وصية أنس الشريف قبل استشهاده.. أوصيكم بفلسطين درة تاج المسلمين ونبض قلب كل حر

عندما يكتب المرء كلماته الأخيرة، تصبح حروفه شظايا من قلبه، وتصبح وصيته مرآةً لروحه وصرخةً من أعماقه. هذه كلمات شهيد الكلمة والصدق، مراسل الجزيرة أنس الشريف، الذي استهدفه قصف قوات الاحتلال الإسرائيلي لخيمة الصحفيين قرب مستشفى الشفاء في قطاع غزة. كلماتٌ مليئة بعبير الأرض، ودموع المخيمات، وصرخة شوقٍ إلى عسقلان (المجدل).
وقال الشريف بصدق: “إذا وصلت إليك هذه الكلمات، فاعلم أن إسرائيل نجحت في قتلي وإسكات صوتي”.
من أزقة وشوارع مخيم جباليا للاجئين، انبثق طفلٌ يحلم بالعودة إلى عسقلان. أصبح رجلاً يقاوم بالكلمة والصورة، ناقلاً آلام شعبه إلى العالم، وشاهداً على مجازر الاحتلال المتواصلة لما يقارب العامين. عاش الألم في كل تفاصيله، وعاش الفقد المتكرر، لكنه لم ييأس ولم يتنازل. حتى آخر رمق، ظل وفياً للقضية الفلسطينية.
وفي وصيته التي نشرها على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بعد استشهاده، أشاد أنس الشريف بفلسطين باعتبارها “جوهرة تاج المسلمين ونبض كل حر في هذا العالم”.
كما أشاد بالشعب والأطفال المضطهدين، هؤلاء الشباب الذين لم يكن لديهم وقت للحلم أو العيش في أمن وسلام، حيث سحقت أجسادهم الطاهرة بآلاف الأطنان من القنابل والصواريخ الإسرائيلية وتمزقت أشلاءهم وتناثرت على الجدران.
وأضاف موضحًا وصيته قائلًا: “أوصيكم ألا تُسكتوا أنفسكم بالقيود، ولا تُقيدكم الحدود. كونوا جسورًا لتحرير الوطن وشعبه، لتشرق شمس الكرامة والحرية على أرضنا المغتصبة”.
ثم اتجه بقلب الأب الرحيم إلى عائلته وأوصى بابنته شام التي لم يعد يستطيع أن يراها تكبر كما كان يحلم، وابنه الحبيب صلاح الذي كان يأمل أن يكبر ليحمل أعبائه ويؤدي رسالته.
وثق بوالدته الحبيبة، التي منحته دعواتها القوة والنور في طريقه، وسأل الله أن يقوي قلبها ويجزيها خير الجزاء. كما وثق بزوجته أم صلاح، رفيقة صبره وشريكته، التي فرقتها الحرب أيامًا وشهورًا، لكنها ظلت وفية، صامدة كشجرة زيتون لا تلين، صابرة راضية.
أعلن مجمع الشفاء الطبي في قطاع غزة، استشهاد الصحفيين أنس الشريف ومحمد قريقع، جراء قصف إسرائيلي على خيمتهما أمام البوابة الرئيسية للمجمع.
قبل استشهاده، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي حملة تشويه واسعة النطاق ضد الصحفيين في قطاع غزة، وفي مقدمتهم أنس الشريف، في الوقت الذي استشهد فيه عشرات الصحفيين خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.