مسؤول روسي يُغضب ترامب ويلوح بـ”اليد الميتة”.. فكيف تعمل؟

منذ 3 ساعات
مسؤول روسي يُغضب ترامب ويلوح بـ”اليد الميتة”.. فكيف تعمل؟

“يجب على ترامب أن يتذكر مدى خطورة اليد الميتة الأسطورية”، وهي العبارة التي لوح بها الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف في وجه الولايات المتحدة، مما أثار غضب البيت الأبيض وأعاد إلى الأذهان ذكريات الحرب الباردة.

وجاء تصريح ميدفيديف، الذي يشغل حاليا منصب نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، بعد أن حدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موعدا نهائيا لروسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

تصريحات “استفزازية” و”لاذعة”

صوررة1_2

أعلن ترامب، الجمعة، أنه أمر بنشر غواصتين نوويتين ردا على تعليقات “استفزازية للغاية” لمسؤول روسي.

وقالت إيلينا سوبونينا، المستشارة في المركز الروسي للدراسات الدولية، لبي بي سي إن تصريحات ميدفيديف كانت “لاذعة للغاية”، وأشارت إلى أنه أشار إلى قدرات روسيا وامتلاكها للأسلحة النووية.

ورغم أن تصريح ميدفيديف “خرج عن السيطرة”، فإن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف نجح في تهدئة التوترات وأعرب عن استعداد موسكو للدخول في حوار مع واشنطن ومواصلة المفاوضات مع أوكرانيا، بحسب سوبونينا.

ما هو نظام اليد الميتة؟

صوررة2_3

وتصف وكالة أنباء تاس الروسية نظام “اليد الميتة” بأنه نظام ردع نووي يسمح بشن ضربة نووية انتقامية واسعة النطاق في حالة وقوع هجوم.

وفي الاتحاد السوفييتي، كان يطلق على هذا النظام اسم “المحيط”، بينما كان يطلق عليه في الدول الغربية خلال الحرب الباردة في القرن الماضي اسم “اليد الميتة”.

تُعرّف بعض المصادر الإعلامية “اليد الميتة” بأنه نظام آلي للتحكم في الأسلحة النووية، طوّره الاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة للسيطرة على ترسانته النووية. وهو أيضًا نظام قيادة روسي سري شبه آلي، مُصمّم لإطلاق الصواريخ النووية الروسية في حال تعرّضت سيطرته للخطر بسبب ضربة مدمرة من “العدو”.

ووصفها أحد الخبراء العسكريين الأميركيين بأنها “آلة يوم القيامة”.

تقرير نيويورك تايمز

صوررة3_4

في عام ١٩٩٣، نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقابلة مع روس بلير، الخبير الأمريكي في الشؤون العسكرية الروسية. وفي المقابلة، صرّح بلير بأن روسيا تمتلك نظامًا حاسوبيًا قادرًا على إطلاق ترسانتها النووية تلقائيًا في حالة نشوب حرب، في حال وفاة قادتها العسكريين أو عجزهم عن إدارة المعركة.

أجرى براون عشرات المقابلات المعمقة مع ضباط ومسؤولين معنيين بالترسانة الروسية ومعداتها. ووصف النظام بأنه “آلة يوم القيامة”. أثارت المقابلة جدلاً حينها حول صحة النظام.

نشرت وكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية تقريرا في عام 2017 جاء فيه أن أنظمة القيادة والسيطرة الروسية مصممة لمواجهة أسوأ السيناريوهات.

وأوضح أن هذه الأنظمة مصممة لتمكين نشر أوامر الإطلاق أثناء الهجوم النووي عبر أنظمة متعددة، بما في ذلك نظام المحيط.

وتحافظ موسكو على نظام “المحيط”، الذي تم تصميمه لضمان إمكانية إصدار أمر انتقامي في حالة وقوع هجوم نووي على روسيا، كما جاء في التقرير.

في عام 2011، أجرى قائد قوات الصواريخ الاستراتيجية الروسية، سيرجي كاراكاييف، مقابلة مع صحيفة كومسومولسكايا برافدا المحلية.

وقال المسؤول العسكري الروسي إن نظام “بيريمتر” كان موجودا في الاتحاد السوفيتي، مشيرا إلى أن “النظام يعمل ولا يزال فاعلا”.

“وصف مثير”

صوررة4_5

وقال المحلل العسكري الروسي سيرجي شاشكوف لبي بي سي إن هذا النظام سيسمح للصواريخ الباليستية النووية الروسية بإطلاق النار تلقائيا على أهدافها، حتى لو تم تدمير جميع مراكز القيادة.

