطاع النفط، صرّح رئيس الوزراء بأنه تم تخفيضها إلى النصف، وسيتم سداد المزيد منها حتى نهاية العام الجاري. وأشار إلى أن الحكومة المصرية نجحت، بفضل العمل الدؤوب في هذا القطاع المهم، في جذب العديد من الشركاء الأجانب لمزيد من أعمال الاستكشاف والبحث. ويجري حاليًا الإعلان عن الاكتشافات الجديدة بوتيرة أعلى، مما يُسهم في خفض تكاليف الاستيراد.

أكد رئيس الوزراء أننا نؤمن احتياجات مصر من الغاز والطاقة بشكل كامل خلال السنوات الخمس المقبلة، من خلال نجاح شراء ناقلات الغاز المسال، واستئناف الإنتاج، وزيادة إنتاج حقول الغاز الطبيعي المصرية. ولدينا رؤية واضحة للعودة تدريجيًا إلى معدلات وأحجام إنتاج عالية خلال الفترة المقبلة.

أكد رئيس الوزراء على الاستراتيجية الوطنية لتنمية الاقتصاد المصري، موضحًا أنها تتضمن رؤية شاملة لمختلف قطاعات الاقتصاد المصري وتتوج بمستهدفات كمية يتم تحقيقها خلال الفترة المقبلة. وأشار إلى أنه تم وضع ثلاثة سيناريوهات للوضع والتغيرات: الأول يتعلق بالوضع الراهن، والثاني سيناريو طموح، والثالث سيناريو متحفظ يتعلق بالظروف الجيوسياسية في الشرق الأوسط. ولا يوجد لهذا السيناريو أي إشارة إلى الوضع الداخلي المصري. وأكد أن الدولة المصرية، في إطار رؤيتها الاقتصادية، تستهدف مشكلة الديون التي تهم المواطن المصري، سواء كانت دينًا عامًا أو خارجيًا، وتعمل على وضعها في اتجاه تنازلي خلال السنوات الخمس المقبلة والوصول إلى أدنى أرقام ومعدلات سجلتها الدولة المصرية في سجل ديونها قبل بداية هذه السنوات.

وأضاف: “بدأنا بنسبة 96% قبل عام ونصف، وأنهينا السنة المالية الماضية بنسبة 85%. هدفنا هو خفض الدين إلى 80 أو 81% بنهاية السنة المالية الحالية، والوصول إلى نسبة 70% في السنوات القادمة”.

وقال: “تعكس هذه المؤشرات تراجع مخاطر الديون على الاقتصاد المصري”، مضيفًا: “فيما يتعلق بالدين الخارجي، نهدف إلى خفض الدين الخارجي بما يتراوح بين مليار وملياري دولار سنويًا. وستتابع لجنة الدين هذه الخطة وفقًا لسقف اقتراض محدد”.

وتابع رئيس الوزراء: “هدفنا هو أن ينمو الاقتصاد المصري بمعدل 7% بشكل مستمر، وليس في عام واحد فقط، كما هو الحال في جميع الدول الناجحة. كما نهدف إلى أن تصل مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي إلى ما لا يقل عن 18-20%. علاوة على ذلك، نهدف إلى تحقيق نمو كبير في قطاع السياحة، بحيث يصل عدد السياح إلى 30 مليون سائح على الأقل، ونريد الاستفادة من الموارد الخارجية التي يجلبها هؤلاء السياح”.

أشار مدبولي إلى أن القطاع الخاص يتصدر حاليًا الاستثمارات في السوق المصرية، بنسبة لا تقل عن 65% من إجمالي الاستثمارات. وهذا ما كنا نهدف إليه مؤخرًا. كما نهدف إلى زيادة صادرات السلع والخدمات إلى 145 مليار دولار بحلول عام 2030، بما في ذلك صادرات خدمات التعهيد وغيرها من الخدمات المحددة من قِبل المؤسسات الدولية.

وأضاف رئيس الوزراء: “هدفنا هو خفض العجز الكلي من 7% حاليًا إلى 3.5%”. وأضاف أن جميع هذه الأهداف، بالإضافة إلى هدف خفض نسبة الدين إلى ما بين 73% و70% من الناتج المحلي الإجمالي، تضع الدولة المصرية في وضع أفضل بكثير.

وأكد مدبولي أن تحقيق هذه الأهداف مرتبط بخطط تنفيذية مُحكمة: “نؤمن بعمل المؤسسات، فالتقدم الذي تحرزه الدول يعتمد على تضافر العمل والجهد، وعلى مسار تحقيق الأهداف، الذي يؤدي في النهاية إلى تحقيقها”.

وأضاف: “لذلك، ندعو القطاع الخاص وجميع الخبراء المعنيين بالشأن الاقتصادي في مصر للمشاركة معنا. وسيكون التوافق على هذه الأهداف بمثابة دستور للحكومات اللاحقة”.


شارك