خبراء: دعوة عباس لانتخابات المجلس الوطني تعزز الانقسام (تقرير)
** مدير مركز القدس للدراسات أحمد رفيق عواد:
وتهدف الانتخابات إلى كسب الثقة من خلال تلبية المطالب الإقليمية والدولية بإصلاح أجهزة منظمة التحرير الفلسطينية. إذا جرت الانتخابات في ظل الظروف الحالية، فإن التوترات الداخلية ستستمر ولن يتم اتخاذ أي خطوات لحل الانقسام.
** مدير مركز يبوس للدراسات سليمان بشارات:
يجب العمل على تقوية الجبهة الداخلية وإيجاد آلية لمواجهة المخططات الإسرائيلية. ويلي ذلك إجراء انتخابات شاملة للمجلس التشريعي، والرئاسة، والجمعية الوطنية، وغيرها من الهيئات. إن الخطوات التي تعتبر إصلاحية وتأتي نتيجة للضغط على السلطات، لن تحظى بالرضا الكامل من المجتمع الدولي والإقليمي والقوة المحتلة بسبب الوضع الهش الذي يعيشه الفلسطينيون.
** مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية هاني المصري:
لا يُطبّق المرسوم الانتخابي خلال المدة المحددة. وقد يكون المقصود منه تعيين أعضاء المجلس الوطني، وليس انتخابهم، وإقصاء مجموعات سياسية مهمة. ويأتي هذا المرسوم في إطار المناورة السياسية، ويهدف إلى تذكير الناس بوجود منظمة التحرير الفلسطينية وضرورة ضمها إلى اتفاقيات ما بعد حرب غزة بعد أن تم تهميشها من قبل القوى الإقليمية والدولية.
حذر خبراء فلسطينيون من أن قرار الرئيس محمود عباس بإجراء انتخابات جديدة للمجلس الوطني قبل نهاية عام 2025 من شأنه أن يعمق الانقسامات الداخلية. وقال خبراء لوكالة الأناضول إن القرار ينسجم مع الدعوات الدولية والإقليمية لإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية والنظام السياسي الفلسطيني. وفي 19 يوليو/تموز، قرر عباس إجراء انتخابات المجلس الوطني قبل نهاية عام 2025. وستكون هذه الانتخابات الأولى منذ مؤتمره الأول في القدس المحتلة عام 1964. وجاء في نص القرار: “قررت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية (برئاسة عباس) (…) إجراء انتخابات لمجلس وطني جديد (برلمان منظمة التحرير الفلسطينية) قبل نهاية عام 2025”. وينص القرار على أن “شروط العضوية تشمل التزام العضو ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية والتزاماتها الدولية وقرارات الشرعية الدولية”. وينص القرار على أن المجلس الوطني سيتألف من 350 عضوا، ثلثاهم يمثلون البلاد والثلث الآخر من المغتربين. ومن بين المطالب المتكررة لحماس والجهاد الإسلامي، قطع الصلة بين عضوية المجلس الوطني الفلسطيني والاعتراف بإسرائيل، وهي العقبة التي منعتهما حتى الآن من الانضمام إلى المجلس. وأصدرت حركة حماس، الأربعاء، بيانا رفضت فيه نية عباس إعادة تشكيل المجلس الوطني “بشكل أحادي الجانب، ودون توافق وطني، وفي مخالفة للاتفاقيات الوطنية الموقعة بين الفصائل الفلسطينية المختلفة”. واعتبر قراره “تجاهلاً صارخاً” لجميع الاتفاقيات، “التي أكدت جميعها على ضرورة إعادة بناء وتنشيط منظمة التحرير الفلسطينية على أساس ديمقراطي وتشاركي، بمشاركة كاملة من جميع القوى والفصائل الفلسطينية، لضمان التمثيل الحقيقي لشعبنا في الداخل والخارج”. وحذرت الحركة من أن “استمرار القيادة في اتخاذ قرارات كارثية دون توافق يكرس الانقسام ويضعف الموقف الوطني الفلسطيني في النضال ضد الاحتلال ويقوض جهود استعادة الوحدة الوطنية”. منذ صيف عام 2007، اتسمت الساحة الفلسطينية بالانقسامات السياسية والجغرافية: تسيطر حماس على قطاع غزة، في حين تدير الضفة الغربية حكومة شكلتها حركة فتح بقيادة عباس.
