المسرح والتنمية المستدامة.. قراءات أكاديمية عربية حول المسرح والتغيير بالمهرجان التجريبي

منذ 2 ساعات
المسرح والتنمية المستدامة.. قراءات أكاديمية عربية حول المسرح والتغيير بالمهرجان التجريبي

في اليوم الثاني من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي الثاني والثلاثين، عُقدت جلسة فكرية بعنوان “المسرح وما بعد العولمة”، شارك فيها كلٌّ من الدكتور يوسف هاشم عباس من العراق، والدكتورة زينب لوت من الجزائر، والكاتب مجدي محفوظ من مصر، وأدارها الدكتور محمد عبد الله البرنس من مصر.

افتتح الدكتور محمد عبد الله البرنس، أستاذ الأدب الحديث والنقد بكلية دار العلوم بجامعة المنيا، الجلسة، مؤكدًا أن المسرح من الفنون الجميلة التي تُشكل الوعي الجماعي من خلال تفاعله مع الواقع، موضحًا أنه يُسهم في تنمية الأفراد والمجتمعات من خلال تكامل العوامل البيئية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وأضاف الأمير أن المسرح تعبير حي وواقعي عن محيطه ويستطيع مواكبة تطورات ما بعد الحداثة والعولمة، إذ يذيب الحواجز بين العقل الواعي واللاواعي ويحقق الأثر المطلوب للتنمية.

د. يوسف هاشم عباس: المسرح التشاركي وسيلة لتمكين الناس وإيجاد الحلول وتفعيل الجمهور.

استهل الدكتور يوسف هاشم عباس، رئيس قسم المسرح في كلية الفنون الجميلة بالعراق، كلمته قائلاً: “المسرح أداة تنمية غير تقليدية، وهو في المقام الأول أداة اجتماعية”. وأوضح أن المسرح التشاركي يتيح للجمهور المشاركة المباشرة في إنتاج العرض المسرحي، مما يحول دون بقاء المتلقي في حالة سلبية. وأضاف أن هذا النوع من المسرح يُسهم في تمكين الفئات المهمشة من خلال إعادة دمجها، مستشهدًا بمسرحية “دخان” للمخرج جواد الأسدي، التي تُشرك الجمهور في العمل، مما يُضفي عليه حيوية وتفاعلية. وأشار إلى أن المسرح التشاركي لا يقتصر على نقد الواقع، بل يُساعد الأفراد على إيجاد حلول من خلال التفاعل والعصف الذهني، مؤكدًا أن هذا المسرح يُمثل استراتيجية لتمكين الأفراد والمساهمة في التنمية المستدامة.

زينب لوت: المسرح فن متجدد يجمع بين الجمالية والتكنولوجيا والطبيعة.

استهلت الدكتورة زينب لوط، الأستاذة في المدرسة العليا بمستغانم بالجزائر، محاضرتها بعنوان “عوالم المسرح وأنسنة القيم المستدامة” بالتأكيد على أن المسرح فنٌّ متجددٌ قائمٌ على المناهج والمهارات، وفي الوقت نفسه يُجسّد الجماليات من خلال السينوغرافيا والمؤثرات البصرية. وأوضحت أن التصوف يُمثل أحد أشكال الأداء المسرحي التفاعلي في ثقافتنا، مؤكدةً أن المسرح التشاركي لا ينفي وجود المسرح الرقمي.

قدمت لوت مثالاً على ذلك بمسرحية حمزة قريرة “الحياة أجمل بدون نظارات”، التي استخدمت الفيديو كجزء من بنيتها الدرامية. وأشارت إلى أن الصور في المسرح تؤدي وظيفة إعلامية وجمالية في آن واحد. كما أشارت إلى تجارب المسرح الصوفي ومسرح الدائرة لعبد القادر علولة، بالإضافة إلى المسرح البيئي أو الأخضر، الذي يستخدم عناصر طبيعية ويركز على الطاقة المتجددة وإعادة التدوير، وأشارت إلى مسرحية “بيئتي حياتي” من المملكة العربية السعودية. واختتمت حديثها بالتأكيد على أن المسرح ليس ترفًا ثقافيًا، بل هو استثمار في الإنسان والمستقبل.

– مجدي محفوظ: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي يحيي التراث في قالب عصري.

تحدث الكاتب والناقد المصري مجدي محفوظ عن موضوع “المسرح بعد العولمة: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي نموذجًا”. وأوضح أنه سعى إلى تحديد خصائص الفن المسرحي في عصر ما بعد العولمة، مشيرًا إلى أن العودة إلى التراث الثقافي أصبحت سمة بارزة في المشهد المسرحي. وأوضح أن مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي، الذي أقيم في صحراء الكهف بالإمارات، أعاد إحياء فن الصحراء العربية شبه المنقرض. وشاركت فيه جميع الدول العربية من موريتانيا إلى البحرين، وحظي البحث بدعم عدد من الأكاديميين العرب، منهم الدكتور جمال ياقوت، والدكتور حسن يوسف، والكاتب عبد الكريم برشيد. وأضاف أن مسرحية “عنتر”، من تأليف وإخراج الدكتور جمال ياقوت، تُعد نموذجًا لإعادة إحياء التراث الثقافي في نسخة معاصرة.

اختتم محفوظ كلمته بالإشارة إلى أن الأنشطة المسرحية متجذرة في الصحراء العربية الممتدة من المحيط الأطلسي إلى الخليج، وأن الجمهور من جميع أنحاء العالم يشاهد هذه العروض في مساحات مفتوحة تدعو للتخييم والاحتفاء الجماعي بالفن. وأضاف أن المسرح، بمختلف أشكاله وتجلياته، يبقى فعلًا إنسانيًا قادرًا على معالجة قضايا الساعة وصياغة رؤى للمستقبل.


شارك