خبير بريطاني: وقف حرب إسرائيل وإيران عملية التقاط أنفاس لا أكثر

استبعد رئيس قسم العلاقات الدولية في كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية في الجامعة اللبنانية حسين غربية، التزام إسرائيل بوقف إطلاق النار.
قال البروفيسور اللبناني البريطاني حسين غربية، يوم الثلاثاء، إن وقف الحرب الإسرائيلية الإيرانية الحالي ليس سوى استراحة مؤقتة بعد أن “انهك الطرفان إلى حد كبير” جراء تبادل الصواريخ. واستبعد التزام تل أبيب بالاتفاق. جاء ذلك في مقابلة أجرتها وكالة الأناضول مع غربية، أستاذ العلاقات الدولية ورئيس قسم العلاقات الدولية في كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارة في الجامعة اللبنانية. وقال غربية إن إيران تعتمد على نفسها في المواجهة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، حيث لا تقدم لها أي من الدول الصديقة مثل الصين وروسيا الدعم العسكري بسبب حساباتها وسياساتها الخارجية. منذ 13 يونيو/حزيران، تشن إسرائيل، بدعم أمريكي، هجمات على منشآت نووية وقواعد صاروخية وقادة عسكريين وعلماء نوويين في إيران. وردّت إيران بشن هجمات بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة على مراكز عسكرية واستخباراتية إسرائيلية، مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من الجانبين. وفي المقابلة، تطرق غربية إلى التناقض بين الروايات الأميركية والإيرانية بشأن الأضرار التي لحقت بالأسلحة النووية الإيرانية، واصفاً الوضع بـ”الضبابي”. واستبعد التزام إسرائيل بوقف إطلاق النار في طهران، وكذلك خرقها للاتفاق مع لبنان بحجة “الاعتداء على كل ما تعتبره تهديداً لأمنها القومي”. أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الثلاثاء، عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، وبعد ساعات قليلة أصدر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بيانا أعلن فيه الموافقة على الاتفاق. وشدد البيان على أن إسرائيل ستواصل إضعاف ومهاجمة كل من يحاول “زعزعة استقرارها وتهديد أمنها القومي”، حسب قوله.
** وقف إطلاق النار “مذهل”
وفيما يتعلق بوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، قال الغربية إن هذا الاتفاق جاء “بعد إرهاق كبير” عانى منه الجانبان بسبب تصاعد الصراع في الأيام الأخيرة. وأضاف: “إن إنهاء الحرب الآن هو عملية أخذ قسط من الراحة، لا أكثر ولا أقل”. وتابع: “إن الهجمات الإيرانية المؤلمة على تل أبيب والدمار الذي أحدثته هناك كان كبيرا لدرجة أن إسرائيل سعت إلى التخفيف من هذا الدمار من خلال وقف إطلاق النار”. في المقابل، وبحسب مصادر غربية، فإن إيران تعاني من “خسائر يومية فادحة للغاية، فضلاً عن نقص الصواريخ الاستراتيجية التي تطلق على إسرائيل”. وتابع: “نرى أن عدد الصواريخ الاستراتيجية يتناقص يومًا بعد يوم. وهذا يدل على أن ترسانة إيران تُفكك تدريجيًا، ولم يتبقَّ منها سوى الصواريخ الصغيرة”. وأعرب عن اعتقاده بأن إيران تعتبر وقف إطلاق النار في مصلحتها من أجل “إعادة بناء ترسانتها العسكرية”. فيما يتعلق بالهجمات على المنشآت النووية الإيرانية، أشار غربية إلى تضارب التقارير حول حجم الأضرار. فبينما تزعم واشنطن أنها نفذت هجمات “ناجحة” على هذه المنشآت، تزعم طهران أنها “نقلت اليورانيوم إلى مواقع سرية”، ما يعني أن قدراتها النووية لم تتضرر. وأضاف في هذا السياق: “الأمور متناقضة للغاية، لكن المؤكد أن الدمار الذي حدث في هذه المفاعلات النووية كبير جداً”. ومع ذلك، تشير التقارير إلى أن القدرات النووية الإيرانية لم تتأثر، إذ إن طهران قادرة على حماية اليورانيوم المخصب ونقله إلى مواقع أخرى، على حد قوله. ومع ذلك، يخشى أن تتعرض توسعة القدرات النووية للخطر بسبب الهجمات الأمريكية على المفاعلات. وفي 23 يونيو/حزيران، صرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت: “نحن على يقين تام من أن المنشآت النووية الإيرانية دمرت بالكامل، ونحن على ثقة تامة بأن المنشآت التي تعرضت للهجوم هي مواقع تخزن فيها إيران اليورانيوم المخصب”.
