الشهرة عبر الموبايل.. فنانون يهاجمون التيكتوكرز ويحمّلون الجمهور المسئولية

محمد هنيدي: الأزمة أعمق من العقل.. وتامر فرج: خلينا نلوم نفسنا أولًا. صبري فواز: تيك توك كسر الاحتكار الإعلامي لكننا نستخدمه بشكل خاطئ. محمد سليمان: أؤيد «تطهير» السوشيال ميديا، ومدحت تيخة: الشهرة اليوم تقاس بعدد المشاهدات. عبدالله أبو الفتوح: مستخدمو تيك توك بدأوا يشهدون سلسلة من التراجعات.
أثار اعتقال عدد كبير من منشئي محتوى تيك توك بتهم عديدة، لا سيما إساءة استخدام منصات التواصل الاجتماعي لتحقيق الربح، جدلاً واسع النطاق في الوسط الفني. أصبحت الهواتف المحمولة وسيلةً سريعةً للشهرة، وأدت إلى بروز نجوم جدد ينافسون الفنانين التقليديين، ويحظون بشعبية واسعة بفضل محتواهم غير الخاضع للرقابة، والذي قد يتضمن ألفاظًا بذيئة أو يخل بالآداب العامة، وفقًا للائحة اتهام النيابة العامة.
تباينت ردود فعل الفنانين تجاه هذه الظاهرة: بعضهم أيد إجراءات السلامة، وآخرون أعربوا عن قلقهم إزاء تراجع الذوق العام، بينما ألقى آخرون باللوم على الجمهور في انتشار هذا المحتوى. في هذا التقرير، نسلط الضوء على أهم تصريحات بعض نجوم الفن حول هذا الموضوع:
أوضح الممثل محمد هنيدي أن المشكلة لا تتعلق بالذوق العام أو التدخل الحكومي فحسب، بل تتجاوز ذلك بكثير. وكتب على فيسبوك: “هناك نوع معين من المحتوى الرائج يجذب شريحة كبيرة من الجمهور، مثل الحوارات المبتذلة والشتائم والإيحاءات الجنسية”.
وأضاف أن الخطر الحقيقي يكمن في أن هذه الفيديوهات أصبحت أكثر جاذبية من السينما والتلفزيون، مما يشجع الكثيرين على تقليدها لتحقيق الربح، حتى لو كان محتواها رديئًا. يبدأ الأمر دائمًا بفيديو مباشر بسيط، ومع محدودية المال، يُكثّف هؤلاء جهودهم لجذب المشاهدين. والأسوأ من ذلك أن الجمهور حاضر ومتفاعل.
وتابع: “أصبح تيك توك المنصة الرائدة في الشرق الأوسط ومصر. إذا دخلتَ مركزًا تجاريًا، ستجد أن 70% من الزبائن يعرفون مستخدمي تيك توك بالاسم ويستمتعون بالتقاط الصور معهم. حتى أن بعضهم أصبح نجومًا إعلانية، بينما يحظى آخرون بالتكريم والاحتفاء، رغم أن محتواهم يؤثر سلبًا على الوعي الاجتماعي ويشكل تهديدًا حقيقيًا للأجيال القادمة”.
وأشار إلى أن “العقلية الجماعية للمجتمع تتغير، والجيل الجديد بدأ يرى هذا الأمر صائبًا. هذا أمر محبط. بعد جهد وتعب، نجد أن من يهين عائلته ويستخدم ألفاظًا بذيئة يكسب عشرة أضعاف دخله. هذا أمر بالغ الخطورة”.
أعرب الفنان محمد سليمان عن دعمه القوي للإجراءات الأمنية ضد من ينشرون محتوى مسيئًا، وكتب على صفحته على فيسبوك: “ما يحدث هنا هو عملية تطهير ضرورية. أي شخص يستخدم لغة مسيئة على مواقع التواصل الاجتماعي يجب أن يُكسر هاتفه، وليس مجرد اعتقاله”.
