من دبكة الشحرورة إلى صمت فيروز.. كيف ودّع اللبنانيون نجومهم الكبار قبل زياد الرحباني؟

منذ 7 ساعات
من دبكة الشحرورة إلى صمت فيروز.. كيف ودّع اللبنانيون نجومهم الكبار قبل زياد الرحباني؟

ودّع اللبنانيون عصر اليوم الموسيقار الكبير زياد الرحباني بجنازة مهيبة في كنيسة انتقال السيدة العذراء ببلدة المحيدثة – بكفيا، شمال شرق بيروت. وحضرت والدته الفنانة القديرة فيروز، مؤكدةً على صمتها وتفانيها.

حضرت السيدة الأولى اللبنانية نعمت عون، زوجة الرئيس جوزيف عون، ورئيس الوزراء نواف سلام، الجنازة الرسمية، وقدما تعازيهما للسيدة فيروز. كما حضر عدد من الشخصيات السياسية والفنية.

منذ ساعات الصباح الباكر، تجمّع العشرات من مُحبي زياد وأصدقائه أمام مستشفى فؤاد خوري في بيروت، ودّعوا الفنان بالتصفيق والهتاف. كان وداعًا عفويًا لفنانٍ شكّل صوته وموسيقاه ومسرحه ذاكرة أجيال من اللبنانيين والعرب. يرمز اسمه إلى الصمود والهوية الثقافية ومعاناة الناس، كما يرمز إلى السخرية والنقد السياسي العميق.

الرقص والغناء لوداع المغني

رغم الطابع الرسمي والهادئ لجنازة زياد، شهد لبنان طرقًا مختلفة لوداع نجومه. أشهرها وداع المطربة الأسطورية صباح في نوفمبر 2014، حين تحولت جنازتها إلى ما يشبه “عرسًا شعبيًا”. وقد حقق ذلك أمنيتها بأن لا ينعاها أحد، بل أن تُودع على أنغام الدبكة اللبنانية.

من فندق برازيليا، حيث قضت أيامها الأخيرة، إلى كاتدرائية القديس جاورجيوس في وسط بيروت، اصطف الناس على جانبي الطريق، يلوحون ويغنون ويهتفون. رافقت فرقة الجيش اللبناني الموسيقية، المؤلفة من 60 عازفًا، عزفوا أشهر أغانيها، ومنها “تسلم يا عسكر لبنان”، و”تعالى وتعمر يا دار”، و”عامر فرحكم عامر”.

حضر الجنازة رئيس الوزراء تمام سلام، وعدد من الوزراء والنواب، وعدد من الفنانين العرب، منهم ماجدة الرومي، وراغب علامة، ونجوى كرم، وهيفاء وهبي، ولبلبة، وإلهام شاهين، وسمير صبري، وغيرهم. كانت أغاني الفنانة مميزة، حتى أن بعض المعزين رقصوا على أنغام “رقصة أم عيون السعود”. وعُلّقت صورها وأكاليل الزهور في باحة الكنيسة، بما في ذلك إكليل لفيروز كُتب عليه: “شمسك ما بتغيب”.

نصري شمس الدين

في مارس/آذار ١٩٨٣، شيّع جثمان الفنان اللبناني نصري شمس الدين في أجواء هادئة، اتسمت بطابعها الرصين، المرتبط ارتباطًا وثيقًا بوطنه الأم. وسار خلف نعشه مئات من أبناء بلدته جون الشوف، إلى جانب عدد من الفنانين وأفراد عائلته، بينما عزفت فرق شبابية ألحانًا محلية على طول الطريق إلى مثواه الأخير. ورفع المشيعون لوحاته وغنوا مقتطفات من أغانيه، لا سيما تلك باللهجة الجبلية، التي كانت جزءًا أساسيًا من الهوية الفنية للرحبانية في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.

برزت شعبيته بشكل خاص بين جمهور المسرح الغنائي اللبناني، حيث كان يُعتبر من أشهر نجومه. شارك في معظم مسرحيات الأخوين رحباني، وأدّى دور “الوجه الشعبي” ببراعة ومهارة، مما جعله صوتًا مألوفًا مرتبطًا بالخيال اللبناني للقرى والحياة اليومية.

ملحم بركات

في أواخر شهر أكتوبر/تشرين الأول 2016، ودع لبنان الفنان الموسيقي ملحم بركات في جنازة أقيمت في كنيسة القديس نقولا في الأشرفية، بيروت، بحضور عدد كبير من شخصيات السياسة والفن والإعلام.

كان صوته يتردد في ساحة الكنيسة على أنغام أغانيه الشهيرة، وكأنه وداع أخير، مصحوبًا بلافتات رفعها الحشد عالياً كتب عليها: “يا حبيبي الغائب”، “ذهبت في طريقي”، و”من أجلك”.

ترأس مراسم الجنازة متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، الذي وصف الفقيد بأنه “رجل مبدع عزف آخر لحن له ثم مضى في طريقه”، مشيراً إلى أن موسيقاه “زرعت الفرح في القلوب وبقي وفياً للغته ووطنه في زمن تغير فيه الكثير”.

وحضر التشييع وزير الثقافة آنذاك روني عريجي ممثلاً لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، والنائبان ناجي جريوس وعاطف مجدلاني ممثلين للرئيسين ميشال عون وسعد الحريري.

من بين الفنانين الحاضرين: ماجدة الرومي، راغب علامة، عاصي الحلاني، فارس كرم، ومعين شريف، الذين وقفوا بجانب النعش لتأبين صاحب “حبيبي الغائب”. كما حضرت العائلة بأكملها، تتقدمها زوجته رندا، وطليقته الفنانة مي حريري، التي رافقت ابنهما ملحم جونيور طوال المراسم. واختتمت الجنازة بكلمة مؤثرة للشاعر نزار فرنسيس، صديق الفقيد ورفيق دربها، قبل أن ينفجر باكيًا عند النعش قائلاً: “الموت قد يقهر الجسد… لكنه لا يستطيع أن يخلعك عن عرش الفن”، وفقًا لصحيفة الشرق الأوسط.


شارك