** هل إسرائيل متورطة؟
واستبعد الأستاذ اللبناني البريطاني التزام إسرائيل بوقف إطلاق النار في إيران، مشيرا إلى انتهاكات إسرائيل المتكررة لاتفاق مماثل مع لبنان. وفي هذا السياق قال: “من الواضح أن إسرائيل واصلت منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 عملياتها للقضاء على محور المقاومة بأكمله، سواء في فلسطين أو لبنان أو سوريا أو اليمن، وصولاً إلى العنصر الرئيسي للمقاومة في إيران”. وأعرب عن اعتقاده بأن إسرائيل ستواصل تنفيذ “هجمات على أهداف معينة في إيران، مثل مواقع إطلاق الصواريخ أو اغتيال شخصيات معينة”. وأكد أن إسرائيل لن تتوقف. وقال: “وهناك أدلة على أن إسرائيل، منذ انتهاء الحرب في لبنان، قصفت مواقع معينة بشكل مستمر، ونفذت اغتيالات، وهاجمت مستودعات أسلحة لحزب الله”. وفي وقت سابق اليوم الثلاثاء، قالت إيران إن إسرائيل واصلت هجماتها حتى الساعة التاسعة صباحا بالتوقيت المحلي بعد إعلان وقف إطلاق النار ودخوله حيز التنفيذ في الساعة السابعة صباحا. في غضون ذلك، قصفت تل أبيب نظام رادار في إيران بعد ظهر الثلاثاء، إثر مزاعم بإطلاق صواريخ على الأراضي الإسرائيلية. ونفت هيئة الأركان العامة الإيرانية هذا الادعاء. وأكد غربية أن إسرائيل تنتهج سياسة “مهاجمة أي شيء تعتبره تهديداً لأمنها”، معرباً عن توقعه بأن تنتهج السياسة نفسها فيما يتعلق بوقف إطلاق النار مع إيران. وأشار إلى أن إسرائيل سعت في العقود الأخيرة إلى تخليص الشرق الأوسط من التهديدات لأمنها القومي بطريقتين: الأولى دبلوماسية وسياسية، من خلال اتفاقيات السلام الخاصة مع مصر والأردن، والثانية عسكرية، من خلال تدمير القدرات العسكرية لكل الأطراف التي تشكل تهديداً، كما حدث مؤخراً مع حماس وحزب الله. ورأى الأكاديمي اللبناني البريطاني أن إسرائيل ستواصل هذه السياسة للقضاء على وإضعاف كل ما من شأنه أن يشكل تهديداً لاستقرارها وأمنها القومي. وعن إمكانية رد طهران على هذه الخروقات، قال إن إيران “أضعف اليوم من ذي قبل، خاصة بعد تقليص نفوذها في المنطقة”.
** حدود الدعم الدولي لإيران
وأضاف غربية: “إن هذه الحرب أوضحت أن الدول الكبرى الصديقة لإيران مثل الصين وروسيا لها أهداف أخرى، ولا تشن حرباً ضد الولايات المتحدة أو إسرائيل من أجل مصلحتها الذاتية”. كان يعتقد أن هذه الدول قد تدعم إيران سياسيًا فقط في مجلس الأمن أو تدين العدوان. وقد تدعم روسيا والصين إيران عسكريًا بتزويدها بأسلحة تُمكّنها من الدفاع عن نفسها ضد العدوان. ومع ذلك، أضاف: “هذه المسألة أيضًا مشروطة أو ضعيفة بسبب السياسات المرتبطة بخيارات أخرى. ففي حالة روسيا، على سبيل المثال، هناك اتفاقيات أمريكية روسية لإنهاء الحرب مع أوكرانيا أو إنهائها”. وأعرب عن قناعته: “إذا تدخلت روسيا وقدمت الدعم العسكري للنظام الإيراني من خلال تزويده بالأسلحة اللازمة، فإن هذا سينقلب ضد النظام في أوكرانيا، وهذا ليس في مصلحة موسكو”. منذ 24 فبراير/شباط 2022، تشن روسيا هجومًا عسكريًا على جارتها أوكرانيا، وتطالب كييف بانسحاب القوات العسكرية الغربية كشرط لإنهاء الهجوم. وتعتبر كييف هذا “تدخلًا” في شؤونها. أما بالنسبة للصين، فيضيف الغربية، “فمنذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لم تتضمن سياستها الخارجية التدخل العسكري في شؤون الدول الأخرى، ولم تشارك في حروب خارجية”. واستبعد “احتمال أن تبدأ الصين مواجهة عسكرية مع إيران أو تتدخل بشكل كبير في الحرب الدائرة”. وعلى هذا الأساس، خلص غربية إلى أن إيران “وحيدة في ساحة المعركة” في المواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة.
**إسقاط النظام الإيراني من الداخل
في ضوء التقارير الإعلامية التي تفيد بأن الولايات المتحدة وإسرائيل تسعيان إلى الإطاحة بالنظام في إيران، لا يستبعد السياسيون الغربيون احتمال أن يكون الجانبان يدعمان الحركات الشعبية الإيرانية لإضعاف النظام وإسقاطه. وفي هذا السياق، قال: “إن إيران ستواجه مشكلة حقيقية في شكل المبادرات الأميركية الإسرائيلية، التي تهدف دائماً إلى زعزعة استقرار الدول التي تحاربها”. وأعرب عن اعتقاده بأن تل أبيب وواشنطن قادرتان على إبقاء “النظام الإيراني تحت السيطرة في مواجهة الاضطرابات الداخلية العديدة”. وفي هذا السياق، أشار إلى إمكانية أن تقوم كل من الحكومة الأميركية وإسرائيل “بدعم المجموعات الداخلية الشعبية المعارضة للنظام الإيراني من أجل حشدها للإطاحة بالنظام”. وأضاف: “لا أعتقد أن هدف إسقاط النظام في إيران قد تم التخلي عنه. ومع ذلك، سيتم السعي لتحقيقه بطرق أخرى. فبدلاً من إسقاط النظام عسكريًا، سيكون هناك دعم للحركات الشعبية لإضعافه وإسقاطه”. في 22 يونيو/حزيران، تساءل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: “لماذا لا يتغير النظام الإيراني الحالي إذا لم يتمكن من استعادة عظمته؟” ويأتي ذلك في الوقت الذي ناقش فيه الرئيس ترامب علناً إمكانية الإطاحة بالحكومة الإيرانية عشية موافقته على سلسلة من الهجمات على ثلاث منشآت نووية إيرانية من شأنها أن تؤدي إلى تصعيد الأعمال العدائية المستمرة في المنطقة. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض ليفيت في وقت لاحق: “إذا لم يختر النظام الإيراني الحل السلمي والدبلوماسي، فلماذا لا ينتزع الشعب الإيراني السلطة من هذا النظام العنيف للغاية؟”