** المتطلبات..ولكن
ويقول مدير مركز القدس للدراسات في جامعة القدس أحمد رفيق عوض إن قرار عباس يأتي نتيجة للمطالبات الإقليمية والدولية بتطوير وإصلاح وإعادة هيكلة مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية. وأضاف: “الانتخابات تجرى لكسب الثقة والخروج من السياق المتعدد المستويات”. وأضاف: “لكن السؤال الأهم هو كيف يمكن للحركات والفصائل الفلسطينية دخول المجلس إذا لم تعتبر البرنامج السياسي للسلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية مرجعيتها؟”. وأجاب: “إن التوترات الداخلية ستستمر إذا أجريت الانتخابات في ظل هذه الظروف التي تقول إن كل من يريد المشاركة يجب أن يخضع لرؤية منظمة التحرير الفلسطينية ويؤمن بها ويتبعها”. وتابع عواد: “في هذه الحالة فإن هذه الانتخابات التي كانت مطلبا لكل الفلسطينيين لن تمثل خطوة نحو حل الانقسام الفلسطيني”. وفيما يتعلق بالقبول الإسرائيلي والدولي للسلطة الفلسطينية، قال: “الموضوع يتعلق بنتائج الحرب في قطاع غزة والأحداث المحتملة هناك، والوضع السياسي في إسرائيل ومعاملتها للسلطة، والرؤية الأميركية للسلطة ودورها”. وأضاف: “الوضع غير مؤكد وليس هناك أي ضمانات تؤدي إلى الاعتراف بالسلطة أو منظمة التحرير الفلسطينية أو التعامل معهما”. منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية على غزة، تتضمن القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة كل النداءات والأوامر الدولية من محكمة العدل الدولية لإنهاء هذه الحرب. خلّفت الإبادة الجماعية المدعومة من الولايات المتحدة أكثر من 202 ألف قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، وأكثر من 9 آلاف مفقود. وشُرّد مئات الآلاف، وأودت المجاعة بحياة الكثيرين، بمن فيهم عشرات الأطفال. وأكد عواد: “إسرائيل تريد تدمير حل الدولتين وتهجير سكان قطاع غزة”. في ضوء ذلك، هل ستسمح إسرائيل للسلطة الفلسطينية بلعب دور فعّال؟ وهل هناك مواقف عربية أو أوروبية قد تُلزم إسرائيل بالتعاون مع السلطة الفلسطينية؟ تساءل. وفي إطار جهود إسرائيل لمنع أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية، وافقت الكنيست، الأربعاء، على اقتراح “ضم” الضفة الغربية المحتلة.
** تقوية الجبهة الداخلية أولاً
وقال مدير مركز يبوس للدراسات، سليمان بشارات، لوكالة الأناضول: “إجراء الانتخابات الوطنية كان دائما مطلبا وطنيا لتفعيل مؤسسات وهياكل المنظمة”.وأضاف: “لكن توقيت هذا المطلب يتعارض مع الإبادة الجماعية والحرب في غزة، ويأتي في وقت تخطط فيه إسرائيل لضم الضفة الغربية”.ورأى أنه “قد يكون من الأنسب العمل على تعزيز الجبهة الداخلية الفلسطينية وإيجاد آلية لمواجهة المخططات الإسرائيلية قبل انتخابات المجلس الوطني”.وتابع: “حينها سنجدد الشرعية والهيئات بشكل كامل، وليس بشكل انتقائي. وهذا يعني انتخابات شاملة للمؤسسات والمستويات، بما في ذلك المجلس التشريعي، والرئاسة، والجمعية الوطنية، وغيرها”.قال بشارات: “إن الدعوة للانتخابات في هذا الوقت وبهذه الطريقة لم تأتِ من إجماع فلسطيني، بل من طرف واحد، وتحديدًا من طرف واحد. قد يكون هناك بعض التشكيك في الأهداف والنوايا إذا ما طُبّقت”.