بعد أدائه اليمين رئيسًا للحكومة الموازية.. هل يقود حميدتي السودان إلى التقسيم؟

بعد ساعات من أداء قائد قوات الدعم السريع اليمنية محمد حمدان دقلو “حميدتي” اليمين الدستورية رئيسا للوزراء في الحكومة الموازية في السودان، تزايدت المخاوف الدولية من دخول البلاد مرحلة تقسيم فعلي وسط تصاعد القتال بين الجيش وقوات المتمردين.
في 15 أبريل، أعلن حميدتي تشكيل حكومة موازية في السودان، وقال في بيان على تليجرام: “نؤكد بفخر قيام حكومة السلام والوحدة – ائتلاف مدني يمثل السودان”.
وأشار البيان أيضًا إلى دستور ينص على تشكيل مجلس رئاسي يتكون من 15 عضوًا “يتم اختيارهم من كل المناطق… كرمز لوحدتنا الطوعية”، مع التأكيد على أن قوات الدعم السريع “لا تبني دولة موازية”.
إلا أن هذا الإعلان قوبل برفض واسع النطاق من الرأي العام العربي والدولي. وأعلنت جامعة الدول العربية أن حكومة حميدتي الموازية “غير شرعية”، معتبرةً أنها تُشكل تهديدًا مباشرًا لوحدة السودان وسيادته، وأنها تدفع البلاد فعليًا نحو التقسيم.
من جانبه، جدد مجلس الأمن الدولي رفضه إقامة حكومة موازية في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، مؤكدا أن ذلك يشكل تهديدا لوحدة السودان وتصعيدا للصراع.
مع ذلك، أدى حميدتي اليمين الدستورية رئيسًا للحكومة السودانية الموازية في نيالا مساء السبت. تُمثل هذه الخطوة تصعيدًا للصراع مع الجيش السوداني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وتحديًا للمجتمع الدولي.
يرى الدكتور رأفت محمود، الخبير في الشؤون الأفريقية والأمن الإقليمي، أن حميدتي يُمثل أحد أبرز، وربما أهم، تحفظات مصر والسلطة السياسية بقيادة البرهان، نظرًا لمعاملة قوات الدعم السريع كقوة موازية. ويتجلى ذلك في المنتديات العديدة التي شاركت فيها مصر، وآخرها منتدى اللجنة الرباعية لبحث أزمة السودان، التي تضم مصر والإمارات والسعودية والولايات المتحدة. وقد عُقد هذا المنتدى في يوليو الماضي، حيث أُلغي الاجتماع ولم تكتمل المسودة الأولية المتفق عليها لمناقشة الوضع في السودان، لاعتراض مصر على البند الأساسي الذي اعتبر قوات الدعم السريع قوة موازية للجيش.
وأضاف محمود أن النقطة الثانية تتعلق بقدرة الجيش السوداني بدعم إقليمي، خاصة من مصر، على تأكيد سيطرته على العاصمة الخرطوم وتحقيق بعض النجاحات في الولايات الوسطى وحتى الغربية.
لكن الخبير الأفريقي يشير إلى أن الطريقة التي تتعامل بها دول ومنظمات مثل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية وكينيا وإثيوبيا مع قوات الدعم السريع باعتبارها وحدة موازية في السودان أدت إلى صراع على السلطة بين القوى الداخلية.
يعتقد محمود أن التطورات الميدانية أجبرت حميدتي على إعلان حكومته الموازية وقيادتها. ويؤكد أن مثل هذه الخطوة ستكون لها تداعيات خطيرة على الوضع في السودان، لا سيما وأن قوات الدعم السريع مدعومة من قوى إقليمية ودولية عديدة، بعضها لديه رؤية واحدة للسودان نظرًا لثرواته.
وأوضح الخبير الأمني الإقليمي والإفريقي أن تعيين حميدتي رئيساً للحكومة الموازية ارتبط ارتباطاً وثيقاً باللقاء الذي جمع رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان بممثلين أميركيين في إحدى العواصم الأوروبية مطلع أغسطس/آب الماضي لبحث قضايا مختلفة تتعلق بشؤون ومستقبل السودان.
أوضح محمود أن الاجتماع ناقش التدخل الروسي ومحاولات روسيا التواجد في البحر الأحمر عبر ميناء سوداني. كما طُرحت تساؤلات حول علاقة السودان بالصين ودول أخرى، بالإضافة إلى قضايا أخرى ذات صلة، مما جعل هذه المواضيع ملحة وبارزة على طاولة النقاش.
وتابع: “من الطبيعي أن يؤثر ذلك على استقرار السودان. فما كان لقوات الدعم السريع أن تصمد لولا دعم بعض القوى الإقليمية والدولية. وما دام وجودها يلبي مصالح هذه القوى، فإنها تستطيع الاستمرار في العمل في إطار علاقات براغماتية”.
ويحذر قائلاً: “قد تدفع هذه العلاقة بعض القوى إلى دعم تقسيم السودان في الأيام المقبلة. وقد تُمهّد الطريق للانفصال أو الاستقلال في غرب السودان في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، وخاصة في دارفور، التي كانت في السابق إقليمًا مستقلًا تحت حكم سلطان، ولها تاريخ ثقافي غني. لذا، فإن محادثات الانفصال في السودان ليست بالأمر الجديد”.
يُحذّر الخبير الأمني الإقليمي والأفريقي، رأفت محمود، من أنه في حال انفصال إقليمي في السودان، ونظرًا للتركيبة القبلية السائدة في المجتمع، فسيكون من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، إعادة توحيد الفصائل. وهذا يُمهّد الطريق لمزيد من الخطوات نحو الانفصال.
يؤكد محمود أن حل هذه المشكلات يتطلب تحركًا سريعًا من الفريق برهان وإعادة هيكلة القيادة. وقد بدأ ذلك بالفعل ببعض التغييرات داخل مجموعات كانت مرتبطة سابقًا بالحركة الإسلامية، وكانت محل جدل بسبب ارتباطها بأطراف خارجية.
وشدد محمود على ضرورة إيجاد التوازن بين الوضع الداخلي في السودان والاتفاقيات مع القوى الإقليمية والدولية.