الدفاع السورية تنشر قواتها في السويداء.. فماذا يحدث؟

أعلنت وزارة الدفاع السورية، الاثنين، نشر قواتها في محافظة السويداء جنوب البلاد، عقب اشتباكات دامية بين مقاتلين دروز وأبناء عشائر بدوية، أسفرت عن مقتل 40 شخصاً، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وتسلط هذه الاشتباكات الدموية الضوء على التحديات الأمنية التي تواجهها الحكومة السورية المؤقتة منذ توليها السلطة عقب الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2014.
وبحسب المرصد ومنصة السويداء 24 المحلية، لا تزال الاشتباكات مستمرة في بعض قرى غرب محافظة السويداء.
سجّل المرصد السوري لحقوق الإنسان 40 قتيلاً جراء اشتباكات مسلحة وقصف مدفعي في مدينة السويداء وريفها. ومن بين القتلى 27 درزيًا، بينهم طفلان، و10 بدو، وثلاثة مجهولي الهوية، ونحو 50 جريحًا.
هذه الاشتباكات هي الأولى منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين مسؤولين حكوميين سوريين ووجهاء دروز. وتأتي في أعقاب اشتباكات عنيفة بين الدروز وقوات الأمن في أبريل/نيسان ومايو/أيار، أسفرت عن مقتل العشرات.
فما الذي حدث في محافظة السويداء ليعود الصراع هناك مجدداً؟
قال نائب قائد قوى الأمن الداخلي لشؤون الشرطة في السويداء العميد نزار الحريري إن تجدد الاشتباكات المسلحة في محافظة السويداء يعود إلى “حادثة سرقة وقعت مؤخراً على طريق دمشق السويداء لمواطن يعمل في القطاع التجاري وردود الفعل المتوترة التي تلتها وصولاً إلى عمليات خطف متبادلة”.
في هذه الأثناء، قالت وزارة الداخلية السورية إن أحداث السويداء ناجمة عن غياب المؤسسات الرسمية للدولة في المنطقة، ما أدى إلى تصاعد الفوضى وتدهور الوضع الأمني وعجز السكان المحليين عن احتواء الأزمة، بحسب بيان لها.
اندلعت اشتباكات عنيفة صباح الأحد في حي المقوس شرقي السويداء، حيث تقطن عائلات بدوية، بعد محاولة مسلحين دروز تحرير نحو عشرة أشخاص كانوا محتجزين لدى البدو. وجاء الهجوم ردًا على اعتقال مسلحين دروزًا لبدو عقب هجوم على سائق شاحنة درزي في ريف دمشق.
ويعيش أكبر مجتمع درزي في سوريا، ويقدر عدده بنحو 700 ألف نسمة، في محافظة السويداء.
وفي أعقاب سقوط نظام الأسد، أدت الهجمات الأخيرة على المجتمعات الدرزية من قبل جماعات إسلامية مسلحة مرتبطة بشكل غير مباشر بالحكومة في دمشق إلى زيادة عدم ثقتهم بالحكومة الجديدة.
“ليلة رعب في جرمانا”: تسجيل صوتي مزيف يشعل التوتر الطائفي والحكومة تتدخل لاحتواء التصعيد.
على الرغم من أن الحكومة السورية ومشايخ السويداء توصلوا إلى اتفاق لتفعيل قوات الشرطة في محافظة السويداء وحماية طريق دمشق-السويداء الذي يعد شريان حياة لسكان المحافظة.
إلا أن الاعتداءات على هذا الطريق استمرت، بحسب منصة السويداء 24، ما أدى إلى تفاقم التوترات الاجتماعية في محافظة السويداء.
أفادت قناة السويداء 24 الإخبارية، الأحد، بتعرض حاجز لشرطة محافظة السويداء، التابعة لقيادة الأمن الداخلي، لهجوم من قبل مجموعة مسلحة قادمة من منطقة البراق على طريق دمشق. واندلعت على إثر ذلك اشتباكات بين الشرطة والمسلحين.
وبحسب المنصة، هاجم المسلحون أيضاً قرية الصورة الكبيرة شمال محافظة السويداء بقذائف الهاون.
منذ صباح الأحد، قامت مجموعات مسلحة بقطع طريق دمشق-السويداء في مناطق متفرقة من ريف دمشق، بما في ذلك منطقة البراق، وأوقفت الحواجز الأمنية حركة المرور على الطريق.
وامتدت التوترات في منطقة المقوس إلى بعض المناطق غرب وشمال السويداء.
وتعرضت محيط قرية الطيرة في ريف السويداء الغربي لهجوم من قبل مجموعات مسلحة من جهة الغرب، كما اندلعت اشتباكات في قرية لبين بعد تعرضها لهجوم من الغرب.
شمال المحافظة، شهدت قرية الصورة هجومًا على حاجز لشرطة السويداء التابعة لقوى الأمن الداخلي. وحسب السويداء 24، تعرضت القرية لقصف بقذائف الهاون من قبل مجموعات مسلحة متمركزة في منطقة البراق.
دعوة للهدوء
وأعلنت وزارة الداخلية السورية أن وحدات من قواتها المسلحة، وبالتنسيق مع وزارة الدفاع، ستتدخل بشكل مباشر في المنطقة لحل النزاع وإنهاء الاشتباكات وضمان الأمن وتقديم المسؤولين عن الأحداث للعدالة.
ونقلت وكالة فرانس برس عن مصدر رسمي قوله إن قوات وزارة الداخلية توجهت إلى السويداء “لإنهاء المعارك”.
وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أنه استجابة للتطورات الأمنية الأخيرة، انتشرت قوى الأمن الداخلي على طول الحدود الإدارية بين محافظتي درعا والسويداء.
من جانبها أعلنت وزارة التربية “تأجيل امتحان الشهادة الثانوية العامة الفرعين العلمي والفني، والذي كان مقرراً يوم الاثنين فقط في محافظة السويداء، إلى موعد يحدد لاحقاً”.
كشف تحقيق أجرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أن شبكات أجنبية تعمل على تأجيج الطائفية وخطاب الكراهية في سوريا.
في غضون ذلك، دعا محافظ السويداء، مصطفى البكور، إلى “ضرورة ضبط النفس والرد بالعقل والحوار”. ونوّه بجهود أبناء المنطقة والعشائر لاحتواء التوترات، مؤكدًا أن “الدولة لن تتهاون في حماية مواطنيها”.
ودعا بيان منسوب لأهالي حي المقوس في مدينة السويداء على مواقع التواصل الاجتماعي إلى “التهدئة ووقف نزيف الدم في محافظة السويداء”.
ودعا البيان إلى “وقف فوري لإطلاق النار وإنهاء الاشتباكات في حي المقوس ومحيطه وإطلاق سراح جميع المختطفين لدى الطرفين وبدء الحوار والتواصل بين جميع الأطراف برعاية حكماء ووجهاء المحافظة وتغليب المصلحة العامة والحفاظ على السلم الداخلي على كل الاعتبارات الطائفية أو الشخصية”.
في هذه الأثناء، دعا الزعماء الروحيون الدروز إلى “الهدوء” وحثوا الحكومة في دمشق على التدخل.