بنيامين نتنياهو يتمسك بالسيطرة الكاملة على غزة وسط ضغط دولي

منذ 3 شهور
بنيامين نتنياهو يتمسك بالسيطرة الكاملة على غزة وسط ضغط دولي

في ظل تزايد العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، يصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على المضي قدماً في خطته للسيطرة الكاملة على قطاع غزة، على الرغم من التحذيرات الدولية والمخاوف الداخلية.

أكد نتنياهو أن الهدف ليس احتلال قطاع غزة، بل تحريره من حماس. وأضاف أن العملية ستُنفذ “بأسرع وقت ممكن”.

وبحسب إعلانه، يسيطر الجيش الإسرائيلي حاليا على نحو 75 في المائة من قطاع غزة، لكن حماس لا تزال تواجه “عقبتين رئيسيتين” هناك.

وكشف نتنياهو لأول مرة عن رؤيته لما بعد الحرب، حيث أعلن أنه يريد إنشاء سلطة مدنية في غزة لا تكون تابعة لحماس ولا للسلطة الفلسطينية، بل ستكون تابعة لدولة أخرى لم يذكر اسمها.

وتزامنت تصريحات نتنياهو مع إعلان الجيش الإسرائيلي عن إجراء تدريبات مفاجئة لاختبار جاهزيته للتعامل مع السيناريوهات المختلفة في ساحة المعركة.

وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، من المتوقع أن يعرض الجيش خطة لاحتلال قطاع غزة بالكامل خلال أيام، وتعبئة نحو 250 ألف جندي لهذا الغرض.

في المقابل، انتقد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش نتنياهو بشدة، مشيرًا إلى أنه لم يعد يثق بقدرته على إنهاء الحرب. ودعاه إلى اتخاذ مسار واضح ينتهي إما باستسلام حماس والإفراج الفوري عن جميع الأسرى، أو بتدميرها وضم أجزاء كبيرة من قطاع غزة إلى إسرائيل.

وعلى الصعيد المحلي، واصلت عائلات الرهائن الإسرائيليين والقتلى الدعوة إلى إضراب عام في 17 أغسطس/آب. وكان الهدف هو تعطيل الاقتصاد والضغط على الحكومة للتوصل إلى اتفاق يؤدي إلى إطلاق سراح الرهائن وإنهاء الاحتلال المخطط لقطاع غزة.

وبحسب “سكاي نيوز”، فإن بيان العائلات يشير إلى تورط شركات خاصة ومنظمات مجتمع مدني وعمال ومواطنين في هذا التصعيد.

في غضون ذلك، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة خاصة لمناقشة الخطة الإسرائيلية. ودعا الممثل البريطاني إسرائيل إلى رفع القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية في قطاع غزة “فورًا وبشكل دائم”.

وحذر من أن توسيع العمليات العسكرية لن يؤدي إلى إطلاق سراح السجناء، بل على العكس قد يؤدي إلى تعقيد الوضع أكثر.

وأفادت مصادر طبية محلية في غزة بمقتل نحو 60 فلسطينياً خلال الـ24 ساعة الماضية، بينهم 40 شخصاً كانوا ينتظرون المساعدات الغذائية.

وارتفعت حصيلة القتلى بسبب الجوع وسوء التغذية إلى 2017 شخصا، بينهم 100 طفل.

تتزايد المخاوف من أن تؤدي العملية العسكرية في مدينة غزة إلى دفع آلاف السكان إلى الجنوب المكتظ بالسكان، حيث الخدمات شحيحة والأمن الغذائي هش.

وفي مقابلة مع برنامج “التاسعة” على قناة سكاي نيوز عربية، قال روني كاشيد، الباحث في معهد ترومان للسلام بالجامعة العبرية، إن إسرائيل تعيش “أزمة عميقة” بين الشعب والحكومة، وإن خطاب نتنياهو أصبح غامضاً، ما أدى إلى ارتباك داخلي حول أهداف الحرب.

وأضاف كاشيد أن الرأي العام الإسرائيلي ينظر إلى خطة احتلال قطاع غزة باعتبارها تهديدا مباشرا لحياة المعتقلين هناك، وحذر من أن أي عملية برية واسعة النطاق قد تؤدي إلى مقتلهم.

وأكد أن “المشكلة الرئيسية بالنسبة للإسرائيليين في الوقت الراهن ليست الحرب نفسها، بل إطلاق سراح الرهائن”.

أعلن كاشيد عن مظاهراتٍ نُظمت الأسبوع الماضي، شارك فيها رؤساء سابقون لجهاز المخابرات الإسرائيلي (الشاباك) وضباط عسكريون رفيعو المستوى. وطالبوا باتفاقٍ سريعٍ يضمن عودة الأسرى، وحذّروا من استمرار الحرب دون هدفٍ واضح.

وأشار إلى أن الصراع المستمر يفرض ضغوطا اقتصادية على إسرائيل ويعزلها سياسيا، وأشار إلى الانتقادات المتزايدة في أوروبا لاستخدام الأسلحة الإسرائيلية في قطاع غزة.

اتهم كاشيد نتنياهو بالتفكير في مستقبله السياسي أكثر من نتائج الحرب. وجادل بأن قراراته حُددت باعتبارات بقاء حكومته وائتلافه.

وأضاف: “في إسرائيل اليوم، يتم اتخاذ القرارات المهمة في خدمة الأغلبية الحاكمة، حتى لو كانت تتعارض مع مصالح الأمن القومي”.

وحذر كاشيد من أن أي خطة لتهجير مئات الآلاف من سكان غزة إلى مسافة 20 أو 30 كيلومترا جنوبا من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم الكارثة الإنسانية، مشيرا إلى عدم وجود البنية التحتية الكافية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس والخدمات.

تشير الوقائع الفعلية والسياسية إلى أن إسرائيل تمر بمنعطف حرج في حرب غزة. وبالنظر إلى خطة نتنياهو للسيطرة الكاملة، والضغوط الداخلية والخارجية لتهدئة الوضع، تبدو الاعتبارات معقدة: كيف يمكن تحقيق الأهداف العسكرية دون التضحية بالرهائن أو تعميق العزلة الدولية؟

تعكس تصريحات روني كاشيد معضلة مزدوجة: أزمة ثقة بين القيادة والشعب وانقسام داخل جهاز الأمن حول جدوى استمرار الحرب بشكلها الحالي.

ومع تسارع الاستعدادات العسكرية، يبدو أن مسار الأحداث سيحدد قريبا ما إذا كانت إسرائيل ستتجه نحو حل سياسي أو إلى مواجهة أوسع نطاقا ذات عواقب إنسانية وسياسية خطيرة.


شارك