تقرير خاص: كفر السنابسة تودّع بناتها في يوم حزين.. وعزاء جماعي يتحول إلى مظاهرة غضب ضد “طريق الموت”

منذ 5 ساعات
تقرير خاص: كفر السنابسة تودّع بناتها في يوم حزين.. وعزاء جماعي يتحول إلى مظاهرة غضب ضد “طريق الموت”

في يومٍ يملؤه الحزن والغضب، عمّت قرية كفر السنابسة بمركز المنوفية بمحافظة المنوفية، يوم السبت، حدادًا جماعيًا. ووُدِّعت بنات ضحايا حادث المرور الإقليمي صباح الجمعة، والذي أسفر عن وفاة 19 شخصًا، بينهم 18 فتاة من القرية، وإصابة ثلاثة آخرين.

بعد دفن الجثامين مساء الجمعة في جنازةٍ مأساوية، توافد آلاف المواطنين من مختلف القرى المجاورة إلى شوارع وميادين كفر السنابسة في اليوم التالي لتقديم تعازيهم لأسر الضحايا. لم تشهد القرية مشهدًا كهذا من قبل، ووصفه أحد السكان بأنه “يومٌ أسود لن يُنسى في ذاكرة المنوفية”.

قاد اللواء إبراهيم أبو ليمون، محافظ المنوفية، المعزين إلى خيمة كبيرة في القرية. وكان من بين الحضور الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية السابق، وعدد من الشخصيات البارزة في السياسة والمجتمع والدين، بالإضافة إلى ممثلين عن وزارة الأوقاف ومجلس النواب. وقد غمر الحزن والصدمة المعزين.

في لقائه بأهالي الضحايا، أكد المحافظ أن الدولة لن تتخلى عنهم. وأمر بتقديم الدعم النفسي والطبي للمصابين، وقدم تقريرًا عاجلًا حول مطالب الأهالي بإصلاح الطريق الإقليمي وسلامته.

على هامش الجنازة، تعالت أصوات غاضبة من السكان تطالب بإغلاق الطريق الإقليمي فورًا أو إعادة تصميمه بالكامل. ووصفوه بـ”طريق الموت”، إذ يفتقر إلى أبسط معايير السلامة المرورية، ويتسبب في حوادث متكررة نتيجةً لغياب الرقابة وإهمال الجهات المعنية.

وقال عدد من أهالي الضحايا لـ«الشروق» إن الحادث لم يكن مجرد ضربة حظ، بل نتيجة إهمال مزمن وحوادث انقلاب وتصادم متكررة على نفس الطريق دون أي تدخل حقيقي.

في تقريره، نقلت الشروق شهاداتٍ مؤلمة من عائلات الضحايا وزملائهم. وذكرت إحدى الناجيات أنها كانت تجلس في المقعد الخلفي للحافلة الصغيرة، ولم تلاحظ الحادث إلا عندما استلقت على الأسفلت.

قال زميل آخر للضحايا: “كانوا يعملون لكسب عيشهم. كان لدى كل واحد منهم حلم. كنا جميعًا نسمي هذا الطريق طريق الرعب والموت”.

اتهمت عائلة الضحية، هناء مشرف، سائق الشاحنة بالقيادة تحت تأثير المخدرات. وقالت إن الحادث نتيجة “الإهمال والفوضى”. وطالبت بتقديمه للعدالة، وعدم إفلات دماء الفتيات من العقاب.

وروى محمد جابر والد الطالبة سارة التي كانت في يوم دوامها الثاني، كيف أقنعته ابنته بالسماح لها بالذهاب إلى العمل قبل أن يتلقى خبر وفاتها في السعودية عندما وصل بعد تشييع جنازتها.

حضر الجنازة الجماعية وكيل وزارة الأوقاف، وعدد من شيوخ جامعة الأزهر، وأعضاء مجلس النواب، ورؤساء الوحدات المحلية، الذين أعربوا عن تضامنهم مع أهالي القرية. ودعا ممثلو وزارة الأوقاف للضحايا بالرحمة والصبر والسلوان.

بين التعازي والدموع، والغضب والمطالبات، توحدت أصوات أهالي كفر سنابسة اليوم في رسالة واحدة: “نريد حماية من بقي منا”. لقد خلّف الحادث جرحًا مفتوحًا لن يندمل إلا بإعادة النظر في كل ما يهدد حياة الأبرياء.

وبينما يستكمل مكتب المدعي العام تحقيقه، ينتظر القرويون خطوات ملموسة لضمان أن ما حدث ليس مجرد رقم آخر في قائمة طويلة من ضحايا الإهمال.

وقعت، صباح اليوم الجمعة، حادثة تصادم مروعة على الطريق الإقليمي بمركز أشمون بمحافظة المنوفية، بين سيارة نقل ثقيل وسيارة ميكروباص تقل عدداً من العاملات، أغلبهن من قرية كفر السنابسة بمركز المنوفية.

وأسفر الحادث عن مقتل 19 شخصا، بينهم 18 فتاة تتراوح أعمارهن بين 14 و18 عاما، وإصابة ثلاثة آخرين كانوا في طريقهم إلى العمل.

انتشر الحزن والغضب الشعبي في أرجاء القرية. وطالب العديد من الأهالي بإغلاق الطريق أو إصلاحه، وتوفير وسائل نقل آمنة للعمال المياومين، وخاصةً الفتيات. وأطلقوا على الطريق اسم “طريق الموت” نظرًا لكثرة الحوادث وضعف معايير السلامة.

وتعد هذه الحادثة واحدة من أسوأ حوادث الطرق في السنوات الأخيرة بمحافظة المنوفية، وألقت الضوء مرة أخرى على أزمة الطرق وتشغيل العمالة غير المستقرة، وخاصة في القرى الفقيرة.


شارك