من حجب مواقع التواصل إلى استقالة رئيس الوزراء.. ماذا يحدث في نيبال؟

منذ 4 ساعات
من حجب مواقع التواصل إلى استقالة رئيس الوزراء.. ماذا يحدث في نيبال؟

شهدت نيبال موجة غير مسبوقة من الاحتجاجات الشبابية التي تطورت بسرعة إلى اشتباكات عنيفة مع قوات الأمن وأدت في نهاية المطاف إلى استقالة رئيس الوزراء كيه بي شارما أولي بعد مسيرة سياسية استمرت عقودًا من الزمان.

وبدأت الاحتجاجات ردا على إغلاق الحكومة لوسائل التواصل الاجتماعي، وسرعان ما توسعت لتشمل مطالب أوسع تتعلق بمكافحة الفساد، والحد من هجرة الشباب، وتحسين الظروف الاقتصادية.

 

ماذا حدث؟

وفقًا لتقرير من مونت كارلو، تلقّى الشعب النيبالي خبرًا صادمًا صباح الخميس الماضي: قررت الحكومة حجب 26 منصة تواصل اجتماعي، بما في ذلك فيسبوك ويوتيوب وX، تنفيذًا لحكم قضائي قديم. لم يُنظر إلى القرار على أنه مجرد إجراء إداري، بل كان القشة التي قصمت ظهر البعير في بلدٍ يعاني من فسادٍ مُتجذّر وفرصٍ اقتصاديةٍ محدودة.

وخرج آلاف الشباب إلى شوارع العاصمة كاتماندو، وارتدى العديد منهم الزي المدرسي والجامعي، مرددين شعارات احتجاجا على الفساد ومحاولات إسكات أصواتهم على المنصات الرقمية.

من جانبه، صرّح رئيس الوزراء كيه بي شارما أولي بأن هدف الحكومة ليس حظر وسائل التواصل الاجتماعي، بل تنظيم استخدامها. ولم يرَ “أي مبرر للاعتراض على هذا القرار”.

 

من الاحتجاجات إلى الاشتباكات الدموية

وبحسب التقرير، فإن الاحتجاجات، التي بدأت سلمية في البداية، سرعان ما تصاعدت إلى أعمال عنف بحلول يوم الاثنين، لا سيما قرب مجمع البرلمان. وردّت قوات الأمن بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي وخراطيم المياه قبل أن يتفاقم الوضع، وفقًا لشهود عيان، وفي النهاية استُخدمت الذخيرة الحية.

ورد المتظاهرون بإشعال النار في سيارات الإسعاف والمباني الحكومية، وإلقاء الحجارة على الشرطة، بل واقتحموا البرلمان نفسه وأضرموا فيه النار ــ وهو حدث غير مسبوق في تاريخ البلاد الحديث.

ورغم رفع الحظر على وسائل التواصل الاجتماعي مساء الاثنين والإعلان عن إجراء تحقيق مستقل في أعمال العنف، إلا أن هذه الإجراءات فشلت في تهدئة الغضب الشعبي.

 

-انخفاض عدد الضحايا وإغلاق العاصمة

قُتل أكثر من 19 شخصًا، وفقًا للسلطات. وأكد الأطباء أن عدد القتلى تجاوز 22. وأصيب مئات آخرون. وأُلغيت رحلات جوية بسبب ضعف الرؤية، حيث غطّت سحب الدخان الكثيفة سماء العاصمة. ولم تسلم وسائل الإعلام أيضًا من الغضب الشعبي. فعلى سبيل المثال، احترق مقر مجموعة كانتيبور الصحفية. ودعت منظمة مراسلون بلا حدود المتظاهرين إلى عدم مهاجمة الصحفيين.

 

غضب الجيل Z

وفقًا لشبكة CNBC، بينما كان تعليق المنصة هو الشرارة، إلا أن جذور الأزمة أعمق. فقد خرج الشباب النيباليون الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و28 عامًا إلى الشوارع للتعبير عن إحباطهم المستمر.

وتعاني البلاد من ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، والتي يتوقع البنك الدولي أن تصل إلى 20.8% في عام 2024. وفي الوقت نفسه، يعتمد اقتصاد البلاد بشكل كبير على التحويلات المالية من العمال في الخارج، والتي تمثل ثلث الناتج المحلي الإجمالي.

علاوة على ذلك، أدت حملة عبر الإنترنت ضد ما يسمى بـ”أطفال نيبو” إلى تأجيج الغضب العام وتسليط الضوء على الفجوة الكبيرة بين أطفال السياسيين الأثرياء وأغلبية المواطنين.

 

-أولي يستقيل تحت الضغط

في ضوء هذه الأحداث، لم يكن أمام رئيس الوزراء كيه بي شارما أولي، البالغ من العمر 73 عامًا، خيار سوى الاستقالة أمس. وفي رسالة إلى رئيس البلاد، أعلن استقالته “لتمهيد الطريق لحل سياسي”. وبذلك، أنهى مسيرة سياسية امتدت 60 عامًا، اتسمت بالحرب الأهلية وإلغاء النظام الملكي عام 2008.

وجاءت استقالته بعد إحراق منزله وشاهد العالم عبر الفيديو الغضب الشعبي يتصاعد حتى أدى في النهاية إلى انتفاضة واسعة النطاق.

 

دعوات للهدوء والحوار

أعربت الأمم المتحدة فورًا عن قلقها. وأكد المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، أن “الحوار هو أفضل سبيل للمضي قدمًا”.

ودعا الرئيس رامشاندرا بوديل جميع الأطراف إلى ضبط النفس في بيان رسمي، بينما خاطب عمدة كاتماندو باليندرا شاه الشباب عبر فيسبوك، قائلاً: “كونوا مستعدين لأخذ الأمور بأيديكم، ولكن مارسوا ضبط النفس”.

 


شارك