“إسرائيل عدو”.. ما دلالات خطاب السيسي في قمة الدوحة؟

منذ 2 ساعات
“إسرائيل عدو”.. ما دلالات خطاب السيسي في قمة الدوحة؟

انعقدت أمس الاثنين في العاصمة القطرية الدوحة قمة عربية إسلامية، بحضور عدد من القادة العرب والإسلاميين. وناقشت القمة سبل الرد على الهجمة الإسرائيلية الشرسة على قطر.

في كلمته بالقمة، وصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إسرائيل بـ”العدو”. يُعد هذا التصريح ملفتًا للنظر وغير مسبوق في الخطاب الرسمي المصري لعقود. وقال السيسي: “علينا أن نغير مفهوم عدونا، حتى يدرك أن كل دولة عربية، من البحر إلى الخليج، تتمتع بمظلة حماية واسعة تشمل جميع الدول الإسلامية والمحبة للسلام”.

وأضاف: “إن تغيير هذا المنظور يتطلب قرارات وتوصيات حازمة، وعلينا أن نعمل على تنفيذها بصدق ونوايا صادقة، لردع كل معتدٍ، وتحذير كل مغامر”.

أثار تصريح الرئيس السيسي ردود فعل واسعة في الأوساط الإسرائيلية ووسائل الإعلام العبرية. ويرى خبراء أن هذا تطور مهم، إذ يُستخدم المصطلح رسميًا لأول مرة منذ زيارة الرئيس المصري السابق أنور السادات للكنيست الإسرائيلي عام ١٩٧٧.

تغيير جذري في الخطاب السياسي المصري

وفي هذا السياق، يوضح الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي، أن استخدام الرئيس عبد الفتاح السيسي لمصطلح “العدو” لوصف إسرائيل خلال خطابه في قمة الدوحة يمثل تحولاً جذرياً في الخطاب السياسي المصري الرسمي، وله دلالات قانونية وسياسية عميقة.

في تصريحات لايجي برس، كشف مهران أن هذا الوصف يضع مصر في وضع قانوني مختلف تمامًا تجاه إسرائيل من منظور القانون الدولي. فالعلاقة تتحول من سلام بارد إلى عداء معلن، مما يبرر اتخاذ إجراءات دفاعية واستراتيجية أكثر حسمًا. وأكد أن هذا التصريح لم يكن مجرد تصريح عابر، بل هو موقف استراتيجي مدروس يعكس تقييم مصر الجديد لسلوك إسرائيل المتصاعد تجاه الأمة العربية.

وأشار إلى أن استخدام مصطلح “العدو” في التصريحات الرسمية لرئيس دولة له وزن قانوني كبير في القانون الدولي، إذ يعكس تقييمًا رسميًا للتهديد الذي تشكله إسرائيل على الأمن القومي المصري والعربي. وأشار إلى أن هذا الوصف يُخول مصر قانونيًا باتخاذ إجراءات دفاعية أكثر صرامة، وإعادة النظر في جميع الاتفاقيات الأمنية والسياسية مع الكيان الصهيوني.

وأكد أستاذ القانون الدولي أن توقيت الرئيس السيسي لهذا البيان لم يكن مصادفةً، بل جاء في أعقاب العدوان الإسرائيلي على قطر، والمجازر المستمرة في قطاع غزة، ومحاولات إسرائيل المستمرة لجر المنطقة إلى صراع أوسع. وأشار إلى أن هذا الموقف يعكس نضج القيادة المصرية وفهمها العميق لحقيقة التهديد الإسرائيلي للمنطقة.

كما أشار إلى أن هذا الإعلان يوفر أساسًا قانونيًا متينًا للإجراءات المصرية المستقبلية لحماية الأمن القومي، بما في ذلك مراجعة اتفاقيات كامب ديفيد أو تغيير الترتيبات الأمنية في سيناء، إذا اقتضت المصلحة الوطنية ذلك. وأكد أن القانون الدولي يُقر بحق كل دولة في اتخاذ التدابير اللازمة لحماية أمنها القومي عند مواجهة تهديد مُعلن من عدو مُحدد.

وأعرب عن قناعته بأن هذا الموقف المصري الجديد سيكون له تأثير كبير على ديناميكيات المنطقة، وسيوجه رسالة واضحة لإسرائيل بأن سياساتها العدوانية لن تمر دون رد. وأكد أن مصر تحتفظ بحقها الكامل في الدفاع عن نفسها وعن الأمة العربية ضد أي تهديد إسرائيلي مستقبلي.

ارتباك في إسرائيل

يرى الدكتور محمد عبود، أستاذ الدراسات الإسرائيلية بجامعة عين شمس والمتخصص في الشؤون الإسرائيلية، أن خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي في قمة الدوحة كان بمثابة رسالة مباشرة لوزارة الداخلية الإسرائيلية، واعتُبر بمثابة ضربة موجعة، أحرجت حكومة نتنياهو ووضعتها في موقف صعب أمام جمهورها.

قال عبود لايجي برس إن تأثير الخطاب في الأوساط الإسرائيلية ازداد لكونه المرة الأولى التي يصف فيها مسؤول مصري بهذا المستوى إسرائيل علنًا بـ”العدو” منذ توقيع اتفاقيات كامب ديفيد عام ١٩٧٧. وأكد أن هذه “رسالة مصرية واضحة ذات عواقب وخيمة، وضربة سياسية موجعة تضع نتنياهو في موقف صعب مع شعبه، الذي لديه الآن فرصة حقيقية لإعادة النظر في قيادته”.

وأشار إلى أن خطاب الرئيس المصري لم يُعامل في إسرائيل كبيان عابر في السياسة الخارجية، بل كمسألة داخلية أثارت جدلاً واسعاً، وكانت محور التغطية الإعلامية الإسرائيلية لقمة الدوحة، من الصحف إلى القنوات التلفزيونية. وأشار إلى أن القناة 12 الإسرائيلية وصفت الخطاب بأنه “رسالة تحذير”، بينما تصدر المقال الصفحات الأولى والمواقع الإلكترونية لصحف رئيسية مثل “يديعوت أحرونوت” و”هآرتس”. وهذا يوضح مدى الارتباك الذي أحدثه الخطاب في الساحة السياسية الإسرائيلية.

أشار أستاذ الدراسات الإسرائيلية بجامعة عين شمس إلى أن خطاب الرئيس انتهك الرقابة العسكرية والتعتيم الإعلامي، وأن الرسالة وصلت إلى جمهورها المستهدف. وأشار إلى أن شخصيات المعارضة الإسرائيلية أخذت الرسالة المصرية على محمل الجد. وحذر يائير جولان، رئيس الحزب الديمقراطي، من تجاهل تصريحات الرئيس السيسي، ودعا إلى إسقاط حكومة نتنياهو.

لم تكن رسالة الرئيس السيسي في قمة الدوحة مجرد تعبير عن موقف سياسي، بل مثّلت نقطة تحول في الخطاب العربي الرسمي تجاه إسرائيل. جاء ذلك في وقت تشهد فيه المنطقة تصعيدًا غير مسبوق من قبل النظام الصهيوني الغاشم. وقد أكد هذا الخطاب أن المعادلات القديمة لم تعد صالحة، وأن التوازنات الإقليمية يجب أن تُعاد.


شارك