حوار| أحمد عسر رئيس مهرجان بورسعيد السينمائى: أزمة التمويل تحدٍ كبير.. وتأجيل الدورة الأولى منحنا فرصة لصناعة مهرجان أقوى

* كان تحديًا كبيرًا أن نجد فيلمًا مصريًا نستطيع المشاركة فيه. ورفضنا التمثيل الفخري. * ردود أفعال أهالي بورسعيد كانت المفاجأة الجميلة.. ولا أشعر بالقلق من ضعف الإقبال
بعد محاولات عديدة فاشلة لاستضافة مهرجانات سينمائية في بورسعيد، تستعد المدينة الشجاعة أخيرًا لاستضافة الدورة الأولى من مهرجان بورسعيد السينمائي الدولي في الفترة من 18 إلى 22 سبتمبر. هذه الدورة، التي سميت باسم الفنان الراحل محمود ياسين، أحد أبناء المحافظة، مهمتها استعادة الروعة الثقافية التي طال انتظارها منذ عودة النازحين في منتصف سبعينيات القرن الماضي.
التقت الشروق مع الناقد أحمد عسّار رئيس المهرجان، الذي تحدث عن خلفية الدورة الافتتاحية والتحديات التي واجهتها وقائمة الجوائز والفعاليات المقبلة.
< أولاً، هل تأثر المهرجان بالإلغاءات المتكررة للمهرجانات السابقة التي لم تقام في بورسعيد، خاصة أن النسخة الأولى من مهرجانكم تأجلت العام الماضي؟
لا، لم يحدث ذلك. لم أكن مهتمًا كثيرًا بأسباب فشل المحاولات السابقة لإقامة مهرجانات أخرى في المدينة، فكل ما يهمني هو نجاح محاولتنا. لم يكن سبب التأجيل مرتبطًا بالمهرجان نفسه، بل كان نابعًا من الرؤية الثاقبة لمحافظ بورسعيد.
أراد المحافظ إعدادًا أفضل للجولة الأولى ومنحنا وقتًا كافيًا لتنظيمها بما يتناسب مع المحافظة. وافقنا وأجلنا الموعد. في النهاية، أوفى بوعده؛ فقد طلب التأجيل لا الإلغاء. أتاح لنا التأجيل فرصةً للتحسين. أجرينا تغييراتٍ في الفريق واستعنا بشخصياتٍ ذات خبرة، مثل كاتب السيناريو وليد عاطف مديرًا فنيًا، والكاتب البورسعيدي أحمد حلبة مديرًا تنفيذيًا، وخالد فريد مديرًا إداريًا، وسهى سمير نائبةً للرئيس ورئيسةً للعلاقات الدولية، وأميرة الفكي منسقةً عامة.
< كيف تتعاملون مع أزمة الدعم المالي التي تعاني منها أغلب المهرجانات؟
الدعم المالي هو العمود الفقري لأي مهرجان، فهو السبيل الوحيد لتقديم حدث قوي باسم مصر، وهذا يتطلب ميزانية ضخمة. ومع ذلك، ووفقًا لقرارات اللجنة العليا، لا يُمنح أي مهرجان جديد الدعم في مراحله الأولى، مما يجعل المهمة صعبة للغاية. نأمل أن يتغير هذا القرار في المستقبل، حيث يواجه كل مهرجان صعوبة في جذب رجال الأعمال لدعمه في البداية لكونه لا يزال غير مُنشأ. حتى الآن، تلقينا دعمًا لوجستيًا كبيرًا من المحافظة ودعمًا معنويًا من هيئة تنشيط السياحة. كما دعمتنا نقابة المهن السينمائية، وزودنا المركز القومي للسينما بالمعدات، وساعدتنا وزارة الشباب والرياضة بفريق تنظيمي. كما تلقينا دعمًا محدودًا من بعض رجال الأعمال وشركات الإنتاج، ونحن على تواصل مع المزيد من الجهات، في انتظار الرد.
< هل تواصلت مع المنتج كامل أبو علي ابن بورسعيد للعمل معك؟
نحن فخورون جدًا بالمنتج كامل أبو علي، صانع الأفلام المتميز ذو السجل الحافل بالنجاحات، وندعوه بحرارة. مع ذلك، قد لا يكون متاحًا بسبب السفر. نحن على ثقة بأنه سيكون سعيدًا بمساعدتنا عند الحاجة.
< كيف كان رد فعل أهالي بورسعيد على فكرة المهرجان؟
لقد سررتُ جدًا بالاستجابة. لمستُ حفاوة استقبال أهل المحافظة، من شباب وكتاب وفنانين. الجميع يدعمنا وشريكنا. نسعى بكل قوتنا لتحقيق نجاح مشترك يشارك فيه الجميع، فالمصلحة العامة هي غايتنا الأولى. وأودّ التأكيد على أن مهرجان بورسعيد السينمائي هو أول إعادة إعمار ثقافي سينمائي تشهده المدينة منذ إعادة إعمارها وعودة المهرجانين عام ١٩٧٥.
