شيخ الأزهر للرئيس السيسي: نقدر موقفكم لحماية القضية الفلسطينية ورفضكم لمؤامرات التهجير

منذ 2 أيام
شيخ الأزهر للرئيس السيسي: نقدر موقفكم لحماية القضية الفلسطينية ورفضكم لمؤامرات التهجير

– شيخ الأزهر: نحن دعاة العدل والسلام لا نعرف الذل ولا الخضوع.

أكد فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب أن ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ميلاد قائد، ولا رجل عظيم، ولا مصلح، ولا قائد، ولا فاتح شجاع، مع أن كل ذلك وأكثر قد جُمعت له في صورته النبوية الكريمة، وكان له النصيب الأوفر والأوفر منها. بل إنه كان ميلاد “رسالة إلهية خاتمة” بُعث بها “نبي” خاتم، وكُلِّف بدعوة أهل الشرق والغرب “برسالة واحدة، وعلى مبدأ المساواة بين الشعوب والأجناس”.

 

وقال في كلمته اليوم خلال الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي إن أول ما نستنشقه من نسيم هذه الذكرى الكريمة وعبيرها أن الاحتفال بهذه الذكرى

يُحتفل هذا العام بذكرى راسخة: ذكرى مولده قبل ألف وخمسمائة عام. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته. وأشار إلى أن هذا العام يوافق الذكرى المئوية لميلاده، حيث يكمل 1500 عام على ولادته، وأن هذه الذكرى لا تحدث إلا كل 100 عام من العمر، وقال: “لعلها بشرى لنا أبناء هذا الجيل أن نفرج كرب المحتاجين، ونزيل هموم وأحزان البائسين والضعفاء، برحمتك يا أرحم الراحمين، وبرحمتك التي أرسلت بها رسولك إلى العالمين”.

أعلن شيخ الأزهر أن الرحمة من صفاته -صلى الله عليه وسلم- التي انبثقت منها جميع أفعاله وأقواله ومعاملاته مع أهله وأصحابه وأصدقائه وأعدائه طوال حياته الشريفة. وأوضح أنها أقرب إلى الدعوة وأنسبها، عابرة أقطار الدنيا، وحدود الزمان والمكان. وهي أيضًا صفة مطابقة للرسالة في عموميتها وشمولها، شاملة للبشرية بكل ما تضمنته أخلاق بني آدم، بمصيرهم في الخير والشر، والبر والظلم والعدل، والهدى والضلال، والطاعة والمعصية.

سلّط فضيلة الإمام الأكبر الضوء على أحد أوضح مظاهر رحمة النبي، ألا وهو أحكام الحرب الإسلامية. وأكد أن الإسلام وضع قواعد أخلاقية صارمة للحرب لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية. حصر الإسلام القتال في دفع العدوان، وحرم الإفراط في القتل والتدمير، وأكد على حرمة قتل غير المقاتلين كالأطفال والنساء وكبار السن ورجال الدين. أشار إلى أنه في بدايات تاريخ الإسلام، وضع الفقهاء المسلمون “فقه السلوك”، الذي يُعدّ جوهر القانون الدولي. ومن بين الآراء التي أجمع عليها الفقهاء المسلمون بشأن الحرب تحريم القتل المفرط والتخريب والتدمير والإضرار بالممتلكات. علاوة على ذلك، ينبغي أن يقتصر القتال على نطاق رد الفعل “العدوان”، وألا يؤدي إلى الانتقام والإبادة والعدوان الباطل. واستشهد بقول الكاتب العربي الكبير مصطفى صادق الرافعي: “في معاركهم، يحمل المسلمون السلاح والأخلاق؛ ومن ثم، فإن وراء أسلحتهم أخلاقهم، وبالتالي فإن لأسلحتهم نفسها أخلاقًا”.

وأوضح شيخ الأزهر أن حديثه عن “الحرب” في الإسلام لم يكن من باب مقارنة حروب المسلمين بحروب عصرنا ودوافعها ودوافعها، أو مقارنة المشاهد الوحشية البالغة التي تبثها القنوات الفضائية من غزة أو أوكرانيا أو السودان أو غيرها من الدول، والتي تجرهم إلى حروب لا علاقة لهم بها. وأشار أيضًا إلى أن مقارنة شيئين تتطلب أولًا وصفًا مشتركًا قبل إثبات تفوق أحدهما على الآخر في ذلك الوصف، وهذا الشرط مفقود فيما نتحدث عنه. فالإسلام حرم قتل أطفال أعدائه، وحمّل جنوده مسؤولية إنقاذهم، بينما تُحرّض أنظمة أخرى على تجويع أطفال غزة حتى تلتصق جلودهم بعظامهم، ويجرّهم دعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان إلى جحيمٍ يُمطر رؤوس هؤلاء الأطفال، ويُحوّل بقايا أجسادهم النحيلة إلى غبار أو ما يشبه التراب.

وأكد أنه آن الأوان لاستحضار دروس الماضي والتعلم من الأحداث التاريخية في هذه المنطقة، وفي أرض فلسطين الشامخة، ذات التاريخ العريق في النضال والصمود، حيث احتلها الصليبيون قرنًا من الزمان، فقتلوا آلاف المسلمين والمسيحيين واليهود، وأقاموا الدول الصليبية، حتى توحد العرب والمسلمون والتفّوا خلف القائد البطل صلاح الدين الأيوبي، فعاد الصليبيون من حيث أتوا، وعادت الأرض إلى أصحابها. وأكد أن الحل الوحيد هو التضامن العربي، مدعومًا بالتضامن الإسلامي، الذي يعززه ويدعمه.

أكد فضيلة الإمام الأكبر أننا لا ندعو إلى الحروب أو الصراعات، بل إلى العدل والإنصاف والاحترام المتبادل. وأوضح أن العدل والسلام اللذين نطالب بهما هما: عدل وسلام قائمان على الإنصاف والاحترام، ونيل حقوق لا تُشترى ولا تُباع ولا تُساوم؛ عدل وسلام لا يعترفان بالذل والخضوع، ولا يُمسّان ولو ذرة من ذرة تراب أو وطن أو مقدسات. العدل والسلام ينبعان من قوة الإرادة والمعرفة والتعليم والتنمية الاقتصادية السليمة، وضبط الأسواق، والتسلح الذي يُمكّن أصحابه من ردّ الحقّ وردّ كل يد تسعى إلى الإضرار بالأرض والعباد.

وفي ختام كلمته، وجه الإمام الأكبر كلمة خاصة للرئيس السيسي، قائلاً: “إننا في الأزهر الشريف ندعمكم وندعو الله أن يلهمكم القوة والتوفيق في جهودكم المتواصلة لرفض تصفية القضية الفلسطينية رفضاً قاطعاً، وحماية حق الشعب الفلسطيني في البقاء على أرضه، والرفض القاطع لمؤامرات التهجير، والتمسك بموقف مصر التاريخي في حماية القضية الفلسطينية ودعم الفلسطينيين”.


شارك