مستوطنون في مهمة إبادة غزة.. هل يعود الاستيطان من بوابة الدمار؟

منذ 3 ساعات
مستوطنون في مهمة إبادة غزة.. هل يعود الاستيطان من بوابة الدمار؟

لم تعد غزة اليوم كما كانت. فقد تباطأت حيويتها، ومعالمها تُمحى، وشوارعها ومبانيها، التي كانت مكتظة ومُزعجة لصغر مساحتها، لا تزال تُشعرها بالضيق. ليس السبب في ذلك الارتفاعات الشاهقة، بل الأنقاض الهائلة، التي قد تكون إزالتها أكثر صعوبة وتكلفة من إعادة إعمارها.

لم يكن تدمير قطاع غزة على يد آلة حرب القوة المحتلة، والمستمر منذ أكثر من 700 يوم، نتيجة عمليات عسكرية بالمعنى التقليدي والمباشر، بل أدخلت إسرائيل آلة جديدة غير رسمية داخل المنظمة، تُشبهها في تكتيكاتها التدميرية.

 

المستوطنون في مهمة لتدمير غزة

لقد تورطت إسرائيل في حرب غزة مع شركات بناء مدنية وجماعات مستوطنين متطرفة، تم تجنيدها من قبل الجيش لتوسيع نطاق الدمار.

انضمت مجموعة “قوة أوريا” إلى آلة التدمير الإسرائيلية في حرب غزة. وهي مرتبطة ارتباطًا مباشرًا بشركة بناء يديرها المستوطن بتسلئيل زيني، شقيق رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) ديفيد زيني.

ورغم أن صحيفة هآرتس ذكرت أن هذه المجموعة تعمل بشكل مستقل وخارج الإطار العسكري الرسمي، فإن هدفها يبقى نفسه: تدمير كل شيء في غزة، وهو أحد أهداف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

وبدعم مالي من وزارة الدفاع الإسرائيلية، تقوم هذه المجموعات بإحداث دمار هائل في قطاع غزة باستخدام الجرافات والمعدات الثقيلة.

وتضيف صحيفة هآرتس أن مجموعة قوة أوريا ترتكب انتهاكات خطيرة في قطاع غزة من خلال تنفيذها ما يعتبر عمليات ميدانية حساسة بشكل مستقل، والأهم من ذلك، من دون تنسيق أو ترخيص من الجيش.

 

– تدمير منزل مقابل 1500 دولار

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن أعضاء هذه المجموعات يحصلون على مبالغ مالية كبيرة تصل إلى 1500 دولار مقابل كل منزل يتم تدميره في قطاع غزة.

وفي حديث لصحيفة الشروق، قال الأكاديمي الفلسطيني أيمن الرقب، إن هذه الجماعات المتطرفة شاركت في السابق في تدمير مدينة رفح، وكذلك في تدمير مدينة خان يونس والمحافظة الشمالية.

وعلى غرار جرائم جيش الاحتلال، يتعمد أفراد هذه المجموعة استخدام المدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية، مما يجبرهم على دخول الأنفاق أو المباني للكشف عن الألغام أو المقاومين الفلسطينيين.

يوفر الجيش الإسرائيلي الوقود اللازم لجرافات هذه المجموعات، التي تواصل توسيع رقعة الدمار في قطاع غزة. ووفقًا لصحيفة هآرتس، فإن الاعتماد المتزايد على هذه المجموعات المستقلة مرتبط بنقص المعدات الثقيلة لدى الجيش.

 

وبحسب الصحيفة فإن عدد الجرافات المدرعة المتوفرة لكل لواء انخفض من 20 في بداية الحرب إلى أقل من 10 اليوم، وغالباً ما تفتقر إلى السائقين المؤهلين.

ووافق الرقب على ذلك، موضحاً لـ«الشروق» أن هذه المجموعات ليس لديها ترخيص في إسرائيل، لكن موافقة الجيش على عملياتها تعني شرعية وجودها.

ويرجع الرقب ذلك إلى سماح جيش الاحتلال بتنفيذ العملية بسبب نقص العتاد العسكري بعد تضرر العديد من الآليات العسكرية الإسرائيلية (بسبب اعتداءات المقاومة الفلسطينية).

يُشار إلى أن قوة أوريا ظهرت لأول مرة أواخر عام 2024، وتتكون من نحو 15 مشغلاً للجرافات والآليات الثقيلة، معظمهم من المستوطنين في الضفة الغربية.

تشمل مهام الوحدة تدمير المنازل والمدارس والمساجد، بل وأحياء بأكملها، بالإضافة إلى تفجير الأنفاق بذريعة الأمن. والأخطر من ذلك، أنها تتجاوز الأهداف العسكرية، وتسعى أيضًا إلى تحقيق أهداف أيديولوجية واستيطانية.

هل ستعود المستوطنات إلى غزة؟

وأثار تواجد مجموعات استيطانية في قطاع غزة المخاوف بشأن استئناف النشاط الاستيطاني في قطاع غزة.

ويقول الرقب إن مهمة هذه الجماعات المتطرفة هي إحداث أقصى قدر من الدمار في قطاع غزة وبالتالي التمهيد لإقامة بؤر استيطانية في قطاع غزة.

بعد احتلالها لقطاع غزة عام 1967، أنشأت إسرائيل ما يقارب 21 مستوطنة في قطاع غزة، يسكنها 8000 مستوطن إسرائيلي.

وفي عام 2005 قررت إسرائيل تنفيذ خطة فك الارتباط من جانب واحد مع غزة، والتي تضمنت إخلاء جميع المستوطنين وتفكيك المستوطنات بالكامل.

إننا بحاجة إلى تغيير طريقة تعاملنا مع العرب.

في حين أن التدمير في قطاع غزة هو ظاهرة مشتركة بين كل الإسرائيليين العاملين في قطاع غزة، حذر رقيب من أن هذه القوة منخرطة في التدمير الأيديولوجي، حيث ينتمي أعضاؤها إلى اليمين المتطرف ويعتقدون أنهم يخوضون حربًا دينية.

يعتقد الرقب أن هناك حاجة إلى نهج عربي مختلف لمواجهة التحديات في قطاع غزة. ويضيف أن الدول العربية والإسلامية استخدمت لغة دبلوماسية وسياسية في التعامل مع إسرائيل في السنوات الأخيرة، وهو نهج يصفه بأنه غير فعال.

وبينما أوضح أن هذا لا يعني بالضرورة الحرب، أشار إلى خيارات أخرى ممكنة، بما في ذلك فرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل للحد من تطرفها.


شارك