المرصد الأورومتوسطي: مؤسسة غزة الإنسانية تخفي المجاعة ولا تنهيها.. ووفاة أكثر من 60 طفلا بسوء التغذية منذ مارس

أعلن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الجمعة، أن أكثر من 60 طفلاً فلسطينياً لقوا حتفهم بسبب سوء التغذية منذ أن أغلقت إسرائيل المعابر الحدودية أمام المساعدات الإنسانية والإمدادات الطبية في قطاع غزة في أوائل مارس/آذار الماضي.
وهذا بحسب رسم بياني نشره المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، والذي يسرد ثمانية أسباب لاستمرار المجاعة الإسرائيلية في قطاع غزة، على الرغم من وجود ما يسمى “مؤسسة غزة الإنسانية”، المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة.
وخارج إشراف الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الدولية، بدأت تل أبيب في تنفيذ خطة توزيع المساعدات في 27 مايو/أيار الماضي من خلال ما يسمى “مؤسسة الإغاثة الإنسانية في غزة”، وهي منظمة تدعمها إسرائيل والولايات المتحدة ولكن تعارضها الأمم المتحدة.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان في نشرته: “منذ شهر مارس/آذار الماضي، توفي أكثر من 60 طفلاً بسبب سوء التغذية في قطاع غزة، ولا يزال عشرات الآلاف معرضين للخطر”.
وشدد المرصد على أن “مؤسسة غزة الإنسانية لا تعمل على إنهاء المجاعة، بل تغطيها. وتعمل وفق نموذج مصمم خصيصاً للسياسة الإسرائيلية، حيث تحل محل أنظمة توزيع المساعدات المحايدة، وبالتالي تحافظ على الوهم الإعلامي بوجود استجابة للمساعدات”.
منذ الثاني من مارس/آذار، تتجنب إسرائيل تنفيذ المزيد من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الذي وقعته مع حماس، وأغلقت المعابر الحدودية مع قطاع غزة للسماح بوصول شاحنات المساعدات المتراكمة على طول الحدود.
وعن أسباب استمرار المجاعة في قطاع غزة، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن السبب الرئيسي هو التراجع الحاد في فرص الحصول على المساعدات الإنسانية.
وتابع: “قامت إسرائيل بتفكيك شبكة توزيع مساعدات الأمم المتحدة، والتي كانت تشمل أكثر من 400 نقطة، واستبدلتها بأربع نقاط مسيجة تديرها مؤسسة غزة الإنسانية، وكلها تقع في مناطق عسكرية تحت السيطرة الإسرائيلية المباشرة”.
أما السبب الثاني، فهو “الحصار الإسرائيلي الذي شكّل عائقًا كبيرًا أمام استيراد المساعدات الإنسانية”، وفقًا للمرصد. وأشار إلى أن إسرائيل فرضت قيودًا صارمة على التجارة واستيراد المساعدات الإنسانية منذ مارس/آذار 2025، مما أدى إلى انهيار الأسواق وارتفاع الأسعار.
وفيما يتعلق بالسبب الثالث، ذكر المرصد: “تحولت نقاط توزيع المساعدات إلى مصائد موت. قُتل أو جُرح آلاف الفلسطينيين أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات… بينما تتعرض الحشود عند نقاط التوزيع، المحصورة عند بوابة واحدة، للذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع وظروف فوضوية”.
وفي مناقشته للسبب الرابع، قال مرصد حقوق الإنسان إن هذا النظام “يستبعد أيضًا العديد من الفئات السكانية، حيث تؤثر المسافات الطويلة والطرق الخطرة والظروف القاسية بشكل كبير على كبار السن وذوي الإعاقة والأسر التي تضم عددًا قليلًا من الأعضاء الأصحاء”.
وأضاف “بالنسبة للعديد من الأشخاص، فإن الوصول إلى المساعدة أمر مستحيل جسديًا”.
وفيما يتعلق بالسبب الخامس، أكد المرصد أن الكميات التي وزعتها منظمة غزة الإنسانية كانت أقل بكثير من “المعايير الإنسانية الدنيا”، وأن السلع الأساسية مثل أغذية الأطفال والمياه النظيفة والأدوية ظلت غير متوفرة.
وأشار إلى أن المنظمة “توزع نحو 9 آلاف طن من المساعدات شهرياً، وهو ما لا يكفي لدعم أكثر من 2.1 مليون شخص في قطاع غزة”. وحدد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان السبب السادس للمجاعة المستمرة وهو “التواطؤ في الإبادة الجماعية وحقيقة أن المؤسسات الإنسانية في غزة اضطرت إلى الاختيار بين الجوع وخطر الموت عند تلقي المساعدات”.
وأضاف: “إن هذه الآلية تساهم في تمكين ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي، بما في ذلك القتل والتهجير القسري والتسبب في أضرار جسدية ونفسية خطيرة والاختفاء القسري وتكريس نظام يقوم على التدمير المنهجي”.
وفيما يتعلق بالسببين الأخيرين، أشار المرصد إلى أنهما هما تفاقم المجاعة، حيث عانى ما يقرب من نصف مليون فلسطيني من مستويات كارثية من الجوع، والفشل في معالجة الأسباب الجذرية للجوع، والتي تشمل استمرار الحصار واستعادة النظام الإنساني المحايد بقيادة الأمم المتحدة. أعلنت وزارة الصحة في غزة، الجمعة، عن استشهاد تسعة فلسطينيين، بينهم طفلان، خلال 24 ساعة بسبب سياسة التجويع الإسرائيلية. وبهذا، يرتفع عدد ضحايا الجوع وسوء التغذية إلى 22 منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينهم 83 طفلاً، وفقاً لما صرح به مدير عام الوزارة، منير البرش، لوكالة الأناضول.
منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تواصل إسرائيل، بدعم أمريكي، حربها الإبادة الجماعية في قطاع غزة. قُتل وجُرح أكثر من 203 آلاف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، وفُقد أكثر من 9 آلاف. كما شُرّد مئات الآلاف، وأودت المجاعة بحياة الكثيرين.