مدينة النيلين.. الخرطوم تنفض غبار الحرب وتنبض بالحياة مجددا

تعود الحياة تدريجيا إلى شوارع وأسواق العاصمة السودانية الخرطوم، وكأن المدينة تستيقظ من غيبوبة طويلة. ويرى المارة في شوارع الخرطوم آثار القصف على المباني والفنادق والأبراج، بما في ذلك برج النيل. وفي مسجد الشهداء، أكبر المساجد وسط العاصمة، يبدو الدمار واضحاً، إذ وصلت نيران الاشتباكات إلى أجزاء منه. تم تطهير معظم الشوارع الرئيسية في وسط الخرطوم بعد إزالة حطام الحرب والسيارات المحترقة. وقال مسؤول في اتحاد الغرف التجارية السودانية: “سنبدأ العمل ونحاول مساعدة رجال الأعمال وحل القضايا بين التجار والمستثمرين والحكومة”.
تعود الحياة تدريجيًا إلى شوارع وأسواق العاصمة السودانية الخرطوم. وكأن المدينة، التي دمرتها حربٌ دامت عامين، تنهض من بين أنقاضها، وتستيقظ من سباتٍ طويل.
تعاني الخرطوم، الواقعة بين نهري النيل الأزرق والأبيض، وسائر أنحاء السودان من حرب بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان 2023. ووفقًا للأمم المتحدة والسلطات المحلية، فقد أودت الحرب بحياة أكثر من 20 ألف شخص، وشردت ما يقرب من 15 مليون شخص. وتشير دراسة أجرتها جامعات أمريكية إلى أن عدد القتلى يبلغ حوالي 130 ألفًا.
لكن خلال الأشهر الأخيرة تراجعت سيطرة قوات الدعم السريع على مختلف الولايات السودانية بشكل سريع، ما أفاد الجيش الذي تمكن من توسيع انتصاراته إلى الخرطوم وولاية النيل الأبيض.
وأعلن الجيش السوداني، في 20 مايو/أيار الماضي، سيطرته على كامل مدينة الخرطوم وإخلائها من أيدي قوات الدعم السريع.
خلال جولة لوكالة الأناضول للأنباء في وسط مدينة الخرطوم، المركز السياسي والمالي والتجاري للمدينة، رصد مراسلها واقع الحياة بعد أكثر من شهرين من سيطرة الجيش السوداني على كامل العاصمة.
– تحت الأنقاض
رغم الدمار الهائل الذي لحق بالمباني والمرافق الحكومية والخاصة في وسط الخرطوم، إلا أن قلة السيارات والدراجات النارية في الشوارع تُشير إلى عودة الحياة إلى العاصمة السودانية، وكأنها تنهض تدريجيًا من تحت الأنقاض. ويبدو أن السكان يشعرون بعودة الحياة الطبيعية.
وفي خضم هذا الشعاع من الأمل، يستطيع المارة في شوارع الخرطوم أن يشاهدوا بوضوح آثار القصف على المباني والفنادق والأبراج، بما في ذلك برج النيل وبرج بنك الساحل والصحراء وبرج سوداتل.
وكان الدمار الذي لحق بهذه المباني واضحا في الجدران المحترقة والنوافذ المكسورة والثقوب في الجدران الناجمة عن القنابل اليدوية والرصاص.
ويظهر الدمار في مسجد الشهداء، أكبر مساجد وسط العاصمة السودانية، والذي يتميز بموقعه عند ملتقى النيلين الأزرق والأبيض، حيث أتت النيران الناجمة عن الاشتباكات على أجزاء منه.
-حياة جديدة
واليوم، وبعد أكثر من عامين من اندلاع الحرب، تم تطهير معظم الشوارع والطرق الرئيسية وسط الخرطوم، بعد أن قامت حكومة ولاية الخرطوم بإزالة مخلفات الحرب والسيارات والمركبات المحروقة، بحسب مراسل وكالة الأناضول.
لكن المباني المدمرة لا تزال على حالتها الأصلية وتنتظر الترميم والصيانة لإعادتها إلى مجدها السابق.
هبطت، اليوم السبت، الطائرة الرئاسية التي تقل رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، لأول مرة على مدرج مطار الخرطوم المغلق منذ 15 أبريل 2023.
وصل رئيس الوزراء كامل إدريس، اليوم الأحد، إلى العاصمة السودانية، في أول زيارة له منذ تعيينه في 30 مايو/أيار الماضي.
وقال إدريس حينها: “الخرطوم ستستعيد تأهيلها الكامل خلال ستة أشهر”.
وتتزامن هذه الزيارات مع مطالبات الحكومة والسكان بالعودة إلى الخرطوم وإعادة بناء المدينة.
وفي هذا السياق، أكد عضو مجلس السيادة رئيس اللجنة العليا لتهيئة البيئة لعودة المواطنين إلى ولاية الخرطوم إبراهيم جابر، خلال الاجتماع الأول للجنة، أن “توفير المياه من أهم الأولويات”.
وأشار إلى أن تهيئة البيئة لعودة المواطنين إلى الخرطوم يتطلب توفير الكهرباء والطاقة من خلال العمل على تشغيل محطات السكة الحديد الرئيسية وإنارة الطرق العامة وتشغيل المرافق الصحية.
تم إنشاء هذه اللجنة بقرار من البرهان بتاريخ 16 يوليو/تموز الماضي.
الإستعدادات للخرطوم
وفي إطار متابعته لأي مؤشرات على الحياة بعد الخرطوم، زار مراسل وكالة الأناضول للأنباء مقر اتحاد الغرف التجارية الأهلية الذي بدأ عمله وبدأ في تقييم الأضرار التي لحقت بالعاصمة السودانية.
وقال رئيس لجنة تقييم الأضرار في الجمعية أسامة عوض إنهم يسعون لاستئناف العمل للقيام بالدور الذي طلبه اتحاد الغرف التجارية.
وأضاف: “سنبدأ العمل ونحاول مساعدة رجال الأعمال وحل المشاكل بين التجار والمستثمرين والحكومة”.
وقال عيسى إن الأضرار التي لحقت ببرج غرفة التجارة والصناعة بالخرطوم “ليست كبيرة” وسيتم إصلاحها خلال فترة قصيرة من الزمن.
حتى تكتمل خطة الحكومة لتجهيز العاصمة الخرطوم سيستمر النازحون واللاجئون في العودة إلى منازلهم بالمدينة.
وبحسب المنظمة الدولية للهجرة فإن عدد العائدين من السودان في يونيو/حزيران الماضي بلغ نحو 26965 شخصاً.