تفاعل كبير على دعوة تركي الفيصل لترامب لتدمير المفاعل النووي الإسرائيلي كما فعل مع إيران

(بي بي سي)
أثار رئيس الاستخبارات السعودية السابق تركي الفيصل جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي بمقال اتهم فيه زعماء الغرب بـ”المعايير المزدوجة” في موقفهم تجاه إيران وإسرائيل وتهديد الأسلحة النووية.
وفي مقال له على موقع الأخبار “ذا ناشيونال”، يقول الفيصل: “لو كنا نعيش في عالم تسود فيه العدالة، لكنا رأينا قاذفات بي-2 الأميركية تمطر مفاعل ديمونا وغيره من المنشآت النووية الإسرائيلية بالقنابل”.
ويضيف: “تمتلك إسرائيل قنابل نووية، وبالتالي فهي تنتهك معاهدة حظر الانتشار النووي. لم توقع على المعاهدة قط لتجنب رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ولا أحد يفتش منشآتها النووية”.
وأوضح أن الذين يبررون “الهجوم الإسرائيلي الأحادي الجانب” على إيران بدعوات القيادة الإيرانية إلى “إبادة” إسرائيل يتجاهلون تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منذ توليه منصبه في عام 1996 ودعواته المتكررة إلى “تدمير الحكومة الإيرانية”.
يقول الفيصل إن “نفاق الدول الغربية ودعمها لإسرائيل في هجومها على إيران كان متوقعًا. كما أنها تدافع عن إسرائيل في هجومها المستمر على فلسطين”، على الرغم من أن بعضها سحب هذا الدعم.
في مقاله، دعا رئيس الاستخبارات السعودية السابق إلى مقارنة العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على روسيا بسبب غزوها الأراضي الأوكرانية، وردّها على أفعال إسرائيل. ويرى أن هذا “يتناقض تناقضًا واضحًا مع المبادئ والقوانين التي ينادي بها الغرب”.
وانتقد الفيصل الضربات الجوية الأميركية على ثلاث منشآت نووية إيرانية واتهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنه “سمح لنفسه بالتورط في عملية تبييض” الهجمات غير القانونية التي شنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على طهران.
خلال حملته الانتخابية، قدّم الرئيس ترامب نفسه كـ”صانع سلام” في العالم. وقد صوّت له على هذا الأساس شريحة كبيرة من الأمريكيين غير الراضين عن الحروب الدائرة في بلادهم. وفي خطاب تنصيبه، وعد بـ”إنهاء جميع الحروب ونشر روح الوحدة بين الأمم والشعوب”.
لكن الحرب، التي وعد بإنهائها خلال 24 ساعة، لم تنتهِ بعد. فالحرب لا تزال مستعرة في غزة. حتى أن الولايات المتحدة تدخلت في حرب جديدة بين إسرائيل وإيران. ومن اللافت للنظر أن واشنطن تتوسط بين إسرائيل وإيران.
أكد رئيس الاستخبارات السعودية السابق أن ترامب تحدى قيادة بلاده بشجاعة خلال غزو العراق قبل أكثر من عقدين. وأضاف أنه يجب عليه اليوم أن يدرك أن للحربين في العراق وأفغانستان عواقب، وأن للحرب في إيران عواقب أيضًا.
وقال إنه لا يفهم المعايير المزدوجة التي يتبعها ترامب عندما يعد بإحلال السلام في الشرق الأوسط، ثم يشن حربا على إيران ويهنئ طهران على ردها على دعوة وقف إطلاق النار، وفي الوقت نفسه يشيد بنتنياهو.
ورداً على هذا الموقف، أعلن تركي الفيصل أنه سيمتنع عن زيارة الولايات المتحدة حتى مغادرة دونالد ترامب البيت الأبيض.
وقال إنه سيتبع خطى والده الملك فيصل الذي رفض زيارة أميركا خلال رئاسة هاري ترومان، متهماً إياه بخرق الوعد الذي قطعه سلفه الرئيس فرانكلين روزفلت عندما ساعد في تأسيس إسرائيل.
