كيف روى فهمي عمر ذكرياته مع ميكروفون الإذاعة تحت قصف العدوان الثلاثي؟

منذ 4 ساعات
كيف روى فهمي عمر ذكرياته مع ميكروفون الإذاعة تحت قصف العدوان الثلاثي؟

أطلق الإعلامي فهمي عمر، رئيس الإذاعة المصرية الأسبق والمذيع البارز، البث الرسمي للبرنامج الإذاعي “صوت الزمالك”. وتهدف هذه المبادرة إلى تعزيز الحضور الإعلامي للنادي بين جماهيره داخل مصر وخارجها.

وأكد عمر أن المحطة الإذاعية الجديدة تمثل إضافة مهمة للمنظومة الإعلامية للنادي، موضحاً أنها ستتكامل مع دور قناة الزمالك الفضائية في تغطية المباريات والأنشطة، فضلاً عن تقديم محتوى اجتماعي وثقافي مميز لجماهير القلعة البيضاء.

أكد عمر أن هذه خطوة مهمة لتعزيز العلاقة بين النادي وجماهيره الوفية، وجعل التواصل بين المحبين أكثر ودًا وعمقًا. وأشاد بنادي الزمالك، ومسؤوليه ولاعبيه، وجماهيره على وجه الخصوص، الذين كانوا وسيظلون سر قوته. واختتم حديثه قائلاً: “هذه إذاعة الزمالك… صوت كل مشجع زمالكي”.

يُعتبر فهمي عمر شخصيةً بارزةً في تاريخ الإذاعة المصرية. كان من أوائل الأجيال التي تواصلت مع مستمعيها عبر الأثير، ومع مرور الوقت، أصبح رمزًا إذاعيًا، ليُطلق عليه الكثيرون لقب “شيخ المذيعين”. وصفه الرئيس عبد الفتاح السيسي بأنه “رجلٌ عظيم الشأن”، وقال عنه في مؤتمرٍ لدعمه قبل الانتخابات الرئاسية: “أستاذ فهمي، أنت رجلٌ عظيم الشأن، ونحن نقدّر ونحترم كل ما تقوله”.

شهد عمر لحظةً مفصليةً في تاريخ مصر عندما شارك في تقديم نشرة الأخبار مع الرئيس محمد أنور السادات صباح 23 يوليو 1952. بدأ حديثه قائلاً: “سيداتي وسادتي، دقت ساعة جامعة الملك فؤاد السابعة والنصف صباح الأربعاء. هذه نشرة الأخبار، التي تبدأ ببيانٍ للقوات المسلحة، يلقيه ممثل القيادة”. كان السادات هو من قرأ إعلان الثورة. كان عمر أول صحفي يُغطي أحداث ذلك الصباح من شهر يوليو، ومن أوائل الشهود المباشرين على هذه اللحظة المفصلية.

وبعد ذلك، عادت ذكريات الأحداث المهمة إلى الأذهان، بما في ذلك العدوان الثلاثي، الذي تناوله فهمي عمر في مقابلة مع مجلة القاهرة* في يوليو/تموز 2006. ووصف تفاصيل قصف محطات البث في أبو زعبل، وكيف واصل هو وزملاؤه بث بيانات حماسية، بينما ظلت الإذاعة سلاحاً موازياً للمقاومة ومصدر إلهام للجماهير.

قال المذيع الإذاعي فهمي عمر إن للإذاعة مساهمات إيجابية عديدة في تقدم الوطن، مشيرًا إلى أن دورها خلال ثورة يوليو كان رائعًا ومؤثرًا. فقد تفانى مذيعو الإذاعة من جيل الخمسينيات في تقديم برامج وأغانٍ رسخت مبادئ الثورة حتى دخلت الثورة كل قاعة وكل بيت، كما جاء في أغنية محمد عبد المطلب الشهيرة: “يا من في القاعة والغرفة، ادخل الساعة الثامنة والنصف، والإذاعة تضج بالأخبار، يطمئن قلبك”. وترددت هذه الأغنية عبر الميكروفونات بعد الثورة.

وأضاف أن دور الإذاعة في معركة بورسعيد خلال العدوان الثلاثي عام ١٩٥٦ كان مؤثرًا للغاية. فكان نشيد “الله أكبر” الذي سجلته الإذاعة وأذاعته يوم العدوان كافيًا لإلهام الجماهير. أضف إلى ذلك كثرة الأغاني التي قدمتها، مثل أعمال الفنانة فايدة كامل، وبثّ المذيعون في الشوارع والمصانع والمدارس والجامعات، وحتى من المنازل، مما أبرز روح التضحية والفداء لدى الجميع.

وتابع: “أتذكر كيف شعرنا جميعًا باليتامى عندما هاجمت طائرات العدو محطات الإذاعة في أبو زعبل وانقطع البث الإذاعي. لن أنسى أبدًا يوم الجمعة، 2 نوفمبر/تشرين الثاني 1956، عندما ناداني الأستاذ أمين حماد، الذي كان في مكتب زميلي أحمد سعيد، وأخبرني أن علينا الذهاب إلى مبنى مجلس الوزراء، حيث كانت هناك محطة إذاعة صغيرة لبث رسائل تحفيزية للمواطنين”.

وتابع: “توجهتُ على الفور مع زميلي أحمد سعيد، وهناك التقينا بفنيين إذاعيين آخرين. بدأنا نبث عبارات حماسية، منها: “يا أهل القاهرة، إذاعتكم شغالة، وإحنا معكم”، ثم رسائل غاضبة ضد المعتدي الآثم. ثم خطرت لي فكرة: تحدثتُ مع أصدقائي عبر هاتف مجلس الوزراء، وطلبتُ منهم تحريك أزرار الراديو لاستقبال بثنا، وطلبتُ منهم إبلاغ معارفهم وأصدقائهم، وهكذا، حتى لم تمضِ أقل من نصف ساعة، وكان معظم أهل القاهرة يستمعون إلينا. وبعد ساعة ونصف، عاد البث من محطة أبو زعبل، وعدنا إلى مبنى الإذاعة”.

قال إن هذه لم تكن التجربة الوحيدة، فقد لعب الإذاعة دورًا لا يُنسى في حدث وطني كبير: إعلان الرئيس جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس. بُثّ خطابه التاريخي عبر الميكروفون وأثار حماس المواطنين. امتلأت الاستديوهات بالفنانين، وعلى رأسهم سيدة الغناء العربي أم كلثوم، التي سجلت في أول لقاء لها معه أغنيتها الشهيرة “تعالوا مع ولاد بلدنا” من لحن بليغ حمدي. كما قدّم شعراء وأساتذة تاريخ أعمالهم الأدبية والشعرية احتفاءً بهذه المناسبة.

وتابع: “لن أنسى أبدًا أنه في تلك الأيام، اقترح عليّ صديقي الصحفي والناقد الرياضي الكبير عبد الرحمن فهمي تقديم برنامج إذاعي عن الأحداث الرياضية وأبطالها وتاريخهم. كان ذلك في مارس عام ١٩٥٤، عندما كنا نجلس في ركن الصحفيين بملعب النادي الأهلي. في ذلك الوقت، لم تكن الرياضة تُغطى بانتظام في البرامج الإذاعية، فاقترح عليّ عبد الرحمن أن أبدأ هذه التجربة كعاشق للرياضة ومتابع لها”.

 

    

 


شارك