بعد موافقة حماس.. سيناريوهات رد نتنياهو على مقترح وقف النار في غزة؟

منذ 15 ساعات
بعد موافقة حماس.. سيناريوهات رد نتنياهو على مقترح وقف النار في غزة؟

في ظل تصاعد الأزمة في قطاع غزة، أعلنت حماس يوم الاثنين قبولها مقترح وقف إطلاق النار المقدم من الوسطاء المصريين والقطريين في القطاع. قد تُمثل هذه الخطوة نقطة تحول في التصعيد المستمر. ورغم هذا التطور اللافت، فإن القرار الحاسم يقع الآن على عاتق الحكومة الإسرائيلية، التي تواجه خيارًا مصيريًا: إما قبول وقف إطلاق النار ومحاولة استعادة الهدوء، أو مواصلة عملياتها العسكرية لحفظ الأمن وردع حماس في ظل وضع سياسي داخلي وخارجي معقد.

يدعو الاقتراح إلى وقف مؤقت للعمليات العسكرية لمدة 60 يومًا. خلال هذه الفترة، يُعاد نشر القوات الإسرائيلية لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. كما يدعو الاقتراح إلى تبادل أسرى، يشمل الإفراج عن عشرة أسرى إسرائيليين أحياء و18 جثة على دفعتين. في المقابل، يُطلق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.

في الساعات الأخيرة، صرّح مصدر رفيع المستوى في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للقناة 12: “سياسة إسرائيل ثابتة ولم تتغير. نطالب بالإفراج عن جميع الأسرى الخمسين وفقًا للمبادئ التي وضعها مجلس الوزراء لإنهاء الحرب”.

وأشارت الإذاعة العبرية إلى أنه رغم هذه التصريحات القوية، لم يستبعد المصدر إمكانية تطبيق الاتفاق جزئيًا أو تدريجيًا. إلا أنه تجنب تقديم تفاصيل إضافية حول ما إذا كان سيتم إطلاق سراح الرهائن دفعةً واحدة أم على دفعات.

بنيامين نتنياهو

يأتي هذا في وقت تتزايد فيه الضغوط على الحكومة الإسرائيلية، داخليًا عبر الاحتجاجات والمظاهرات، وخارجيًا عبر تزايد الانتقادات الدولية والجهود الدبلوماسية لتهدئة الوضع. لذلك، من الضروري أن يدرس صانعو القرار في تل أبيب السيناريوهات المتاحة لهم لفهم آفاق المرحلة المقبلة ومسار الصراع.

في هذا السياق، يرى الدكتور علي الأعور، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أن إعلان حماس قبولها الرسمي لمقترح “فيتكوف بلس” يُمهد الطريق لاتفاق محتمل لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. وأشار إلى أن هذا المقترح يُشبه في جوهره مقترح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مما يزيد من احتمالية موافقته.

صرح العور لموقع ايجي برس أن اقتراح فيتكوف، الذي سبق أن طلبت حماس تعديله قبل أسابيع، قد حظي بقبول شبه كامل من الحركة، وقدمت ردًا للوسطاء. كما أكدت وسائل إعلام إسرائيلية استلام تل أبيب الرد، الذي وُصف بأنه “إيجابي”. وأشار إلى أن الكرة الآن في ملعب إسرائيل، في انتظار قرار نتنياهو النهائي.

فيما يتعلق بالضغوط على الحكومة الإسرائيلية، أشار العور إلى أن الاحتجاجات في إسرائيل مثّلت نقطة تحول غير مسبوقة. يوم الأحد الماضي، شهد تل أبيب ومدن أخرى إضرابًا شاملًا بقيادة أهالي الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، بمشاركة أكثر من 100 شركة، بالإضافة إلى عدد من الجامعات والكليات.

احتجاجات اسرائيلية

وأضاف: “إن هذا الحراك الشعبي الواسع هز الشؤون الداخلية الإسرائيلية لأول مرة منذ 22 شهرا، وفرض ضغوطا مباشرة على نتنياهو، خاصة في ظل التحذيرات المتزايدة من عائلات الأسرى من خطر القتل إذا استمر القصف الإسرائيلي أو تم مهاجمة غزة”.

