المفتي: الذكاء الاصطناعي امتداد للعقل الإنساني.. ويجب ضبط استخدامه بميثاق أخلاقي عالمي

منذ 5 ساعات
المفتي: الذكاء الاصطناعي امتداد للعقل الإنساني.. ويجب ضبط استخدامه بميثاق أخلاقي عالمي

• عياد: الذكاء الاصطناعي لا يستطيع إصدار الفتاوى بشكل مستقل لأنه يفتقر إلى القدرة على فهم الفقه ومعنى المقاصد.

أكد فضيلة الدكتور نذير محمد عياد، مفتي الديار المصرية ورئيس الأمانة العامة لهيئات ومؤسسات الإفتاء في العالم، أن الذكاء الاصطناعي ليس كيانًا مستقلًا، بل هو امتداد للعقل البشري، ومن الطبيعي أن يُسخّر هذا الإنجاز العلمي لخدمة البشرية ضمن إطار من القيم والضوابط.

جاء ذلك خلال كلمته في المؤتمر الخامس لكلية الفلسفة بجامعة المنصورة بعنوان: “الذكاء الاصطناعي: أسسه المنطقية وأبعاده المستقبلية”.

وأضاف سماحة المفتي أن الله تعالى خلق الإنسان ووهبه العقل، ومن هذه القدرة الفريدة نشأت العلوم، وتطورت الصناعات والفنون، وتقدمت البشرية على درب التقدم حتى وصلنا إلى عصر تحاكي فيه التكنولوجيا الإدراك البشري، وتحلل، وتتخذ قرارات معقدة.

أوضح المفتي أن الإسلام قد رفع من قيمة العقل وجعله أساس المسؤولية والشرف. وأضاف أن الشريعة الإسلامية لا تتعارض مع الفطرة السليمة، بل تُنيرها وتُرشدها. وأشار إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تعتمد على المنطق الرياضي، والتعلم الإحصائي، ونمذجة المعرفة، وهي أدوات تُجسّد العقل البشري في أدق صوره، وتُنتج أنظمة قادرة على التعلم والفهم والتحليل والتشخيص.

أكد أن مناقشة الذكاء الاصطناعي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بنظرة إلى المستقبل من منظورين. أولًا، ثمة أمل في رفاهية البشرية والتحسينات التي يمكن أن تُحدثها هذه التقنيات. ثانيًا، ينبغي توخي الحذر إزاء التهديدات والتحديات التي يُشكلها. فرغم مزاياه، يُشكل الذكاء الاصطناعي مخاطر أخلاقية ومعرفية جسيمة، إذ تُصبح قرارات الآلة في مختلف المجالات مرآةً للانحرافات البشرية.

وأكد المفتي أن هذه التهديدات تزداد خطورة عند استخدام الذكاء الاصطناعي في الاغتيالات، كما حدث في العدوان على قطاع غزة، حيث تم استخدام التقنية لتحليل الصور والتنبؤ بالتحركات واستهداف المناطق السكنية، ما أدى إلى سقوط آلاف الضحايا.

وتابع: “هذا يُبرز الحاجة إلى ميثاق أخلاقي وإنساني عالمي يُنظّم استخدام الذكاء الاصطناعي، لا من منظور السوق والربح، بل من منظور العدالة والرحمة وحفظ كرامة الإنسان. والإسلام يتبنى نهجًا وسطًا في التعامل مع هذه التقنيات، مُوازنًا بين تقدير العقل وتنظيمه بالوحي. فالذكاء الاصطناعي لا يُحكم عليه بمزاياه، بل بعواقب استخدامه، خيرًا كان أم شرًا”.

دعا فضيلة المفتي إلى صياغة ميثاق أخلاقي عالمي، يرتكز على القيم الإنسانية ومقاصد الشريعة الإسلامية، وتعزيز برامج حماية الأجيال القادمة من الانبهار الأعمى بهذه التقنية، وذلك من خلال التثقيف الديني والتربوي الذي يُعلّمهم أن التقنية وسيلة وليست غاية. كما أكد فضيلته على ضرورة الموازنة بين العقل والشرع، مُشيرًا إلى أن دار الإفتاء المصرية، ممثلةً بالأمانة العامة، تُعالج واقع الذكاء الاصطناعي بوعي علمي سليم ومسؤولية إسلامية. وأشار إلى أن دار الإفتاء ستعقد مؤتمرها الدولي العاشر بعنوان “ظهور المفتي الحكيم في عصر الذكاء الاصطناعي” يومي 12 و13 أغسطس/آب 2025، برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وذلك لترسيخ دور المفتي المعاصر في التعامل مع النصوص والحقائق المُتغيرة.

وأشار المفتي إلى أن هذا المؤتمر يأتي في وقته المناسب لوضع حد لمن أراد التقليل من شأن سائر العلوم الفلسفية والمنطقية، والتأكيد على العلاقة بين العلوم الفلسفية وسائر العلوم الإنسانية والتجريبية.

كما أوصى بأن تتضمن نتائج وتوصيات المؤتمر ضرورة الإبقاء على تدريس المواد الفلسفية والمنطقية أداءً للواجب وتقديراً للفضل.

وفي الختام، أكد سماحة المفتي أن الذكاء الاصطناعي لا يستطيع إصدار الفتاوى بشكل مستقل، لافتقاره إلى القدرة على الفقه والعقل الموضوعي. وحثّ الشباب على التمييز بين أدوات المعرفة وأدوات الفتوى، إذ قد تُنتج برامج الذكاء الاصطناعي فتاوى باطلة، ما يؤدي إلى فوضى فكرية. وأشار إلى أن دار الإفتاء ترحب بالأفكار الإبداعية لتطوير خطاب فتوى يواكب التغيرات الاجتماعية.

وحضر المؤتمر عدد كبير من القيادات الأكاديمية وأعضاء هيئة التدريس بجامعة المنصورة، ومن بينهم الأستاذ الدكتور شريف خاطر رئيس جامعة المنصورة، والأستاذ الدكتور محمود الجعيدي عميد كلية الآداب، والأستاذ الدكتور مسعود سلامة وكيل الكلية للدراسات العليا والبحوث.


شارك