سنترال رمسيس ومجمع التحرير.. أبطال في سرديات وحيد حامد السينمائية

هناك أعمال درامية لا يقتصر أبطالها على الأفراد فحسب، بل تتداخل فيها عناصر أخرى مع الحبكة. ويؤدي غيابهم إلى خلل كبير في البنية السردية للعمل الفني. ومن أبرز الأمثلة على ذلك مجمع التحرير ومركز رمسيس في فيلمي “الإرهاب والكباب” و”اللعب مع الكبار”، من تأليف وحيد حامد وإخراج شريف عرفة.
يُعدّ كلٌّ من مجمع التحرير ورمسيس سنترال من معالم وسط مدينة القاهرة، إذ يربطهما المواطنون بالأداء الحكومي وموظفيه. لذا، وضعهما الكاتب وحيد حامد في سياق درامي يتناغم مع المظهر البصري لكلٍّ منهما، محولاً إياهما إلى أبطالٍ لا يُصدق، لولاهم لما استمرّ التاريخ.
يكتب علي أبو شادي في كتابه “سحر السينما”: “في الأفلام الجيدة، لا تُعدّ مواقع التصوير مجرد خلفيات للحبكة، بل امتدادًا للموضوع والشخصيات. فهي تنقل المعلومات كغيرها من العناصر، وتُلمّح إلى أفكار رمزية، وقد تكون واقعية أو تعبيرية، حسب متطلبات العمل الفني”. اختار وحيد حامد مواقع التصوير الواقعية في كلا فيلميه كجزء مُكمّل وأساسي من أحداث الفيلم.
رمسيس سنترال
إنه المكان المجهول في بداية الفيلم والمألوف في نهايته. فيه تسكن أحلام البطل وصديقه، وهما ينطلقان لكشف الفساد في قطاعات مختلفة. ورغم أن المقر لا يظهر إلا في المشاهد الأخيرة من “اللعب مع الكبار”، إلا أنه حاضر في معظم أحداث الفيلم كمكان غامض يتساءل عنه الجميع، ولا يعرف حقيقته إلا حسن بهلول (عادل إمام) وعلي الزهار (محمود الجندي).
ولأنها جزء لا يتجزأ من الفيلم، كان لا بد من ظهورها في أهم مشهد، حيث تنكشف الحقيقة وينكشف مصدر الأحلام الغامضة. يتضمن المشهد صرخة البطل “سأحلم”، وهي الصرخة الأخيرة التي يواجه بها كل المجهولين والفاسدين.
وفقًا لموسوعة “القاهرة في ألف عام”، افتُتح سنترال العتبة الآلي عام ١٩٢٦ بتركيب وحدة B-Stroke. في العام التالي (١٩٢٧)، بُني سنترال القاهرة، المعروف باسم سنترال رمسيس، بنظام بطاريات مشترك وسعة ٦٠٠٠ خط. شُيّد المبنى في شارع الملكة نازلي (شارع رمسيس حاليًا)، وبلغ عدد الخطوط ٣٠٠٠ خط آنذاك. في ٢٥ مايو ١٩٢٧، افتُتح “بيت الهاتف الجديد”، الذي عُرف لاحقًا باسم سنترال رمسيس، في الموقع نفسه.
مجمع التحرير
في فيلم “الإرهاب والكباب”، لعب مجمع التحرير دورًا محوريًا، إذ صُوِّرت 90% من مشاهده فيه. في هذا المجمع الحكومي الضخم، تُصبح حياة المواطنين لعنةً في دوامة البيروقراطية والتعنت والإهمال. تتجلى هذه الأهمية من المشاهد الأولى للبطل في المجمع، حين تُركز الكاميرا عليه وهو يتجول في دوائر وسط حشد كبير من المواطنين، باحثًا عن المسؤول.
يشكل مجمع التحرير مكاناً لا غنى عنه في الرواية الدرامية لـ”الإرهاب والكباب” لأن الحبكة المركزية لشخصية البطل ترتكز في المقام الأول على معاناة أحد المواطنين داخل البيروقراطية الحكومية، وتتجسد هذه المعاناة في أكثر الأماكن ازدحاماً بالموظفين في تلك الحقبة.