مفتي الجمهورية: الحروب والجهل والتطرف أخطر ما يهدد التراث الديني والإنساني

منذ 2 ساعات
مفتي الجمهورية: الحروب والجهل والتطرف أخطر ما يهدد التراث الديني والإنساني

أكد الدكتور نذير عياد، مفتي الديار المصرية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن المواقع الدينية جزء لا يتجزأ من التراث الإنساني، وتزخر بالقيم المعرفية والإنسانية الخالدة. كما أنها تُمثل تاريخًا عريقًا للحضارات الإنسانية والدينية التي تعاقبت على مر التاريخ. لذا، لا بد من الحفاظ عليها ونقلها للأجيال القادمة، كما حافظ عليها أجدادنا وأورثوها لنا عبر الزمان. وأكد أن الحروب والجهل والتطرف تُشكل أكبر التهديدات للتراث الديني والإنساني، وتُقوّض قيم التعايش والسلام.

جاء ذلك خلال كلمة سماحة المفتي العام في الدورة الخاصة لتحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة بعنوان “حماية الأماكن الدينية: رؤية الزعماء الدينيين”، المنعقدة في العاصمة الكازاخستانية أستانا.

قال عياد إن حماية هذه الأماكن هي رسالة جميع الأديان لترسيخ قيم السلام والتسامح. ولذلك، فإن الشريعة الإسلامية واضحة في حماية أماكن العبادة، مستشهدًا بقول الله تعالى: ﴿وَلَوْلا ظَلَمُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهَدَمَتْ صَوَامِعُ وَبِيعَ وَبِيعَ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا﴾ (الحج: ٤٠). وأكد أن الإسلام يحرم هدم أماكن العبادة، حتى في أوقات الحرب، مستشهدًا بوصية أبي بكر الصديق رضي الله عنه بعدم المساس بالكنائس والبيع.

وأشار إلى أن الحروب عبر التاريخ ألحقت أضرارًا جسيمة بالمواقع الدينية، وأن العالم شهد تدمير آلاف المواقع الأثرية خلال الحرب العالمية الثانية باستخدام أسلحة الدمار الشامل. وأضاف أن خطورة تجاهل قيمة التراث الثقافي تتفاقم عندما يقترن بالتطرف، مما يؤدي إلى طمس الرموز الدينية والثقافية، مما يشكل انتهاكًا واضحًا للقيم الإنسانية. وأكد رفضه لكافة الاعتداءات على أماكن العبادة والتراث الثقافي، وكذلك الانتهاكات التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني في القدس وغزة والضفة الغربية. واعتبر ما حدث انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي واتفاقيات الأمم المتحدة، واعتداءً صارخًا على قيم العدالة والإنسانية، وتساءل عن غياب دور المؤسسات الدولية في مواجهة هذا العدوان الممنهج.

أوضح سماحة المفتي أن الرؤية اللازمة لحماية المواقع الدينية ترتكز على تعزيز الحوار والتعاون بين الأديان، وترسيخ قيم السلام والتسامح، ومكافحة التطرف والعنف، بالتزامن مع تطبيق القوانين الدولية ذات الصلة، وإشراك المؤسسات والهيئات الدينية في صنع السلام والحفاظ على التراث الثقافي. ودعا إلى دمج القيم الدينية في المبادرات الدولية، وتحفيز المجتمعات على حماية كوكب الأرض والمقدسات الروحية. وأشار إلى أن التجربة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي تُمثل نموذجًا مُلهمًا لحماية التراث الإنساني والحفاظ على المواقع الدينية. فقد أطلقت الدولة العديد من المبادرات الوطنية لترميم وإحياء المعالم التاريخية بما يليق بمكانتها، كما امتدت هذه الجهود إلى الساحة الدولية من خلال دعم المبادرات الدولية، والمساهمة بالخبرات الفنية في مشاريع الترميم بعد الكوارث والحروب. واختتم سماحته كلمته مؤكدًا أن هذا اللقاء الدولي يُمثل منصة مهمة لجهود عملية لحماية المواقع الدينية والحفاظ عليها من الأخطار التي تُهددها في الحاضر والمستقبل. وأكد أن هذه المسؤولية تمثل التزاما إنسانيا ودينيا وأخلاقيا مشتركا بين جميع شعوب العالم.

وتؤكد مشاركة سماحة المفتي في هذا الحدث الدولي المهم التزام دار الإفتاء المصرية بالمساهمة الفعالة في القضايا العالمية المشتركة، وأبرزها حماية التراث الديني والحفاظ على المقدسات، والعمل على بناء جسور الثقة والتعاون بين الشعوب والزعماء الدينيين من أجل مستقبل أكثر أمنا وعدلاً وإنسانية.


شارك