أشار الخبير في الشؤون الإسرائيلية إلى أن الرسالة الموجهة للشعب كانت واضحة: “إما أن يُطلق سراح الأسرى أحياءً عبر صفقة تبادل، أو أن يُحمّل نتنياهو المسؤولية الكاملة عن وفاتهم”. وأوضح أن تحذيرات رئيس الأركان الإسرائيلي، إيال زامير، من الخطر المحدق على حياة 20 أسيرًا إسرائيليًا محتجزين لدى المقاومة في غزة إذا أصرّ نتنياهو على قراره باحتلال غزة بالكامل، عززت هذه الرسالة من الأسرى.

صورة 3

في هذا السياق، أشار العور إلى أن إسرائيل تعاني من عزلة دولية متزايدة وسط اتهامات بالإبادة الجماعية، وحملات مقاطعة متنامية، ومظاهرات عالمية داعمة لفلسطين. وهذا يزيد من تعقيد الموقف الإسرائيلي ويجعل تبادل الأسرى الخيار الأكثر واقعية.

يعتقد الدكتور العور أن خيارات نتنياهو محدودة. ويوضح: “في تقديري، نحن قريبون من اتفاق لتبادل الأسرى. لقد أوصل الضغط الداخلي والخارجي إسرائيل إلى مفترق طرق، ونتنياهو أقرب من أي وقت مضى إلى قرار قبول اقتراح وقف إطلاق النار”.

يرى المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور عبد المهدي مطاوع أن المقترحات المقدمة حتى الآن هي نسخة طبق الأصل من مقترح ويتكوف الأصلي، دون التعديلات التي طالبت بها حماس سابقًا. ويجادل بأنه نفس المقترح الذي وافقت عليه إسرائيل سابقًا من حيث المبدأ، إلا أن الظروف السياسية الداخلية الحالية مختلفة تمامًا.

صورة 4

يزعم مطاوع وجود توجه واسع النطاق في إسرائيل لرفض الاتفاقيات الجزئية، وخاصةً فيما يتعلق بالأسرى. ويدعو هذا التوجه إلى “الإفراج الفوري عن جميع الأسرى”. ويتجلى هذا التوجه في موقف مستشار نتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، وكذلك في موقف نتنياهو نفسه، الذي سبق أن صرّح بأن “الاتفاقيات الجزئية أصبحت وراءنا”.

مع ذلك، لا يستبعد مطاوع أن يكون الاتفاق الحالي مجرد مقاربة جزئية تُمهّد الطريق لاتفاق شامل لاحق. ويشير إلى أن نتنياهو لا يزال أمامه عدة سيناريوهات، أهمها:

1. الموافقة على الاتفاق الجزئي، حيث يتم ربط انتهاء الحرب بتحقيق الشروط التي أعلنها نتنياهو.

2. الموافقة مع إضافة شروط جديدة، قد تشمل تحديد عدد الرهائن والسجناء الذين سيتم إطلاق سراحهم في المرحلة الأولية.

3. رفض الاتفاق الحالي والمطالبة باتفاق شامل منذ البداية، وإلا فإننا سنلجأ إلى عملية عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة.

4. الرفض دون طرح شروط بديلة واستمرار المسار العسكري حتى اجتياح مدينة غزة.

يعتقد مطاوع أن نتنياهو لن يرفض الاتفاق رفضًا قاطعًا، بل سيحاول إعادة صياغة بنوده بما يُرضي طرفي الائتلاف – المعسكر الذي يُفضّل اتفاقًا جزئيًا والمعسكر المتشدد الذي يُطالب باتفاق شامل. ويوضح قائلًا: “في نهاية المطاف، من المرجح أن يسعى نتنياهو إلى تسوية تُجنّب الصدام المباشر مع الرأي العام الإسرائيلي، وتُرضي شركاءه في الائتلاف دون التخلي تمامًا عن نهجه العسكري أو شروطه السياسية المُعلنة”.


شارك