< من هم الفائزون بالدورة الأولى؟
تزامنًا مع اختيار تونس ضيف شرف المهرجان، نُكرّم نجمين سينمائيين تونسيين: الممثلة درة والمخرج مختار العجيمي. وقد أعلنّا سابقًا عن اختيار المنتج هشام سليمان رئيسًا شرفيًا للدورة الأولى، تقديرًا لمسيرته الفنية وتفانيه. وتحمل الدورة اسم الفنان الكبير محمود ياسين من بورسعيد، وقد تشاورنا مع عائلته لتكريم مسيرته الفنية الحافلة. وننتظر الموافقة النهائية من الفنانين المصريين، والتي سيتم الإعلان عنها قريبًا.
< هل تم اختيار أعضاء لجنة التحكيم والضيوف من دائرة الفنانين؟
نعم، لدينا لجنة تحكيم قوية تضم شخصيات أجنبية مرموقة، منهم المخرج مجدي أحمد علي، والمخرج الصيني جافين لي، والمخرج والمنتج السعودي أيمن خوجة، أعضاء لجنة مسابقة الأفلام الروائية. أما الضيوف الفنيون، فأتوقع سجادة حمراء فخمة وحضورًا مميزًا لكبار النجوم، حيث حظينا بحفاوة بالغة من الفنانين. لا يُسمح بالحضور إلا لمن لديهم ارتباطات موازية لحفل الافتتاح. وقد اتفقنا مع الإعلامية ياسمين طه زكي لتقديم حفل الافتتاح، الذي سيخرجه المخرج أحمد يوسف من بورسعيد، وتشارك فيه العديد من الفرق الموسيقية البورسعيدية المعروفة.
< أين تجري الأحداث؟
وتقام معظم الفعاليات في المركز الثقافي ببورسعيد، وهو مسرح كبير يشبه دار الأوبرا المصرية، ويحتوي على قاعتين مجهزتين بأحدث تقنيات العرض السينمائي، بالإضافة إلى المكتبة العامة المصرية.
< كم عدد المسابقات والأفلام المشاركة؟
يتضمن المهرجان عدة مسابقات: مسابقة الأفلام الروائية الطويلة التي تضم تسعة أفلام من مختلف البلدان، ومسابقة الأفلام الوثائقية والقصيرة التي تضم حوالي 45 فيلمًا، ومسابقة الطلاب التي تضم أكثر من 20 فيلمًا. بالإضافة إلى مسابقة أفلام الرسوم المتحركة، سيعرض قسم البانوراما عددًا من الأفلام العالمية الحائزة على جوائز. تلقينا ما يقارب 4000 فيلم، تم اختيارها بعناية من قبل القسم الفني. وقد وافقت لجنة الرقابة على حوالي 70% من الأفلام دون أي تعليق.
< هل هناك أفلام مصرية تشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان؟
كان العثور على فيلم مصري تحديًا كبيرًا لنا، إذ يُقام المهرجان قبل مهرجانين رئيسيين، هما مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ومهرجان الجونة السينمائي، وهما من أهم المهرجانات السينمائية في مصر. لا نقدم جوائز نقدية، لذا نفتقر إلى الحافز المالي اللازم. مع ذلك، تواصلنا مع شركات إنتاج مصرية لعرض فيلم مهم. وتمكنا من الحصول على فيلم “يوم” للمخرج كريم الشناوي، الذي مثّل مصر في محافل مهمة. لا نقبل أي فيلم مصري لمجرد “أدائه المشرف” أمام لجنة تحكيم قوية. أود أن أغتنم هذه الفرصة لتسليط الضوء على ورش العمل والأنشطة التي تُقام ضمن فعاليات المهرجان. نقدم ورش عمل تدريبية مهمة بقيادة شخصيات بارزة في صناعة السينما المصرية، منها ورشة إخراج للمخرج الشهير علي بدرخان، وورشة كتابة سيناريو للسيناريست ناصر عبد الرحمن، بالإضافة إلى العديد من ورش العمل الأخرى الموجهة لصانعي الأفلام الشباب.
< ما هي الاستعدادات النهائية قبل بدء الجلسة الأولى؟
انتهينا تقريبًا من جميع تفاصيل الدورة الأولى. تسلمنا الدروع والجوائز، وأكمل مصمم الديكور التصاميم اللازمة، وأتممنا المراسلات الرسمية، وأعلنا عن ملصق المهرجان من تصميم الفنان محمد فاتن، والذي يحمل شعار “السينما تضيء” ويبرز منارة بورسعيد الشهيرة. نبذل قصارى جهدنا لتجنب الأخطاء التي وقعت فيها المهرجانات الأخرى.
< هل تعتمدون على الجمهور الذي يعد مشكلة في كثير من المهرجانات لأنها تعاني من نقص الزوار؟
نعم، بالتأكيد. أتطلع بشوق لبدء المهرجان، ولا أشعر بالقلق حياله إطلاقًا. لقد بذلنا جهدًا كبيرًا لترجمة جميع الأفلام الأجنبية لتسهيل مشاهدتها.