بعد حديث نتنياهو.. ماذا نعرف عن طموحات الاحتلال بشأن إسرائيل الكبرى؟

أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة، التزامه برؤية التوسع المتمثلة في “إسرائيل الكبرى”، واصفا نفسه بأنه في “مهمة تاريخية وروحية” لتحقيق هذه الأيديولوجية.
وتهدف هذه الرؤية إلى تأكيد السيطرة الإسرائيلية ليس فقط على غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، بل أيضاً على أجزاء من مصر والأردن وسوريا ولبنان والعراق.
في مقابلة مع قناة i24NEWS الإسرائيلية يوم الثلاثاء، صرّح نتنياهو بأنه يشعر “بالالتزام الشديد” بهذه الرؤية، التي تستمد جذورها من الصهيونية التصحيحية. وقد تعرضت هذه الفكرة التوسعية لانتقادات واسعة النطاق لهدفها المتمثل في الاستيلاء على أراضٍ خارج حدود إسرائيل، وجلب اليهود من جميع أنحاء العالم إليها، وطرد السكان الأصليين.
وقد تم ذكر هذا المفهوم علناً لأول مرة في عام 1956 من قبل مؤسس الدولة وأول رئيس وزراء لها، ديفيد بن جوريون، الذي برر مشاركة إسرائيل في العدوان الثلاثي على منطقة قناة السويس في مصر إلى جانب فرنسا وبريطانيا العظمى على أساس أن حدود مملكة داود وسليمان كانت “توراتية”.
وعلى عكس عادته في إجراء مقابلات حصرية مع القناة 14 الموالية للحكومة، استخدم نتنياهو هذه المقابلة لتصوير نفسه كزعيم في “مهمة نيابة عن الشعب اليهودي”.
كما كرّر دعوته إلى “السماح للمدنيين بمغادرة غزة”، مُشبّهًا ذلك بتدفق اللاجئين من سوريا وأوكرانيا وأفغانستان. ولم يأتِ على ذكر الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 18 عامًا على قطاع غزة، أو النزوح الواسع النطاق الناتج عن الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة، والتي يصفها كثيرون بالإبادة الجماعية، والتي يُقتل فيها عشرات المدنيين يوميًا.
أدانت وزارة الخارجية الأردنية بشدة تصريحات نتنياهو، الأربعاء، واعتبرتها تهديدا خطيرا لسيادة الدول وأمنها وانتهاكا صارخا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
وبحسب وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أكد المتحدث الرسمي باسم الوزارة، السفير سفيان القضاة، رفض المملكة القاطع لهذه التصريحات، واصفًا إياها بـ”التصعيد الخطير والاستفزازي”. وأكد أن “الأوهام السخيفة” التي يروج لها بعض المسؤولين الإسرائيليين لا تضرّ بالأردن ولا بالدول العربية، ولا تمس الحقوق المشروعة وغير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني.
وأشار القضاة إلى أن هذه المواقف تعكس الأزمة والعزلة الدولية التي تعيشها الحكومة الإسرائيلية في ظل عدوانها المتواصل على قطاع غزة والضفة الغربية المحتلتين. وأضافوا: “إن ادعاءات المتطرفين داخل الحكومة الإسرائيلية تُسهم في تأجيج دوامة العنف والصراع. وهذا يتطلب موقفًا دوليًا واضحًا يدينهم، ويُحذر من آثارهم الخطيرة على أمن واستقرار المنطقة، ويُحاسب مُحرِّكيهم”.
ودعا المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لوقف كل الممارسات والتصريحات التحريضية الصادرة عن إسرائيل والتي تهدد الأمن والسلم الدوليين.
وبحسب تقارير حديثة، اتصلت إسرائيل بدول مثل جنوب السودان وإندونيسيا وليبيا لاستقبال الفلسطينيين الذين أجبروا على مغادرة قطاع غزة، مما أثار مخاوف من تطهير عرقي واسع النطاق.
بالنسبة للفلسطينيين، فإن أي محاولة لإجبارهم على ترك أراضيهم هي تذكير بالنكبة التي حلت بهم عام 1948، عندما تم تهجيرهم على نطاق واسع أثناء إنشاء دولة إسرائيل.
وفي وقت سابق من هذا العام، أيد نتنياهو اقتراح الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بترحيل أكثر من مليوني شخص من سكان غزة إلى مصر والأردن، في حين دعا وزراء إسرائيليون من اليمين المتطرف إلى رحيلهم “طواعية”.
قال نتنياهو إنه سيعارض أي اتفاق يسمح بالإفراج التدريجي عن الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس. وأكد أنه يريد إطلاق سراح جميع الأسرى “كجزء من إنهاء الحرب، ولكن بشروطنا”.
فشلت جهود الوساطة التي تقودها قطر ومصر والولايات المتحدة في تحقيق أي تقدم منذ وقف إطلاق النار القصير في وقت سابق من هذا العام.
يشير مصطلح “إسرائيل الكبرى” إلى مفهوم ذي أبعاد دينية وتاريخية وسياسية متشابكة، يختلف تفسيره باختلاف الخلفية الأيديولوجية. ويرتبط المصطلح بمفهوم “أرض إسرائيل بأكملها” أو “الأرض الموعودة”، كما ورد في النصوص اليهودية القديمة، وخاصةً في سفر التكوين، الذي يذكر العهد الإلهي مع إبراهيم، والذي يشمل الأراضي الممتدة من وادي العريش غربًا إلى نهر الفرات شرقًا.
ويغطي هذا التعريف مناطق واسعة من الشرق الأوسط، بما في ذلك – بالإضافة إلى فلسطين المحتلة – أجزاء من لبنان وسوريا والأردن والعراق ومصر وحتى مناطق من شبه الجزيرة العربية.
ارتبط المصطلح أيضًا بفترة الانتداب البريطاني على فلسطين، والتي شملت إمارة شرق الأردن. ومع قيام دولة إسرائيل عام ١٩٤٨، تطور المصطلح ليُعبّر عن طموحات بعض الفصائل الإسرائيلية في توسيع أو توحيد هذه الأراضي، لا سيما بعد حرب ١٩٦٧ التي أدت إلى احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان.
وفي السياق الحالي، يحتل هذا المفهوم قلب المناقشات الإقليمية والدولية، حيث يدعو بعض الساسة الإسرائيليين إلى فرض سيطرة أكبر على ما يعتبرونه مناطق تاريخية ذات أبعاد دينية وأمنية.