شهيد لقمة العيش.. “كرم” حكاية طفل ودّع الحياة تحت عجلات قطار بالشرقية

في مشهد حزين مهيب، يلفه الصمت والدموع، ودعت قرية مشتول القاضي التابعة لمركز الزقازيق بمحافظة الشرقية، طفلها “كرم م”، صاحب العشر سنوات، الذي سقط تحت عجلات القطار، واستشهد في صراع البقاء.
لم يعرف كرم معنى الطفولة. منذ صغره، تحمل أعباء حياة قاسية، فتحول من طفل بريء إلى شاب يكافح لإعالة نفسه وأخيه وجدته.
كرم يتيم. تركته أمه قبل سنوات لتتزوج. يعيش هو وشقيقه الأكبر، طالب المرحلة الثانوية، مع جدتهما المسنة ذات الدخل المحدود.
لم يكن أمام جدتها خيار سوى إجبارها على العمل لتغطية نفقات معيشتها ودراستها الجامعية. لم يكتفِ كرم ببيع الحلويات في شوارع قريته الهادئة، بل جاب أيضًا المحافظات، حاملًا علبته الصغيرة، يركض خلف القطارات، متهربًا من مفتشي التذاكر، باحثًا عن قوت يومه. كان حلمه الوحيد إعالة نفسه وأخيه، وإعالة جدته التي أصبحت مسؤوليته.
في صباح حزين، أثناء محاولته اللحاق بالقطار، انزلق كرم وسقط تحت عجلات القطار، وانتهت حياته البريئة في لحظة.
لم يكن الحادث مأساة فردية فحسب، بل كارثة هزت القرية الصغيرة من جذورها. حضرت القرية بأكملها جنازته وبكت على طفل حُرم من الفرح والطفولة.
يصف أحد جيرانه كرم بكلمات مؤثرة: “كان كرم الطفل الأكثر حنانًا في العالم. لم يلعب قط كغيره من الأطفال. كان دائمًا قلقًا ويعمل لمساعدة أخيه وجدته. كان كرجل ضخم في جسد صغير”.