وانتقد الجمهور الذي يدافع عن هؤلاء الأشخاص بحجة “الحرية”، مشيراً إلى أن من يتحرش بك في الشارع هو نفس الشخص الذي يظهر لك على تيك توك! قال: «من يدافعون عن الحرية ينشرون القذارة بين أطفالنا على شكل موضة. لذلك، أؤيد أي إجراء يحمي أطفالنا من هذه الصورة، التي تُسمى محتوى».
تناول الفنان صبري فواز القضية من منظور مختلف، مشيرًا إلى أن تيك توك لعب دورًا هامًا في كسر احتكار الإعلام العالمي، وخاصةً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. وقال: “ساهم تيك توك في نقل القصة الفلسطينية إلى العالم بعد أن سيطرت الرواية الصهيونية على الإعلام”.
ومع ذلك، أشار إلى أن سوء استخدام المنصة هو سبب تراجعها، قائلاً: “تيك توك أداة قوية، لكننا نحن من نستخدمها بشكل غير صحيح”. الفنان تامر فرج ألقى اللوم الأكبر على الجمهور، وكتب عبر حسابه: “قبل ما ننتقدهم لازم نسأل نفسنا: مين اللي عمل الشهرة دي؟ مين اللي شاهد محتواهم وشاركه؟ مش الجمهور نفسه؟”
وتابع: “من حسم الأمور وفتح باب الشهرة والمال والتمثيل أمام مجهولين داسوا على القيم والمواهب؟ شعر كثيرون أن جهودهم ونضالهم ودراساتهم لا قيمة لها أمام الشهرة والمال اللذين جنوهما من التفاهة والانحطاط، بسبب “زر” يضغط عليه المتلقي بإهمال وسهولة عند مشاهدة محتوى تافه، بينما يضيء الإصبع نفسه بقوة عند مشاهدة محتوى موجه ولا يضغط على الزر نفسه”.
وحذر من خطورة المساهمة في نشر مثل هذا المحتوى، حتى لو استُخدم على سبيل المزاح فقط، قائلاً: “إذا اعتقدنا أنهم على خطأ، فعلينا الامتناع عن نشر محتواهم. لا تُحيوا الباطل بضحكاتكم، ولا تُشجعوا أحدًا على المشاركة فيه، حتى ولو كان على سبيل المزاح أو السخرية”.
تساءل الفنان مدحت تيخا عن تأثير مستخدمي تيك توك على الفن الحقيقي، وكتب على حسابه على فيسبوك: “معظم مستخدمي تيك توك في مصر أُلقي القبض عليهم الآن. هل كانت صناعة الفن ستتضرر لو لم يظهروا؟ هل شهرتهم تفوق شهرة الفنانين المحترفين؟ يتضح ذلك من خلال استخدام شركات الإنتاج لهم للترويج لأعمالهم – سواءً في الأفلام أو المسلسلات – أو لكسب متابعين في العروض الخاصة”.
واختتم متسائلاً: “هل سنعود لتكريم الفنانين الحقيقيين؟ ونعطي الخبز للخباز، مشهورًا كان أم لا، طالما أن الفنان ممثل أصيل ومثقف ومحترم ومؤهل لبلد عظيم كمصر؟ أم ستظل الشهرة تُقاس بعدد المشاهدات، بغض النظر عن قيمة المحتوى؟”
وربط المنتج عبدالله أبو الفتوح، منتج مسلسل «أعلى نسبة مشاهدة» حول هذا الموضوع، ظاهرة تيك توك بظواهر مشابهة مثل أغاني المهرجانات، قائلاً على حسابه: «يمكننا بسهولة رسم خط مستقيم يبدأ بالتيك توك ويستمر عبر مغني المهرجانات وبعض الفنانين المبتذلين».
وأضاف: “المشكلة لا تكمن فقط في مُقدّمي المحتوى، بل في الجمهور أيضًا، الذي أضفى عليه الشرعية من خلال تفاعله. وللأسف، لم يكتفِ الجمهور بالمشاهدة، بل طالب بالمزيد، رافعًا بذلك سقف الابتذال والانحطاط. لم تمتنع صحيفة “المستقبل” عن ذلك، بل شجعت وشجعت على استمرار الابتذال”.