وكيل الأزهر: دعم كامل لجهود مصر في وقف العدوان على غزة ورفض مخططات التهجير

منذ 2 ساعات
وكيل الأزهر: دعم كامل لجهود مصر في وقف العدوان على غزة ورفض مخططات التهجير

• الضويني: توعية المغتربين بالثقافة المصرية خط دفاع ضد الحاقدين.

قال الدكتور محمد الضويني، وكيل جامعة الأزهر، إن بلادنا تمر بمرحلة دقيقة وصعبة، تواجه فيها محاولات طمس هويتها واغتصاب أرضها ومواردها، لا سيما في ظل الظروف المأساوية التي يعيشها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. وأضاف أنه من المدهش والمثير للدهشة أن تحدث هذه الجرائم البشعة من قتل وإرهاب للعزل والضعفاء والجوعى في ظل صمت المجتمع الدولي والأمم المتحدة، في زمن نسميه زمن الثقافة والحضارة والتقدم وحقوق الإنسان، وزمن الحقوق والحريات.

وأكد دعم الأزهر لجهود الدولة المصرية لوقف العدوان الصهيوني الظالم، ورفض مخططات التهجير التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية وتصفية جذورها.

وأضاف وكيل الأزهر أن تكريم الفائزين اليوم بمسابقة “ثقافة وطني”، التي أطلقها مركز البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، يأتي في وقتٍ نحن بأمسّ الحاجة فيه إلى التوعية، وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن وطننا الحبيب مصر، والتصدي لحملات التشويه الشرسة التي تستهدف تاريخه ودوره ومؤسساته. وفي خضم هذه الأكاذيب والافتراءات، كان لأصوات الطلاب الوافدين إسهامٌ كبيرٌ في دحض الشبهات والرد على الادعاءات.

وتابع الدكتور الدويني قائلاً إن المسابقة أتاحت للطلاب من مختلف الجنسيات استكشاف جمال الحضارة المصرية، والتعبير بأقلامهم وإبداعاتهم عما عايشوه في الواقع المصري. وهذا ما مهد الطريق للحق ضد التشويه، وللواقع ضد الباطل. ونقلوا ما رأوه في مصر: الأمن والاستقرار، والمحبة والمودة، والحضور الثقافي والعلمي والفني، ورسالة الأزهر العالمية في السلام والتواصل بين الثقافات والتعايش السلمي.

وتابع وكيل الأزهر قائلاً إنه في ظل المتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم، تواصل مصر مسيرتها الريادية والتقدم والعطاء والتطور، وتنشئة الإنسان المتوازن والمتعلم، وتعزز ريادتها في نشر الفكر الوسطي المستنير، وإعلاء قيم التعايش والتسامح، ومد جسور التفاهم، ومكافحة خطاب الكراهية، تحقيقاً للسلام والأمن والاستقرار. وهذا يؤكد أن تعليم الثقافة المصرية للطلاب الجدد ونقل جمالها هو خط الدفاع الأقوى ضد كل حاقد. وقد وجدت قوة مصر الناعمة في العلم والفن والحضارة والتعليم في هذه المسابقة نافذة نابضة بالحياة ومبتكرة للتواصل مع العالم، وخلق وعي جديد، وتمكين خطاب فاعل، وإبراز مؤهلات مصر العلمية والمعرفية والثقافية.

وأكد أن الثقافة ليست مجرد تراث أو منظومة معرفية، بل هي منظومة متكاملة من القيم والعادات والتاريخ واللغة والفنون وأسلوب الحياة، تُشكل هوية الإنسان وتؤثر على نظرته للعالم من حوله. لذا، يُعدّ تعليم الثقافة المصرية للطلاب الأجانب مهمةً أساسية، لا تقل أهميةً عن نقل المعرفة والفهم الديني، فهو ركيزة أساسية للتكامل التعليمي، وتعزيز التفاهم الثقافي، وترسيخ قيم التعايش.

وأوضح أن الأزهر الشريف ملتزمٌ بعدم حصر تعليم الطلاب الوافدين في الدراسات الإسلامية والعربية، بل بدمجهم في النسيج الثقافي المصري من خلال مجموعة متنوعة من البرامج والمبادرات والأنشطة. ويهدف ذلك إلى تعريف الطلاب بعظمة الحضارة المصرية، وعمقها التاريخي، ورقي فنونها، وثراء بيئتها الاجتماعية. ويتحقق ذلك من خلال الفعاليات الثقافية والرحلات والندوات التي ينظمها القطاع الأجنبي بالتعاون مع مختلف المؤسسات الحكومية. وبذلك، يمكن للطلاب الوافدين الاستفادة من نبع الثقافة المصرية المتجدد باستمرار، والمشاركة في بناء جسور التواصل الحية بين شعوب العالم. وهذا يمثل تعبيرًا حيًا عن استمرار الأزهر الشريف في أداء رسالته العلمية والثقافية والتربوية.

