المخرج الإيطالي أليسيو ناردين في المهرجان التجريبي: المسرح يقوم على الكلمات وحضور الممثل وإيقاعه
قدم المخرج والمدرب الإيطالي أليسيو ناردين ورشة عمل “القناع والكوميديا” ضمن فعاليات الدورة الثانية والثلاثين من المهرجان الدولي للمسرح التجريبي بالقاهرة.
تقوم فكرة الورشة على جعل القناع محور التدريب على التمثيل. وقد صرّح المدرب خلال الورشة قائلاً: “القناع ليس مجرد أداة جمالية، بل هو وسيلة تُعيد الممثل إلى جذور الأداء المسرحي. أردتُ أن أقدم للمشاركين رحلة تبدأ بتقاليد مثل الكوميديا ديل آرتي، وتمتد إلى أشكال معاصرة وتجريبية. نحن لا نكرر الماضي، بل نستكشف جوهر المسرح، حيث يصبح الممثل هو المبدع ومصدر الفعل.”
أكد المدرب الإيطالي أن الورشة جمعت بين الجانب العملي والنظري، وركزت على ثلاثة محاور رئيسية: “الجسد من خلال التقنيات البيوميكانيكية، والارتجال، وتقنيات الأقنعة وتطبيقاتها. يجب على الممثل أن يكون واعيًا للخلفية الفكرية والجمالية، وفي الوقت نفسه يكتشف طاقة الجسد والخيال”.
فيما يتعلق بتأثير الكوميديا ديل آرتي على المسرح المعاصر، أوضح ناردين أنها ليست مجرد إرث من القرن السادس عشر، بل هي نظام متكامل ألهم كتّاب مسرحيين بارزين. تأثر موليير بها في كتاباته، وطوّر مايرهولد منها تقنيات بيوميكانيكية في روسيا، واستلهم كريج منها في تجاربه القائمة على الحركة والارتجال.
وأكد أن الهدف ليس تقليد الأقنعة القديمة، بل استعادة جوهر الأداء من خلال الإيقاع والديناميكية والحركة الجسدية.
قيّمت ناردين التفاعل بين المشاركين المصريين والعرب قائلةً: “فوجئتُ بحماس المشاركين وانفتاحهم. كانوا متحمّسين للتجربة، ولديهم رغبة حقيقية في تجاوز حدود الأداء التقليدية. بالنسبة لهم، لم يكن الارتجال مجرد تمرين، بل كان لحظة اكتشاف لشخصية جديدة، وهو أمر نادرًا ما نجده في ورشة عمل قصيرة”.
أكد أن هذه كانت مشاركته الأولى في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، مضيفًا: “منذ اللحظة الأولى، شعرتُ وكأنني في مكان نابض بالحياة، يحتفي بالتنوع والانفتاح. القاهرة مدينة نابضة بالحياة، والمهرجان فرصة ثمينة للتواصل مع ثقافات وتجارب مختلفة”.
وعن العروض التي شاهدها خلال المهرجان، قال ناردين: “شاهدتُ أكثر من عرض، وأُعجبتُ بجرأة التجريب والبحث عن أشكال جديدة من الأداء المسرحي. شاهدتُ عرضًا من تونس امتاز بمزيجٍ رائعٍ من الأصالة والمعاصرة. المهرجان هنا ليس مجرد عرضٍ للأعمال، بل هو مختبرٌ حيٌّ للتجريب المسرحي”.
وجهت ناردين رسالةً إلى الممثلين الشباب في مصر: “أنصحهم بأن يثقوا بأجسادهم كمصدرٍ للإبداع، وأن يجعلوا من القناع وسيلةً للاستكشاف لا غايةً. فالمسرح لا يعتمد على الكلمات فحسب، بل على حضور الممثل وإيقاعه وإبداعه. فإذا عادوا إلى هذا الجوهر، سيجدون تجارب أعمق وأكثر حداثةً”.