وأشار إلى الوضع الراهن في ظل “حالة الإبادة الجماعية وتداعياتها والاستقطاب السياسي والتأثير السياسي الخارجي على النظام السياسي الفلسطيني”.وأعرب عن قناعته بأنه في ظل هذا الوضع “لن تخضع أي انتخابات أو مجلس وطني مقبل للإجماع الفلسطيني، وستكون هناك شكوك كثيرة حول دوره وأهدافه وبرنامجه”.واتفق بشارات مع عواد، قائلاً إن هذه الانتخابات “ستعمق الانقسامات وتعزز مفهوم الفردية في النظام السياسي لأن هذه الانتخابات ستنظر إليها على أنها استجابة لمطالب إقليمية وعربية”.ورأى أن هذه المطالب تهدف إلى “فرض شكل جديد من النظام السياسي، والسيطرة على الحركات والأفراد ذوي التوجهات والتداخلات مع أطراف عربية وإقليمية. وهذا لن يعكس الإرادة الحقيقية لمكونات القضية الفلسطينية”.ورأى أن “أية خطوات إصلاحية مزعومة تأتي نتيجة للضغوط على السلطة لن تحظى بالرضا الكامل من المجتمع الدولي والإقليمي وحتى القوة المحتلة، في ظل الطبيعة الهشة للوضع الفلسطيني الحالي”.وأضاف أنه “أمام هذا الضعف فإن إسرائيل والولايات المتحدة لديهما طموحات كبيرة وسوف يطالبان (السلطة الفلسطينية) بتنازلات وهو ما سيجبر الفلسطينيين على تقديم سلسلة من التنازلات والتخلي عن مبادئهم”.ورأى أن “هذه الانتخابات يمكن أن تكون مقدمة لتعزيز مكانة الأفراد داخل منظمة التحرير الفلسطينية، ومن ثم يمكن المضي قدماً في تغيير خصائص وشكل الانتقال الرئاسي بحيث يعتمد على التعيينات وليس الانتخابات”.
** “غير قابل للتطبيق”
“رحلة إلى الأمام”، هكذا وصف هاني المصري، مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية (مسارات)، قرار الانتخابات. وفي مقابلة مع وكالة أنباء الأناضول، قال إن هذا “غير ممكن ضمن الإطار الزمني المحدد. والعذر المقدم هو استحالة إجراء الانتخابات بسبب حالة الطوارئ الحالية والعقبات التي وضعها الاحتلال”. وأضاف: “ربما كان القرار يهدف إلى تعيين أعضاء المجلس الوطني وليس انتخابهم واستبعاد فصائل مهمة”. ورأى أن ذلك “يتجلى في المطالبة بالالتزام ببرنامج والتزامات المنظمة، وهو ما لا تلتزم به دولة الاحتلال، بل تخوض حرباً مريرة تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية بكل مكوناتها”. لقد احتلت إسرائيل فلسطين لعقود من الزمن وترفض الانسحاب أو إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على أساس حدود ما قبل عام 1967. وتابع المصري: “هناك احتمال ضئيل للغاية أن يؤدي المرسوم إلى تحريك المياه الراكدة في قضية الوحدة الفلسطينية”. وختم المصري قائلاً: “قد لا يكون المرسوم جدياً، بل هو جزء من مناورة سياسية لكسب الوقت، وتشتيت انتباه الفلسطينيين وهمومهم، والتذكير بوجود منظمة التحرير الفلسطينية وضرورة ضمها إلى اتفاقيات ما بعد حرب غزة، خاصة بعد استمرار تهميشها من قبل القوى الإقليمية والدولية”. في دورته الثانية والثلاثين في أبريل/نيسان الماضي، قرر المجلس المركزي الفلسطيني، وهو هيئة دائمة للمجلس الوطني، استحداث وتعيين منصبي نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ونائب رئيس دولة فلسطين. وتولى حسين الشيخ هذا المنصب آنذاك. وتأتي التغييرات في قمة القيادة الفلسطينية على خلفية دعوات عربية وإقليمية ودولية للإصلاح السياسي داخل السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية.