ننشر نص كلمة السيسي خلال الموتمر الصحفي مع نظيره الفيتنامي

استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، في قصر الاتحادية، لونغ كوونغ، رئيس جمهورية فيتنام الاشتراكية. وأُقيمت مراسم استقبال رسمية، عُزف خلالها السلامان الوطنيان لجمهورية مصر العربية وجمهورية فيتنام الاشتراكية. صرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، السفير محمد الشناوي، بأن الرئيسين عقدا اجتماعًا مغلقًا، أعقبته جولة مباحثات موسعة مع وفدي البلدين. وناقش الجانبان سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وفيتنام، والاستفادة من الزخم الذي شهدته هذه العلاقات مؤخرًا، لا سيما في مجالات السياسة والاقتصاد والتجارة والاستثمار والتعليم والسياحة.
وأضاف المتحدث الرسمي أن الرئيسين حضرا توقيع مذكرتي تفاهم في مجالي التنمية المحلية والتنمية الاقتصادية. وعقب المحادثات، عقدا مؤتمرًا صحفيًا لمناقشة نتائجها.
وفيما يلي نص كلمة الرئيس خلال المؤتمر الصحفي:
فخامة الرئيس ليونج كونج، رئيس جمهورية فيتنام الاشتراكية.أرحب بكم وبالوفد المرافق لكم في زيارتكم المهمة لجمهورية مصر العربية. تأتي هذه الزيارة في إطار جهودنا لتعزيز العلاقات الثنائية وتعزيز الزخم القائم هناك. وأهنئكم مجددًا على توليكم منصب رئيس جمهورية فيتنام الاشتراكية في أكتوبر 2024. فخامة الرئيس، نحن على ثقة بأنكم ستحققون نجاحًا باهرًا في مسيرتكم، ونتطلع إلى العمل معًا لتعزيز أواصر التعاون بين حكومتينا وشعبينا الصديقين. سيداتي وسادتي،تُعدّ هذه الزيارة تتويجًا لعقود من الجهود المبذولة لتعميق العلاقات بين البلدين، والتي اتسمت دائمًا بتعاونٍ ممتاز على جميع المستويات لتحقيق الأهداف المشتركة لشعبينا. وقد أدى ذلك إلى تقاربٍ متزايد في المواقف بشأن القضايا السياسية التي تُؤثر على البلدين على الصعيدين الإقليمي والدولي.في هذا السياق، أسفرت محادثاتي اليوم مع ضيف الشرف المصري عن اتفاق على الارتقاء بالعلاقات بين مصر وفيتنام إلى مستوى الشراكة الشاملة. وتقوم هذه الشراكة على التعاون المشترك في جميع المجالات، لا سيما الزراعة والإنتاج والتجارة والاستثمار. ويتعين تضافر الجهود العامة والخاصة، بما يسهم في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية لكلا البلدين. كما تم اليوم توقيع مذكرتي تفاهم بين مصر وفيتنام في مجالي التنمية المحلية والتنمية الاقتصادية. تتلخص رؤيتنا في أن إمكانات بلدينا لم تتحقق بالكامل بعد، وعلينا الاستفادة من زخم العلاقات الثنائية لتعزيز وتوطيد علاقاتنا الاقتصادية بما يخدم مصالح بلدينا وشعبينا. يمكن لمصر أن تكون نافذةً على الشرق الأوسط وأفريقيا بالنسبة لفيتنام، إذ تربطها العديد من اتفاقيات التجارة الحرة مع هذه المناطق. وينطبق الأمر نفسه على فيتنام، التي يمكن أن تكون نافذةً على دول جنوب شرق آسيا بالنسبة لمصر.في هذا السياق، أكدنا خلال محادثاتنا اليوم على أهمية تعزيز التنسيق لإيجاد آليات مناسبة لتعزيز التعاون والتبادل التجاري بين البلدين، وتعزيز التعاون الاستثماري، وتوسيع نطاق التعاون في المجالات ذات الأولوية كالبنية التحتية وتكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي. كما نستكشف آفاقًا جديدة، تشمل الاستزراع المائي، والمنسوجات والملابس الجاهزة، والأجهزة الكهربائية، والأسمدة، والأغذية، والكيماويات، والأدوية، والطاقة المتجددة، والمركبات الكهربائية.سيداتي وسادتي،إلى جانب العلاقات الاقتصادية، ركزت مناقشاتنا أيضًا على تعزيز الروابط الاجتماعية والثقافية بين البلدين. واتفقنا على تنفيذ مذكرات التفاهم الموقعة بشأن التنمية المحلية واتفاقيات التعاون الأخرى بين المدن، بالإضافة إلى تنظيم الفعاليات الثقافية. كما أكدنا اهتمامنا بالتعاون في مجال الترويج السياحي وجذب السياح من كلا البلدين، ومواصلة التعاون في مختلف مجالات قطاع التعليم، لا سيما من خلال المنح الدراسية التي تقدمها وزارة التعليم العالي وجامعة الأزهر للطلاب الفيتناميين. سيداتي وسادتي، كما تناولت المحادثات الوضع الراهن في الشرق الأوسط، بما في ذلك الجهود المصرية لتهدئة الأوضاع في المنطقة، وإنهاء الحرب في قطاع غزة، ودعم الشعب الفلسطيني في نيل حقوقه المشروعة، وإقامة الدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من يونيو/حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. في هذا السياق، وفيما يتعلق بقضية معبر رفح، أودّ أن أوضح للجميع أن الحرب في قطاع غزة لم تعد مجرد تحقيق أهداف سياسية أو تحرير رهائن. فمنذ زمن الحقيقة، تجاوزت هذه الحرب كل منطق ومبرر، وأصبحت حرب تجويع وإبادة جماعية، وحربًا لتصفية القضية الفلسطينية.أود التأكيد على أن كلامي ليس موجهًا للرأي العام في مصر أو المنطقة، بل للرأي العام العالمي. في الواقع، تُستخدم حياة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وربما في الضفة الغربية أيضًا، كورقة ضغط سياسية. يراقب الضمير الإنساني والمجتمع الدولي عن كثب الأحداث في قطاع غزة. وهنا، أود التأكيد على نقطة بالغة الأهمية: في الأشهر والأسابيع الأخيرة، كثر الحديث عن دور مصر في استيراد المساعدات الإنسانية. سبق أن تحدثتُ عن هذا الموضوع، وتناولته وسائل الإعلام، لكنني سأشرحه بمزيد من التفصيل لاحقًا. يرتبط قطاع غزة بالعالم الخارجي من خلال خمسة معابر، بما في ذلك معبر رفح والمعابر الأخرى مع إسرائيل. لم يُغلق معبر رفح خلال هذه الحرب أو قبلها. هذه نقطة. النقطة الثانية هي أن دور مصر منذ ما يقرب من 20 عامًا هو منع تصعيد الوضع في قطاع غزة. كان دورنا دائمًا هو تهدئة القتال المحتمل بين قطاع غزة وإسرائيل، حيث كنا مقتنعين بأن أي قتال، بطريقة أو بأخرى، سيكون له تأثير مدمر على قطاع غزة. لقد فعلنا ذلك في السنوات السابقة، ولم ينتهِ بالحرب الأخيرة. هذه هي الحرب الخامسة التي لعبت فيها مصر دورًا إيجابيًا وفعالًا في إنهاء الحرب. خمس مرات. هذه هي المرة الخامسة. نحن نبذل هذه الجهود حتى يكون دورنا في كل صراع ينشأ في منطقتنا، بطريقة أو بأخرى، إيجابيًا وسلميًا. أما بالنسبة لقطاع غزة، فنحن نؤدي هذا الدور منذ السابع من أكتوبر وحتى اليوم، لأننا نعمل بجد لإنهاء الحرب، ولإيصال المساعدات، ولتحرير الرهائن والأسرى. هذا الدور لم ينتهِ بعد. مع ذلك، لاحظتُ في الأسابيع الأخيرة نوعًا من الإفلاس في هذا الشأن. يُزعم أن مصر تمنع دخول المساعدات عبر المعبر، وأنها تمنع دخولها. هذا أمرٌ غريبٌ جدًا. لم يُغلق المعبر، وقد دُمّر أربع مرات خلال الحرب الأخيرة. كنا نُرمّمه ونُصلحه أربع مرات قبل وصول القوات الإسرائيلية إلى الجانب الآخر من المعبر. يقع هذا المعبر جزئيًا على الحدود المصرية – أي على الأراضي