يعود الوعد الذي قطعه الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت للملك عبد العزيز بن سعود إلى مذكرة تفاهم وقعها الرجلان خلال اجتماع في 14 فبراير/شباط 1945 على متن السفينة الحربية يو إس إس كوينسي.
تحدث الملك عبد العزيز مع الرئيس روزفلت عن “العرب الفلسطينيين وحقوقهم المشروعة في أرضهم”. ولفت انتباه الرئيس الأمريكي إلى “التهديد الذي يواجهه وجود العرب والأزمة الناجمة عن استمرار هجرة اليهود وشراءهم للأراضي”.
وقال الملك في خطابه: “إن أمل العرب يرتكز على وعد الحلفاء بالشرف وعلى حب العدالة المعروف لدى الولايات المتحدة، والعرب يتطلعون إلى الولايات المتحدة طلباً للدعم”.
فأجاب الرئيس الأمريكي أنه يريد أن يؤكد للملك أنه “لن يفعل شيئًا لدعم اليهود ضد العرب، وأنه لن يفعل شيئًا عدائيًا تجاه العرب”.
إلا أنه خلال فترة رئاسة خليفته، الرئيس هاري ترومان، غيّرت الولايات المتحدة موقفها من الأزمة الفلسطينية. ففي 26 أكتوبر/تشرين الأول 1947، كتب الملك عبد العزيز بن سعود رسالة إلى الرئيس الأمريكي الجديد، أعرب فيها عن قلق الرياض إزاء تغيّر موقف واشنطن.
إن قرار الحكومة الأمريكية بدعم المطالب الصهيونية في فلسطين عملٌ معادٍ للعرب، ويتناقض مع الوعد الذي قطعه لنا الرئيس الراحل روزفلت. كما يتناقض القرار مع مصالح الولايات المتحدة في الدول العربية.
تعقدت العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية خلال رئاسة الرئيس ترومان بسبب الموقف الأمريكي من القضية الفلسطينية. ويُعتقد أن الملك فيصل، الذي كان أميرًا آنذاك، قرر عدم زيارة أمريكا حتى مغادرة ترومان البيت الأبيض.
وقد عبر ابنه تركي الفيصل عن ذلك في مقاله بقوله: “سأتبع خطى والدي الملك فيصل عندما خالف الرئيس هاري ترومان وعد سلفه فرانكلين روزفلت”.
تفاعل العديد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي مع مقال تركي الفيصل. وتراوحت التعليقات بين مؤيد للمقترح، الذي وصفه كثيرون بأنه “شجاع وحكيم”، ومتردد في الإشادة به.
وكتب عماش الحربي على تويتر: “مقال سمو الأمير تركي الفيصل عن مفاعل ديمونا الصهيوني يمثلني ويمثل كل إنسان حر يطالب بالعدل والإنصاف والحرية”.
علق عبد الله بن مفرح الشايع قائلاً: “كان بإمكان ترامب أن يحقق السلام الحقيقي لو أنه منع كلاً من إيران وإسرائيل من امتلاك الأسلحة النووية، وأنهى حرب غزة والمجازر المستمرة بحق الأبرياء. العدالة لا تتجزأ، والسلام لا يُبنى على معايير مزدوجة”.
وتناقضت مها مع مقال تركي الفيصل الذي اعتبرته دفاعاً عن إيران، قائلة: “ما يقوله صحيح، لكن إيران هي العدو الأكبر في المنطقة”.
ولكن برق الخالدي اتخذ وجهة نظر مختلفة، حيث قال في دفاع واضح عن إسرائيل وامتلاكها للأسلحة النووية: “هناك فرق بين دولة ديمقراطية مؤسسية تمتلك أسلحة الدمار الشامل وجماعة عبادة مريضة وكراهية شعاراتها الموت والدمار”.
شهدت العلاقات السعودية الإيرانية مؤخرًا تناغمًا ملحوظًا بعد فترة طويلة من التوتر بسبب الخلافات، لا سيما في الصراع اليمني. تدعم طهران الحوثيين، بينما تدعم الرياض الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.