وزير الأوقاف في احتفالية المولد النبوي: التجديد صناعة ثقيلة تحتاج إلى مناهج تجمع بين علوم الشريعة والواقع

وزير الأوقاف: الأخلاق أعظم فضائل النبي.. وأغلب أحاديثه تدور حول تربية النفس وحسن الذوق.
أوضح الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، أن الحديث عن التجديد في الخطاب الديني يختلف تمامًا عن تطبيقه عمليًا. وأكد أن التجديد صناعة ثقيلة تتطلب جهدًا علميًا وبرامج تعليمية وتدريبية شاملة، لا مجرد نقاشات نظرية.
جاء ذلك خلال كلمته في احتفالية المولد النبوي الشريف، التي أقيمت بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي بمركز المنارة للمؤتمرات.
قال الأزهري إن “حديث التجديد” يسود في أوساط مختلفة، ويكثر الحديث عن أهميته، ونقصه، وعواقبه الوخيمة. إلا أن التجديد الحقيقي لا يتحقق بالكلام وحده، بل من خلال برامج تربوية وتعليمية تُطوّر مناهج دراسية شاملة لعلوم الشريعة، إلى جانب العلوم الحقيقية، والعلوم التي تربط بينها. وهذا يُمكّن من نشأة أجيال متمسكة بالشريعة السمحاء، وواثقة بالواقع، وعارفة بكيفية الربط بينهما.
وأضاف أن هذه العملية التربوية العظيمة، إن شاء الله، ستُخرّج عقولًا مؤهلة تُجيب على أسئلة عصرنا وتحدياته وأزماته، مُدركةً تعقيداتها وتوازنها وترابطها. وعندها، يُمكن القول إن حرفة التجديد قد أُنجزت.
وتحدث وزير الأوقاف عن أهمية الأخلاق في الإسلام، مؤكداً أن الله تعالى جعل الأخلاق أعظم ما خص به هذا الدين، وأن أعظم فضائل نبيه صلى الله عليه وسلم هي خلقه الكريم، حيث قال الله تعالى: (وإنك لعلى خلق عظيم).
أشار الأزهري إلى أنه قام هو وعلماء الحديث بحصر أحاديث النبي الكريم كاملةً، مُحصين المكرر منها. وتساءل: “كم حديثًا في هدي النبي؟” ونقل عن الحافظ ابن حجر قوله إن مجموع الأحاديث في المسانيد والجامع والسنن والأجزاء وغيرها قد يصل إلى خمسين ألف حديث، أما أحاديث الشعائر والعبادات والفرائض والأحكام فلا تتجاوز خمسة آلاف حديث. إلا أن الغالبية العظمى من الأحاديث تدور حول الأخلاق والآداب والفضائل والصفات والتزكية وتربية النفس في جميع مناحي الحياة.
أوضح أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم كان “بحرًا من الأخلاق”، نورًا يخترق العبادة والحضارة. وقد قسّم الأزهري الأخلاق إلى نوعين: قيم راسخة كالصبر والعفو وكظم الغيظ والاستقامة، تضمن استمرار المجتمعات وبقائها؛ وقيم تحررية كالطموح والإبداع والإتقان والانفتاح والتطور والاستدامة والعمل والنجاح والجمال الذي يحبه الله، والتنافس والانقطاع وإنكار الذات واكتشاف المواهب وتنمية العقل وتعظيم المعرفة والابتكار والتقدم المستمر والسعي إلى بلوغ أعلى القمم وبناء الحضارات والتعارف.
وأكد وزير الأوقاف أن كل قيمة من هذه القيم تنبع من عشرات ومئات الأحاديث النبوية الشريفة، مؤكدًا أن بناء الأمم وتطورها لا يتم إلا باستلهام هذه القيم وتطبيقها، فهي التي تُمكّن الدول من تعزيز تنميتها واقتصادها والدفاع عن رؤيتها ومكانتها.
وخاطب الأزهري المسلمين، علماءً وفقهاءً ودعاةً، متسائلاً: “ما موقفكم من هذه القيم النبوية العظيمة؟ أليست من صميم هدي نبيكم صلى الله عليه وسلم؟”