كيف انتهت رواية “الضحية” وفقدت إسرائيل حصانة الهولوكوست؟

قال الكاتب والسياسي الإسرائيلي السابق، أبراهام بورغ، إن حرب قوات الاحتلال الإسرائيلي على غزة حوّلت إسرائيل من دولة ضحية إلى دولة مُرتكبة للمعاناة. وأشار إلى أن تل أبيب، قبل هجومها على قطاع غزة، حظيت بفهم استثنائي وشرعية مطلقة منذ المحرقة، وخاصة من ألمانيا.
في مقال نشر على موقع “واللا” العربي بعنوان “نهاية عصر التضحية الأبدية… إسرائيل فقدت حصانتها من المحرقة”، ادعى بورغ أنه “منذ تأسيس إسرائيل، كان هناك “بنك” سياسي منحها بشكل استثنائي قروضاً غير محدودة وغير خاضعة للرقابة وسمح لها بفعل أي شيء لأننا شهدنا محرقة”.
وأضاف الكاتب الإسرائيلي: “كان هناك إجماع عالمي على أن شعباً على وشك الانقراض لا يمكن قياسه بالمعايير المعتادة للدول الأخرى، وقد استغللنا هذا الأمر للخير والشر”.
وقال بورج “إن هذا التوازن لم يكن نتيجة للتعاطف الدولي فحسب، بل كان أيضا جزءا من اتفاق تاريخي معقد مع ألمانيا، التي تحملت المسؤولية الأكبر عن الهولوكوست وقبلت المهمة المزدوجة المتمثلة في إصلاح نفسها وحماية اليهود”.
تابع الكاتب قائلاً: “كانت إسرائيل اختبارًا لكليهما. فطالما اعتُبر اليهود ضحايا أبديين، كان بإمكان ألمانيا اعتبار نفسها مسؤولة تجاههم مسؤولية دائمة. وكان هذا عكس سلوكها تمامًا خلال الحرب العالمية الثانية، عندما كانت صفقةً مُرضيةً للطرفين. فقد حصلت إسرائيل على تعويضات وأسلحة وتكنولوجيا، والأهم من ذلك كله، على شرعيةٍ غير محدودة من ألمانيا. وفي المقابل، حصلت ألمانيا من إسرائيل على “شهادة حسن سلوك”، دليلًا على أنها لم تعد ألمانيا الرايخ الثالث، وأنها تعلمت الدرس وتدفع الثمن”.
في إحدى المقالات، زعم: “بنت إسرائيل هويتها الدولية على أساس كونها ضحية، بينما بنت ألمانيا هويتها الجديدة على أساس تحملها المسؤولية عن الذنب ومنع وقوع محرقة أخرى. وهكذا، نشأت علاقة تكافلية مشوهة: يجب أن يبقى اليهودي ضحية حتى يكون الألماني هو المسؤول الملتزم، وما دام الألماني مسؤولاً، يبقى اليهودي الإسرائيلي ضحية، يُباح له كل شيء ويُغفر له. لكن في حرب غزة، انهار كل شيء”.
لا يُمكن وصف إسرائيل بأنها دولة مُضطهدة، لأنه في الواقع – باستثناء الخيال الألماني المُتخلف واللامبالاة الإسرائيلية المُفرطة – لم تكن إسرائيل كذلك لسنوات طويلة. إنها دولة ثرية، قوية عسكريًا، ذات قدرات دفاعية وهجومية مُتقدمة، واقتصاد تكنولوجي مُزدهر، وعلاقات دبلوماسية واسعة. وبفضل ألمانيا، التي كانت مُقيدة بالذنب، استطاعت إسرائيل أن تتصرف كما لو أنها لا تزال تحت حصار وجودي – وإن لم يدم ذلك طويلًا.
وأشار إلى أن “العالم يشهد الآن واقعًا يتجاهله الإسرائيليون: مخيمات اللاجئين تُقصف، والأطفال يُدفنون تحت الأنقاض، والمجاعة تنتشر في قطاع غزة، وأحياء بأكملها تُدمر، وأنظمة الصحة والتعليم تُدمر، والصحفيون يُقتلون بشكل ممنهج. في مواجهة هذه الصورة، لم يعد من الممكن التشبث بسردية الضحية الدائمة”.