سؤال برلماني لوزير الاتصالات بشأن حريق سنترال رمسيس: خلل بالغ في البنية القومية سبب أضرارا جسيمة
وجهت الدكتورة مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب عن الحزب الديمقراطي المصري، سؤالاً إلى رئيس الوزراء ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. يتعلق السؤال بتداعيات حريق مبنى رمسيس المركزي. فقد كشف عن خلل خطير في البنية التحتية الوطنية للاتصالات، وتقصير واضح في حماية البنية التحتية الرقمية للبلاد. وقد ألحق هذا الخلل أضراراً جسيمة ليس فقط بقطاع الاتصالات، بل أيضاً بالاقتصاد الوطني ومختلف المؤسسات الحكومية الرئيسية. في بداية السؤال، ذكر عبد الناصر أننا تابعنا جميعًا بأسفٍ الحريق الكبير الذي اندلع في مبنى رمسيس سنترال خلال الساعات الأخيرة. أدى هذا الحريق المفاجئ إلى انقطاع واسع النطاق لخدمات الإنترنت، بالإضافة إلى اتصالات الهاتف الثابت والمحمول، في أجزاء كبيرة من البلاد. كما عطّل بوابات الاتصال الدولية بالشبكة العالمية، وأثر بشكل مباشر على أداء البنوك وشبكات الدفع الإلكتروني. أدى ذلك إلى توقف المعاملات المالية، واستحالة إجراء التحويلات المصرفية، وتعليق بعض منصات العمل عن بُعد. كما امتد التأثير إلى الأنظمة الحكومية المرتبطة بالبنية التحتية الرقمية. ولعل من أخطر آثار هذا الاضطراب إلغاء جلسة التداول في البورصة المصرية بالكامل يوم الثلاثاء، وهو إجراء خطير يعكس مدى التأثير المدمر على القطاع المالي.
وتابعت: “تتداول معلومات عن تعطل العديد من الرحلات الجوية، إما بسبب انقطاع الإنترنت أو لتعذر الاتصال بأنظمة الحجز المركزية. وهذا يُشير إلى محدودية قدرة الدولة على تقديم خدماتها الحيوية في مواجهة حالة طوارئ رقمية”.أشار عبد الناصر إلى أن هذا الحريق كشف بوضوح عن خلل هيكلي في منظومة الاتصالات المصرية، إذ كشف أن معظم الخدمات الرقمية وخدمات الاتصالات تتم عبر مركز مركزي واحد، هو سنترال رمسيس. هذه هي النقطة المركزية التي تتحكم في تدفق البيانات والمكالمات، والخدمات المصرفية، وإشارات التحويلات المالية، وأنظمة الطوارئ.كما أكدت أن الاعتماد على مركز واحد يُعدّ عيبًا كارثيًا في تكنولوجيا الشبكات الحديثة، إذ يؤدي أي عطل عند هذه النقطة تلقائيًا إلى انهيار شبه كامل للنظام المرتبط به. ووفقًا لأبسط مبادئ أمن الشبكات، يجب توفير بنية احتياطية نشطة، تُسمى مراكز التعافي من الكوارث. وهي مراكز رقمية بديلة موزعة جغرافيًا تعمل تلقائيًا ودون تدخل بشري في حال حدوث عطل في المركز الرئيسي، مما يضمن استمرارية تدفق الخدمة دون انقطاع.وأكدت أن الأحداث كشفت إما عن غياب هذه المراكز، أو تعطلها، أو عدم جاهزيتها الفنية. وهذا يتطلب دراسة مستفيضة لخطط الوزارة لضمان جاهزيتها التكنولوجية في حالات الطوارئ. كما تطرح الأحداث تلقائيًا تساؤلًا حول سبب استمرار هذا المركز الضخم في العمل بموقعه الحالي في منطقة مكتظة بالسكان ومزدحمة، رغم البنية التحتية المتطورة والآمنة والحديثة في العاصمة الإدارية الجديدة والمناطق التكنولوجية، حيث تتوفر في هذه المناطق إمدادات طاقة مستقرة، وأنظمة إطفاء حرائق حديثة، ومرافق مجهزة وفقًا للمعايير الدولية لبناء مراكز بيانات محصنة وآمنة.وأشار النائب إلى أن هذا الاعتماد الكامل على منصة واحدة لخدمات الاتصالات الرقمية في مصر لا يعرض كفاءة تشغيل الخدمات للخطر فحسب، بل يعرض الأمن السيبراني للبلاد بأكملها للخطر، خاصة في ظل تزايد الرقمنة والاعتماد المتزايد على الخدمات الإلكترونية في المعاملات الرسمية وانتقال الوظائف الرئيسية إلى المنصات الرقمية كجزء من رؤية مصر 2030.