المصرية – وجزئيًا على الأراضي الفلسطينية. كان بإمكان المعبر إدخال المساعدات طالما لم تكن هناك قوات إسرائيلية على الجانب الآخر، أي على الجانب الفلسطيني. هذه هي النقطة الأساسية. وعندما تحدثنا وعملنا – كما ذكرنا سابقًا – مع شركائنا في قطر والولايات المتحدة، كان هدفنا ببساطة إنهاء الحرب، وإيصال المساعدات، وإطلاق سراح الرهائن. ولم يتم إنجاز هذه المهمة بعد، ولكن في الوقت الذي أتحدث فيه، ومنذ عدة أشهر الآن، هناك أكثر من 5000 شاحنة على الأراضي المصرية، وآمل أن تغطي وسائل الإعلام هذا الأمر على نطاق أوسع. هناك 5000 شاحنة محملة بالمساعدات، سواء من مصر أو من بلدان أخرى تساهم في هذه القضية. من المهم أن نتذكر أن أكثر من 70% من المساعدات المُقدمة إلى غزة خلال الواحد والعشرين شهرًا الماضية جاءت من مصر، مع أن هذه ليست القضية الراهنة. الأمر الآن يتعلق بتقديم أكبر قدر ممكن من المساعدة لإخواننا الفلسطينيين، لأننا نشهد إبادة جماعية ممنهجة في غزة، إبادة جماعية ممنهجة في قطاع غزة، لاجتثاث السبب الجذري. لهذا السبب دعوتُ إلى هذا سابقًا، ودعوتي كانت للعالم أجمع، وللأوروبيين، وللرئيس ترامب أيضًا، وأكررها وسأكررها في كل مرة حتى تنتهي هذه الحرب وتصل المساعدات إلى غزة.قبل الحرب، كانت مصر ترسل ما بين 600 و700 شاحنة محملة بالمواد الغذائية والمساعدات الإنسانية، لإطعام نحو 2.3 مليون فلسطيني. تخيلوا أن هذا العدد قد انخفض إلى الصفر خلال الواحد والعشرين شهرًا الماضية. الوضع الراهن في قطاع غزة يعود إلى هذا، وليس إلى إهمال مصر لدورها في تقديم المساعدات الإنسانية أو تواطؤها في حصار القطاع. هذا أمر بالغ الخطورة والأهمية، ويجب أن يعلم الناس – ليس في مصر فحسب، بل في جميع أنحاء العالم – أن من يوجهون هذه الاتهامات لمصر مفلسون. نحن مستعدون لتقديم أضعاف هذا المبلغ لمساعدة الشعب الفلسطيني. لقد طالبنا مرارًا وتكرارًا بوقف الحرب، ونبذل قصارى جهدنا، وسنواصل ذلك.أود أن أقول لكل من يستمع، إن التاريخ سيتوقف طويلاً، وستُحاسب شعوب ودول كثيرة وتُقدم للعدالة على موقفها من هذه الحرب. سيتوقف التاريخ، ولن يسكت الضمير الإنساني على هذا النحو.ستبقى مصر دائمًا بوابةً للمساعدات الإنسانية، لا لتهجير الشعب الفلسطيني. كان هذا موقفنا في الثامن والتاسع من أكتوبر وما تلاه، ولا يزال كذلك. موقفنا واضح. نحن دائمًا على استعداد للسماح بدخول المساعدات الإنسانية، لكننا لسنا مستعدين لاستقبال الفلسطينيين أو طردهم من أرضهم. هناك من يسعون إلى هدف آخر: صرف الانتباه عن المسؤولين الحقيقيين عن الوضع المأساوي للفلسطينيين. أحذر – كما سبق أن حذرت – من استمرار هذا الوضع. وفي هذا السياق، أود أن أشيد بموقف فيتنام الثابت والداعم لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، وكذلك موقفنا المشترك في رفض طرد الفلسطينيين من أرضهم والدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة وبدء إعادة الإعمار، بما يؤدي إلى حل شامل ودائم يقوم على مبادئ الشرعية الدولية ويضمن الأمن والاستقرار في المنطقة. معالي الرئيس،أرحب بكم مرة أخرى في بلدكم الثاني مصر، وأتمنى أن تكون هذه الزيارة خطوة مهمة نحو تعزيز العلاقات بين بلدينا الصديقين. وأخيراً أتمنى لفخامتكم كل التوفيق وللشعب الفيتنامي الصديق دوام التقدم والازدهار في ظل قيادتكم.