وأكد أن تعليم الثقافة المصرية للطلاب الأجانب يُعمّق شعورهم بالانتماء لمصر كدولة مضيفة كريمة، تحمل رسالة علم وسلام للعالم، وتُعرّفهم بغنى تراثها الثقافي، فيشعرون وكأنهم بين أهلهم وذويهم. كما يُعزز قيم الحوار والتسامح والتعايش. فالثقافة المصرية، بأهميتها التاريخية وخبرتها العريقة، تبني جسور التفاهم بين الثقافات والأديان، مُهيئةً بيئةً حضاريةً تتجلى فيها الأخوة الإنسانية في أبهى صورها وأصدقها.

وتابع: “إن نشر الثقافة بين المغتربين يُسهم أيضًا في تصحيح الصور النمطية عن مصر والعالمين العربي والإسلامي، من خلال التفاعل المباشر مع الواقع المصري الأصيل، والتحرر من الصور المغلوطة التي تُروجها بعض المنابر الإعلامية المتحيزة. كما يُمكّن الطلاب الأجانب من القيام بدور فاعل عند عودتهم إلى أوطانهم، فيصبحون سفراء للمحبة والمعرفة، ينشرون مشاعر الحب والامتنان لمصر الأزهرية في جميع أنحاء العالم، وينشرون صورتها المشرقة. ونؤمن بأن استثمارنا في نشر الثقافة المصرية بين المغتربين هو استثمار في شعبها، وفي علاقاتها الدولية، وفي صورة مصر العالمية، التي تُجسّد معاني الحضارة والعراقة والتسامح والكرم والعلم والمعرفة”.

صرح الدويني بأن مسابقة “ثقافة وطني” تعكس أحد الأدوار الرائدة والأصيلة التي لعبها الأزهر الشريف في تعزيز المعرفة والهوية والثقافة، ألا وهو دوره في نشر الثقافة والعادات المصرية الأصيلة داخليًا وخارجيًا. فالأزهر الشريف، هذه المؤسسة العلمية العريقة، ليس مؤسسة دينية وعلمية فحسب، بل هو أيضًا حامل هوية مصر الإسلامية والعربية، ومنبع إشعاعها الثقافي، وصوتٌ أصيلٌ لثقافتها العريقة، التي تجمع بين القيم السامية والأخلاق النبيلة والعادات والتقاليد الراقية.

وأكد أن الأزهر الشريف لم ينفصل يومًا عن الواقع المصري، بل حافظ على روح الأمة، وعبّر عن جوهر ثقافتها، ورسّخ العادات الحميدة التي اكتسبها المجتمع المصري على مرّ العصور. وأكد أن الأزهر الشريف، في مناهجه ومناهجه، وسياساته الإعلامية والدعوية، حرص على غرس العديد من القيم التي تُعدّ من العادات المصرية الأصيلة، كما أطلق العديد من البرامج والمسابقات الثقافية التي تُركّز على إبراز عظمة الحضارة المصرية، وتعريف الطلاب، وخاصةً الوافدين، بالعادات الجميلة والقيم الرفيعة للمجتمع المصري.

أوضح وكيل الأزهر أن تجربة الطلاب الوافدين في الأزهر لا تقتصر على الجانب الأكاديمي، بل تمتد إلى الاحتكاك بالحياة المصرية، والتعرف على الذوق العام، وأساليب الحوار، والتقاليد الاجتماعية. ويعود الطالب بعد تخرجه إلى وطنه سفيرًا لمصر، يُروّج لصورتها الجميلة، ويُجسّد قيمها في بلاده. وأضاف أن التعارف الثقافي والتبادل الحضاري بين الأمم والشعوب ليس ترفًا فكريًا أو تعبيرًا عن الرخاء الاجتماعي، بل هو واجب إنساني، وشرط أساسي للاستقرار والتعايش السلمي.

وأكد أن التعارف الثقافي لا يعني الانصهار في الآخر أو التخلي عن الهوية الذاتية، بل هو انفتاح على العالم، يُسهم في بناء وعي إنساني مشترك قائم على الاحترام المتبادل والاعتراف بالآخر والتعايش السلمي معه. ويدعو الأزهر إلى إرساء ثقافة منفتحة تُمكّن الإنسان من تحديد هويته والحفاظ على خصوصيته والاستفادة من ثقافات الآخرين دون المساس بخصوصيته أو تهديد هويته. وفي ظل الأزمات ومعضلات الهوية التي يعيشها العالم، والتي تُهزّ البشرية جمعاء، تبرز الحاجة المُلِحّة اليوم إلى تكرار هذه التجارب الحضارية الرائدة.

واختتم وكيل الأزهر كلمته بالإشارة إلى أن مصر، بحضارتها العريقة، ومن ضمنها الأزهر الشريف بمكانته العلمية والدعوية، تسعى دائمًا لأن تكون جسرًا بين الشعوب، ومنبرًا للحوار البنّاء، وراعيًا للتنوع الثقافي، وداعمًا لقيم الاعتدال والسلام. ومن هنا، تبرز أهمية دور الأزهر الشريف في نشر ثقافة التعارف والتعددية، دون تذويب الهوية أو الاستعلاء على الثقافات الأخرى. ونؤكد على أهمية تسخير كل طاقاتنا لتعزيز الثقافة المصرية في وجدان كل طالب وافد، ليعود إلى وطنه حاملًا حب مصر في قلبه، ونور الأزهر الشريف في وجدانه.


شارك