وطالب عبد الناصر الحكومة أيضًا بتوضيح الآتي فورًا وبشفافية:
من يتحمل المسؤولية الكاملة عن الخسائر الاقتصادية الفادحة وخسارة الخدمات التي لحقت بالبلاد جراء هذا الحريق؟ من يتحمل العبء الأكبر من الخسائر الناجمة عن إغلاق البورصة المصرية، وتعطل حركة الطيران، وشلل الخدمات المصرفية، وتعطيل الشركات والأفراد في القطاعين العام والخاص؟ هل اتُخذت إجراءات فورية لتعويض المتضررين؟ما هي الإجراءات العملية التي اتخذتها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فور وقوع الحريق؟ هل كانت هناك خطة طوارئ مُسبقة لمثل هذه الحالات، أم أن الدولة لم تمتلك أي احتياطي رقمي في هذه اللحظة الحرجة؟توفر البنية التحتية للنسخ الاحتياطي الرقمي. متى أُجري آخر اختبار فعلي لخطط التعافي من الكوارث، وما هي نتائجه؟ هل استُخدمت أنظمة محاكاة وسيناريوهات تقنية متطورة لضمان مرونة الشبكة؟ إذا لم تُجرَ هذه الاختبارات، فكيف تُبرر الوزارة ذلك؟ وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم تُجْرَ؟هل توجد جهة مستقلة تُراجع بانتظام أمن شبكة الاتصالات الوطنية من الناحيتين الفنية والتشغيلية؟ هل تُراجع معايير التصميم والإدارة بما يتماشى مع التطورات العالمية؟ إذا كانت هذه المراجعات جارية بالفعل، فلماذا لم يُدرك هشاشة وخطورة المركز الحالي قبل الكارثة؟ كم مرة وُجِّهت تحذيرات بشأن انقطاعات متكررة في مقر شركة رمسيس خلال السنوات الأخيرة؟ هل وُجِدَت تقارير فنية تُوصي بتطوير أو نقل أو توزيع أعباء العمل على مراكز بديلة؟ إذا وُجِدَت مثل هذه التقارير، فلماذا لم تُنفَّذ؟ من المسؤول عن تجاهلها أو تأخير تنفيذها؟هل تُلبي السلامة الفنية والهيكلية والكهربائية لمبنى معدات التوزيع المعاييرَ القياسية لمراكز البيانات شديدة الحساسية، أم أنه مجرد مبنى قديم ذي استخدام جديد لم يعد من الممكن تغطيته؟ هل تم تحديث أنظمة الحماية من الحرائق والتبريد مؤخرًا؟ ما تكلفة هذا التحديث؟ متى أُجري آخر فحص شامل للبنية التحتية الكهربائية وأنظمة الحماية من الحرائق؟واختتم عبد الناصر كلمته مؤكدًا أن حجم الخسائر التي تكبدها الاقتصاد المصري وقطاع الخدمات جراء هذا الانقطاع الخطير لا يمكن اعتباره مجرد “حادث”، بل هو إنذار يستدعي دراسة شاملة ووضع رؤية وطنية جديدة لإعادة تصميم منظومة الاتصالات، قائمة على مبادئ التوزيع الجغرافي، وتنوع البدائل، والمرونة التشغيلية، مع مراقبة صارمة للتنفيذ. وذلك لتجنيب البلاد كارثة أشد وطأة في المستقبل، قد تخرج عواقبها عن السيطرة.
اندلع حريق هائل في فندق رمسيس سنترال بالقاهرة، وتصاعدت أعمدة من الدخان الكثيف والأسود من داخل المبنى.
أدى حريق اندلع في سنترال رمسيس بالقاهرة إلى انقطاع مؤقت لخدمات الإنترنت في بعض مناطق العاصمة.