لكن شاشكوف أبدى تشككه في مزاعم النظام، قائلا: “لا يوجد شيء موثوق به”.

وقالت سوبونينا نفسها لبي بي سي إن اسم ووصف النظام كانا “مثيرين” وتم ذكرهما في الأفلام والأدب ومن قبل بعض الخبراء.

وقالت سوبونينا إن نظام “اليد الميتة” هو نظام لمراقبة الأسلحة النووية مصمم لمراقبة هذه الأسلحة والتأكد من أنها لم يتم إنشاؤها عن طريق الصدفة أو الخطأ.

وتقول سوبونينا: “المصطلح في حد ذاته لا يعكس الواقع”.

وناقشت الموسوعة البريطانية الجدل الدائر حول وجود هذا النظام، مشيرة إلى أن مسؤولين سوفييت سابقين أكدوا وجود نسخة شبه آلية من النظام، والتي كانت تفوض سلطة إطلاق الصواريخ في حالة الأزمة إلى مجموعة صغيرة من ضباط الخدمة في مخبأ تحت الأرض.

وأضافت الموسوعة أن مسؤولين آخرين نفوا ذلك أو رفضوا التعليق.

وأشارت الموسوعة إلى أن كتاب “اليد الميتة: القصة غير المروية عن سباق التسلح في الحرب الباردة وإرثه الخطير” الصادر عام 2010 للصحفي الأمريكي الحائز على جائزة بوليتسر ديفيد هوفمان يحتوي على أدلة على هذا النظام.

كيف تعمل “اليد الميتة”؟

صوررة5_6

وجاء في تقرير نشرته صحيفة “روسيسكايا غازيتا” الروسية الرسمية أن أجهزة الاستخبارات الأجنبية لم تتمكن على مدى عقود من تحديد سوى المبادئ العامة لكيفية عمل النظام.

وأوضح الخبير الأميركي بلير في عام 1993 أن النظام الروسي مصمم ليتم تشغيله من قبل القادة العسكريين في حالات الأزمات، ومن الناحية النظرية لن يصبح نشطا إلا إذا اكتشفت أجهزة استشعاره هجوما نوويا على موسكو.

وقال بلير إن “النظام يعمل مع القليل من الإشراف البشري أو بدونه، ويمكنه إرسال رسائل مشفرة إلى القوات المسلحة على بعد آلاف الأميال، ويمكنه إطلاق الصواريخ النووية دون تدخل بشري”، مضيفًا أن النظام “عرضة للفشل”.

وتشير صحيفة نيويورك تايمز إلى أن “نواة النظام تتواجد في مخابئ عميقة تحت الأرض جنوب موسكو وفي مناطق احتياطية”.

وأضافت الصحيفة: “في حالة الطوارئ، يرسل المسؤولون العسكريون رسالة مشفرة إلى المخابئ، لتفعيل “اليد الميتة”. ثم يقوم النظام “بإرسال إشارات منخفضة التردد إلى صواريخ خاصة عبر هوائيات تحت الأرض”.

وتطير هذه الصواريخ بعد ذلك “عاليا فوق الصواريخ الأخرى والمواقع العسكرية وتصدر أوامر الهجوم للصواريخ والقاذفات، وكذلك للغواصات في البحر عبر محطات الراديو”.

ويقول موقع “ميليتري” الذي يبث أخبار الجيش الأميركي إن النظام يطلق صاروخا موجها مزودا برأس حربي لاسلكي ينقل أوامر الإطلاق إلى القواعد النووية الروسية حتى في حالة حدوث تداخل لاسلكي.

وقال كاراكاييف في عام 2011: “إذا كانت هناك حاجة لضربة انتقامية ولم تكن هناك طريقة لإرسال إشارة إلى بعض مركبات الإطلاق، فإن هذا الأمر يمكن أن يأتي من النظام”.

وذكرت وكالة سبوتنيك الروسية للأنباء أن النظام تم تحديثه للكشف عن إطلاق الصواريخ الباليستية باتجاه روسيا عبر الأقمار الصناعية وإصدار التعليمات بسرعة إلى الوكالات الأخرى المسؤولة عن اعتراض الهجمات الصاروخية.

وزعم كاراكاييف أن النظام قادر على تدمير الولايات المتحدة خلال نصف ساعة، لكنه قال: “أعتقد أن روسيا والولايات المتحدة لن تدمرا بعضهما البعض اليوم”.


شارك